عشرات المنحوتات الجصية النادرة تعرض أمام الجمهور في متحف تدمر

اكتشفها فريق أثري سوري ـ فرنسي مشترك قرب نبع أفقا

من معروضات الزخارف الجصية في متحف تدمر («الشرق الأوسط»)
TT

افتتحت في متحف تدمر الوطني في قلب البادية السورية قاعة جديدة لعرض مجموعة من الزخارف الجصية المكتشفة بالقرب من نبع أفقا في الواحة التدمرية. وقالت مصادر مديرية الآثار والمتاحف السورية إن المكتشفات الجصية تمت من قبل البعثة السورية ـ الفرنسية المشتركة وتعود للعصر الروماني، وكانت قد اكتشفت في عام 1975 في موقع فندق الميريديان لكنها لم تلق آنذاك الانتباه التي تستحقه باستثناء بعض القطع المهمة كرؤوس وأقنعة المسرح التي عرضت في معارض عالمية. وفي بداية عام 2004 قام فريق سوري فرنسي مشترك من مديرية الآثار السورية ومن المركز الوطني للبحوث العلمية في فرنسا بدراسة جميع القطع وترميمها ضمن سياقها المعماري الأصلي، وخصصت قاعة جديدة في متحف تدمر لعرض هذه الجصيات بتمويل سوري فرنسي، وقد أدت الحفريات الإنقاذية التي قام بها مدير آثار تدمر السابق خالد أسعد إلى استعادة عدد كبير جدا من العناصر التزيينية الجصية، وبالتالي فإن إبرازها وعرضها يساعد على فهم وتقدير سمة مميزة جدا في الفن التدمري تنطوي على أن الزخارف الجصية فرضت نفسها كعنصر فني أساسي في الشرق الأوسط.

وتمثل هذه الجصيات الاستثنائية بعناصرها المعمارية والمصورة، كما تقول مصادر دائرة آثار تدمر، شواهد غاية في الأهمية على فن النحت التدمري في القرنين الثاني والثالث الميلاديين وقد زينت هذه الجصيات قاعة أو عدة قاعات في مبنى تاريخي قريب من نبع أفقا. ومع أن وظيفة هذا المبنى لم تحدد إلا أن مجموع المعطيات المتوفرة وغزارة التزيينات الموجودة داخله يمكن أن ترشد إلى أنه مبنى عام أو يحمل صفة عقائدية دينية. ومن الجصيات المكتشفة التي عرضت بعد ترميمها كان هناك المساند الكبيرة التزيينية وليست الحاملة للأشياء في البناء كما هي عادة المساند، وهناك أواني المآدب والأضاحي ودنان لمزج المشروبات على شكل أجراس وكؤوس مزخرفة بأوراق وأقداح مقدسة صدفية الشكل. وهناك آنية «السكيفوس» وهي آنية للشرب مشغولة بالفضة غالبا، وتعتبر من النمط الفاخر الذي يستخدم في المآدب. وكانت العروتان المزخرفتان والحواف المرصعة والهامش الذي يظهر مرافقة للإله ديونيزوس. إلى اليسار قناع لساتير (رب خرافي) صغير وإلى اليمين امرأة يفصل بينهما بعض الأدوات المستعملة بالطقوس كالمشعل والطبل. ومن المعروضات أيضا العديد من الكسر الجصية التي تمثل مشاهد إنسانية وحيوانية وأشكالا منفردة كثمرة الصنوبر بعضها قليل النتوء والبعض الآخر شديد النتوء وهي تدل علميا على غنى الزخارف التي تشمل دون شك أفاريز ومشاهد مصورة وتماثيل صغيرة. وهناك أيضا المسامير الجصية وهي عبارة عن أشكال زخرفية ذات خلفية ملساء صنعت بواسطة القالب وذهبت بورق الذهب وزودت بمسامير للتثبيت وتأخذ هذه الزخارف أشكالا مختلفة مثل أزرار دائرية وصفائح مزخرفة بالسعف وأوراق نباتات الأقنثة وزخرف زهري مربع الشكل وزهرة ذات 4 أو 8 بتلات.