إعادة افتتاح مسرح بولشوي متعثرة بسبب أعمال تجديد عملاقة

عمره 150 عاما.. وشكل مفخرة للثقافة الروسية على اختلاف الأنظمة الحاكمة

عند الانتهاء من التجديد سيقدم العمل الأوبرالي «رسلان وليودميلا» لميخائيل غلينكا الذي عمل عليه ألكسندر فيديرنيكوف في عام 2003 (أ.ف.ب)
TT

تأخرت إعادة افتتاح مسرح بولشوي ذائع الصيت في موسكو، الذي كان أقفل في عام 2005 من أجل إخضاعه لعملية تجديد طموحة، في حين ازدادت الانتقادات الموجهة لسير الأعمال، واستقال المدير الفني للمسرح. واستقال ألكسندر فيديرنيكوف الذي يشغل منذ عام 2001 منصب قائد الأوركسترا الرئيسي في مسرح بولشوي، بعد اعتراضه على الإدارة الفنية وعلى تأخير الأعمال.

وقال فيديرنيكوف «يتراءى لي أن إعادة البناء حادت عن الخطة الأساسية (..) قررت أن أبتعد إلى أقصى حد ممكن».

وبعد أن تأجلت إعادة افتتاح المسرح العريق مرات عدة، تم تحديد موعد ثان لها في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2011 على أن يقدم عندها العمل الأوبرالي «رسلان وليودميلا» لميخائيل غلينكا الذي عمل عليه ألكسندر فيديرنيكوف في عام 2003، وأعاده إلى توزيعه الأساسي.

ولطالما شكل مسرح بولشوي مفخرة الثقافة الروسية على اختلاف الأنظمة التي توالت على البلد، وهو بني قبل ما يزيد على مائة وخمسين عاما على بعد أمتار من الساحة الحمراء وكان في وضع سيئ عند غلقه.

حيث فقد الصوت الكثير من جودته في صالة العرض الرائعة، حيث يتباين المخمل القرمزي مع الكسوات الخشبية المذهبة وثريات الكريستال البراقة، بعد بناء المترو في ثلاثينات القرن الماضي. ولم يكن ثمة إمكان لاستضافة العروض الكبيرة المعروفة عالميا خلال عقود بسبب حال الخشبة والخشبة الخلفية حيث كانت تبنى الديكورات يدويا.

وتهدف أعمال الترميم خصوصا إلى تعزيز دعائم المبنى التي تعرضت للتآكل مع مرور الوقت وإلى خلق مساحة سفلية واسعة من أربعة مستويات من أجل غرف الملابس والمقاصف.

وفي عام 2004، في حقبة كانت خلالها الدولارات النفطية تتدفق بغزارة، قرر الكرملين ترميم المسرح وقدرت كلفة هذا المشروع آنذاك بسبعمائة مليون دولار على أن يبدأ في منتصف عام 2005.

وخلال أربع سنوات من الأشغال، التي كان مفترضا أن تنتهي خلال ثلاثة أعوام، أنفقت الدولة 15.6 مليار روبية، أي ما يعادل خمسمائة مليون دولار، على ما يقول ليوبوف بوشويفا لوكالة الصحافة الفرنسية، وهو المتحدث باسم هذه الورشة التي تضم ألفي عامل. وعن النفقات، كتبت أسبوعية «إيتوغي» الأسبوع الماضي، «في الواقع، تعد قيمة النفقات من أسرار الدولة، في حين لم تنجز سوى الأساسات الجديدة وبعض الأعمال». ولا تبدو الأشغال متقنة على ما قال نحو عشرة من المهندسين الروس المعروفين الذين رفعوا شكوى إلى السلطات، ومن بينهم نائب رئيس الأكاديمية الروسية للهندسة والبناء فياتشيسلاف الييتشيف. ولم تستطع اللجنة الوزارية التي أنشأها الكرملين في مايو (أيار) لمراقبة الأعمال وقف تدفق الانتقادات من كل صوب. وفي مطلع يوليو (تموز)، التحق رئيس بلدية موسكو يوري لوجكوف بمنتقدي المشروع، بعد أن أقصي المقربون منه عن الورشة فلفت علنا إلى «المخاطر الكبيرة على صعيد متانة مبنى المسرح».

وأكد الخبير اليكساي كليمينكو، مستشار كبير مهندسي موسكو، أن «البولشوي ضحية الغياب التام للرقابة فضلا عن الفساد المستشري (..) لا ريب في أنه تم اختلاس الأموال الضخمة التي رصدت له». ويعتبر الخبير أنه «يتم بناء نسخة مشوهة مكان معلم تاريخي»، وهي نسخة مشوهة جديدة بعد ترميم عدد من المسارح والمباني القديمة في موسكو والتي لم يتم الاحتفاظ سوى بواجهتها التاريخية، حسب الخبير.

«إن ما يحدث على صعيد مسرح بولشوي يسمى تزييفا في اللغة القانونية»، حسب تعبير المهندس نيكيتا شانغين، وهو المسؤول الأسبق عن الورشة، الذي قدم استقالته قبل ستة شهور معترضا على «عدم احترام المشروع الأساسي»، كما قال لوكالة الصحافة اففرنسية.