الجزائر: إقبال غير مسبوق على مكيفات الهواء.. ولو بالاقتراض

السلطات تخصص أرقام هواتف خاصة لإسعاف المسنين بسبب الحر

جزائريان يريدان شراء مكيف هواء في محل بالعاصمة الجزائرية («الشرق الأوسط»)
TT

تعرف 37 ولاية بالجزائر من أصل 48 موجة حر شديدة دفعت المئات من الأشخاص إلى الاستفادة من أنظمة اقتراض، لشراء المكيفات الحديثة من المحلات والأسواق الشعبية. وتشهد شواطئ البلاد إقبالا غير مسبوق للهاربين من الحر، فيما وضعت وزارة الصحة أرقام هواتف خاصة بالإسعاف تحت تصرف المسنين والمصابين بأمراض التنفس، للاتصال في حال وقوع طارئ صحي.

وأعلن «ديوان الأرصاد الجوية» عن ارتفاع قياسي في درجة الحرارة بدءا من اليوم، بمناطق الشمال والمناطق الداخلية حيث ستتجاوز الـ40 بالعاصمة والمدن المطلة على البحر الأبيض المتوسط، فيما تقارب الـ47 في مناطق الداخل التي تسمى بوابة الصحراء مثل الجلفة (300 كلم جنوبا) والأغواط (500 كلم جنوبا) وبسكرة (400 كلم جنوبا).

وعرفت محلات بيع مكيفات الهواء منذ الأسبوع الثاني من يوليو (تموز) الجاري إقبالا مكثفا من طرف الأشخاص الذين يبحثون عن توفير مناخ منعش في بيوتهم، لمواجهة موجة الحر التي لم تعرفها الجزائر منذ 10 سنوات، بحسب مهندسين يشتغلون بـ«ديوان الأرصاد الجوية». وتقدم المحلات تسهيلات مريحة للزبائن المدعوين إلى دفع ربع مبلغ المكيف على أن يسددوا بقية الأقساط في ظرف ستة أشهر. وقال إطار متوسط الدخل يعمل بمؤسسة خاصة، التقته «الشرق الأوسط» بسوق العلمة شرق البلاد، إن ارتفاع درجة الحرارة «فرصة شجعتني على شراء مكيف الهواء الذي أصبح ضروريا في البيت مثل الثلاجة، كما أنه ليس أقل أهمية من مكيف السيارة». ويعرف الفضاء التجاري الضخم بالعلمة بـ«سوق دبي»، كناية عن السوق الحرة بإمارة دبي، وهو مقصد الجزائريين من كل المناطق لسببين: أولهما أنه يتوفر على كل أنواع البضائع، وثانيهما أن أسعارها منخفضة قياسا بأسعار السلع في المحلات. فإذا كان المكيف متوسط القوة يباع في العاصمة بـ40 ألف دينار (نحو 500 دولار أميركي)، يقترحه تجار العلمة على الزبائن بـ30 ألف مثلا (400 دولار). وإذا كان المكيف كبير الحجم معروضا في سوق الحميز الشهير الذي يقع بالضاحية الشرقية للعاصمة بثمن 60 ألف دينار، يجده الزبون في «سوق دبي» بـ54 ألف دينار. وينطبق الأمر على كل المنتجات الأخرى، فلا غرابة أن يقبل عليها التجار من كل المناطق. وفي الغالب يغير الكثير من تجار سوق العلمة نشاطهم عندما يحل الصيف، حيث ينتقلون إلى بيع المكيفات والثلاجات. وذكر رب أسرة كان مرفوقا بابنه بسوق الحميز، أنه جاء من مدينة تيزي وزو، كبرى مناطق القبائل (110 كلم شرق العاصمة) لشراء مكيف تحت إلحاح وضغط أفراد الأسرة. وأشار إلى أن الحرائق التي نشبت في الغابات التي تعلو المدينة جعلت المناخ بها لا يطاق، وأضاف: «اضطررت إلى الاقتراض من زميلي في العمل مبلغا لشراء المكيف، بعد أن مارس علي أولادي ضغطا رهيبا بحيث لم يعد البقاء في البيت ممكنا بسبب اللهيب المنبعث من الغابة المشتعلة». ويقول نفس الشخص إن البيت الذي يسكنه والسيارة التي يتنقل بها حصلا عليهما بفضل قرضين من البنك ومن الشركة التي يشتغل بها، ويخشى كما قال أن يعجز عن تسديد كل ديونه. ويتوقع أن يزداد الإقبال على مكيف الهواء في الولايات التي اشتعلت النيران في غاباتها خلال اليومين الماضيين. وجاء في تقرير صادر عن المديرية العامة للغابات أن 401 حريق شب بين 18 و24 يوليو (تموز) في كامل تراب الجزائر، أي بمعدل 57 بؤرة حريق يوميا. والتهمت ألسنة اللهب، حسب التقرير، نحو 4500 هكتار في 37 ولاية، ويعود السبب إلى ارتفاع موجات الحر أساسا. وناشدت مديرية الغابات سكان المناطق التي اجتاحتها النيران مساعدة رجال الدفاع المدني للحيلولة دون اتساع رقعتها.