القرصنة «البيضاء» تنتشر في العالم العربي

احتلال موقع جامعة الإسكندرية الإلكتروني.. ووقف عمل موقع إسرائيلي للأخبار العربية

TT

يبدو أن موسم الصيف والإجازات هو الوقت الأفضل للقرصنة، حيث تمكن شاب مصري من اختراق الموقع الرسمي لجامعة الإسكندرية (http://www.alex.edu.eg) يوم الخميس الماضي، واستطاع الوصول إلى ملفات مالية مهمة خاصة بالجامعة، وكتب رسالة إصلاحية حادة مكونة من 1600 كلمة ووضعها الموقع، ينتقد فيها النظام التعليمي وحالة الأمن الرقمي في مصر. كما استطاعت مجموعة عربية احتلال موقع يقدم أخبارا إسرائيلية وغربية باللغة العربية ويعبر عن وجهة نظر إسرائيلية حول الكثير من الأمور، وتغيير صفحته الرئيسية وإضافة صور وعبارات تعبر عن آرائهم السياسية. ويذكر أن موقع «تويتر» كان قد تعرض الشهر الماضي إلى اختراق نجم عنه تسريب وثائق سرية للشركة منها خططها المستقبلية وأرقام بطاقات ائتمان بعض الموظفين، وإرسالها إلى مواقع تقنية متخصصة. وقد دعا الموقع الجميع إلى توخي الحذر الشديد عند اختيار كلمات سر خاصة بأعمالهم.

وبالنسبة إلى حادثة جامعة الإسكندرية، فقد بقيت رسالة القرصان على الموقع الرسمي للجامعة لمدة 3 ساعات قبل أن يكتشفها طلاب أرادوا معرفة نتائج امتحاناتهم عبر الإنترنت، ليغلق الموقع كاملا لعدة أيام. ويعد هذا الاختراق أكبر اختراق في مصر. ومن العبارات التي كُتبت على الموقع: «هويتي ليست مهمة لأي شخص، وأتمنى أن تتفهموا بأنني ليس شخصا يحب إلحاق الضرر بالآخرين على الإطلاق، ولكنني مللت من كل شيء من حولي، وللأسف لا أحد ينصت، ولذلك فكرت أن أقوم بهذا العمل، ومن المفترض أن ينصتوا لي الآن.. وقمت بهذا العمل لأبرهن للجميع بأن معظمكم هو مجرد سترة تسير عبثا ولا تريد سوى جني الكثير من المال وتطوير سياراتها. وبصدق، فإن هذه العملية ليست هجوما شخصيا، ولكنها برهان كافٍ لضرورة التوقف عن طلب الشهادات الباهرة عوضا عن توظيف الشبان الذين يعرفون ما يقومون به... وبما أنه لا يوجد أحد يريد الاستفادة من خبراتي لأنه لا يوجد لدي شهادات باهرة، قررت أن أفعل شيئا لمصلحة مصر». ويسخر الشاب من مستوى الأمن المعلوماتي، ويقول إن اختراق النظام الرئيسي لم يستغرق منه سوى شهر واحد فقط، وينصح الشركات المصرية بتوظيف القراصنة عوضا عن استخدام شركات أمن المعلومات: «تحتاجون إلى قرصان إن أردتم الأمن لأعمالكم، شاب يعرف ما الذي يفعله، شاب يعرف بالتحديد كيف تحدث الاختراقات، وكيف يمكن حماية شبكته من الاختراقات». وقدم الشاب بعض النصائح للشركات: «لا ترسلوا كلمات السر عبر البريد الإلكتروني (هذه ثغرة أمنية كبيرة)».

ووفقا لتصنيف خبراء أمن المعلومات، فإن مقياس هذه الهجمة يعتبر من الدرجة الثانية، حيث إن الدرجة الثالثة هي الأشد والأكثر تعقيدا. هذا وتنتشر الهجمات من الدرجة الأولى بكثرة في مصر، ويصنف القراصنة وفق دوافعهم وطبعهم، حيث إن «القراصنة السود» يسعون إلى سرقة المعلومات المالية، مثل أرقام بطاقات الائتمان أو هوية الضحية، ولكن «القراصنة البيض» يعتبرون مجرد ناشطين تقنيين لا يستخدمون مهاراتهم الكومبيوترية للتخريب، بل للتعبير عن مواقفهم السياسية أو الاجتماعية. ولأن الوقت المستغرق في هذه العملية كان ليس مجرد دقائق، فإنه من المرجح أن يكون القرصان قد عمل على اختراق النظام من خارج الجامعة نفسها، ذلك أن غالبية نظم الأمن تسجيل رقم الكومبيوتر المتصل والذي يحاول الاختراق، ولو كان الجهاز موجودا في الجامعة لعُرف مكانه فورا وأُلقي القبض على الشاب في أثناء عمله. ويزيد هذا الأمر من خطورة الموقف، ذلك أنه بإمكان أي شخص ذي قدرات جيدة في القرصنة اختراق موقع الجامعة، ناهيك عن احتمال وصوله إلى قاعدة بيانات طلاب الجامعة وتعديل نتائج الامتحانات.

وهاجم القرصان «الإصلاحي» شركة «مايكروسوفت» بقوله: «لا ترغموني على البدء بالحديث عن الاستخدام الواسع لمنتجات مايكروسوفت، وعن وجودها في نظامنا التعليمي، مثل تقديمها الدروس التعليمية والمناهج وبرامج الأمن الموجودة على الأجهزة في المدارس والجامعات. يكفي يا جماعة، يكفي جنْيا للمال من تحت الطاولات». وتجدر الإشارة إلى أن «مايكروسوفت» كانت قد عقدت صفقات عديدة مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات المصرية، وخصوصا في قطاع التعليم. وأرفق الشاب ملف جداول حسابات حصل عليه من النظام يعرض النفقات التقنية للجامعة، حيث يفيد التقرير بوجود ميزانية بلغت نحو مليار جنية مصري مخصصة للرواتب والمعدات وتطبيقات النشاطات، مع صرف نحو 824.2 مليون جنيه في الفترة الممتدة بين «أكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول) 2008»، ويضيف: «ما يزعجني في هذا الأمر أن الصفوف لم تحصل على جزء من هذا المبلغ، حتى لاستبدال الكراسي التي اشترتها الجامعة في عام 1901».

هذا وهاجمت مجموعة وقّعت باسم «محبو غزة» في وقت لاحق من شهر مايو (أيار) الماضي موقع «إنفو العرب» (http://infoelarab.org) المتخصص في نشر الأخبار الإسرائيلية والغربية ومحاولة إيصال وجهة النظر الإسرائيلية إلى العرب. ووضعت المجموعة صورة شخص عربي يحمل سلاحا، مع نص يشير إلى أن طاقم عمل الموقع هم «أولاد القردة والخنازير». ويدير الموقع السفير الإسرائيلي السابق في مصر ومركز القدس للعلاقات العامة، وأكد السفير السابق بأن الموقع يتعرض يوميا للعديد من الهجمات الصغيرة، مثل محاولات وقف النظام عن طريق إرسال أعداد كبيرة من رسائل البريد الإلكتروني في آن واحد.