معرض ينفض الغبار عن الإصدارات الأولى لـ10 آلاف صحيفة سعودية وعربية

صاحبه مستعد لشراء أي إصدار قديم.. وبعض الوثائق يعود تاريخها إلى 150 عاما

مجموعة من رواد المعرض خلال جولة على أقدم إصدارات الصحافة السعودية
TT

أسدل الستار أخيرا عن معرض تراثي مقام على أراضي مدينة البكيرية في منطقة القصيم، أقل ما يمكن أن يقال عنه، أنه استطاع نفض الغبار عن الإصدارات الأولى للصحف السعودية والعربية، والتي يعود تأريخ أقدمها إلى 150 عاما.

ويجسد المعرض، الذي يعتبر نتيجة جهد استمر لنحو ربع قرن للباحث السعودي علي الدبيخي وهو صاحب ديوان التراث والثقافة، مرحلة البدايات في الصحافة السعودية، بما في ذلك مرحلة صحافة الأفراد، التي لم يبق لها وجود في هذه الأيام.

ويرصد المعرض، مرحلة تاريخية للصحافة العربية، تمتد من عام 1859 إلى عام 2009. يقول صاحب المعرض لـ«الشرق الأوسط»، إن معرضه اشتمل على أوائل المطبوعات السعودية والعربية، وخصص قسما فيه لصحف صدرت احتجبت عن الصدور.

وتعتبر المطبوعات اليمنية، هي الأقدم لناحية رصد الباحث الدبيخي، والتي يعود تأريخ طباعتها لعام (1289هـ، 1872م)، وهو التأريخ الذي شهد طباعة صحيفة «اليمن»، و«صنعاء»، و«نداء الجنوب»، وغيرها من الصحف اليمنية.

ويشير الدبيخي، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، أنه بدأ بجمع هذه الصحف قبل أكثر من 25 عاما، وتحديدا في عام (1399هـ، 1979م).

وتحدث الدبيخي عن الصعوبات التي تواجهه في تأمين النسخ القديمة للصحف السعودية والعربية، مشيرا إلى أنه جند فريقا متفرغا قوامه 4 رجال، لهذه المهمة، موزعين جغرافيا داخل البلاد وخارجها.

ويقول الباحث والمؤرخ السعودي، إن معرض الصحافة السعودية والعربية يتكون من 3 فروع؛ خصص أحدها للصحافة السعودية التي عاصرت الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود.

ونتيجة جهد، استمر ربع قرن من الزمان، في البحث والجمع، أصبح لدى الباحث الدبيخي، أكثر من 10 آلاف مطبوعة بأعدادها الأولية، على حد قوله.

وتعتبر صحيفة «أم القرى»، هي أقدم الصحف السعودية، حيث صدر العدد الأول منها في عام (1343هـ، 1925م)، وذلك في مكة المكرمة.

وتأتي صحيفة «البلاد»، ثانيا في الترتيب، حيث صدر عددها الأول في عام (1350هـ، 1931م)، تلتها صحيفة «المدينة» بـ6 سنوات، والتي صدر عددها الأول في عام (1356هـ، 1937م).

ويوضح علي الدبيخي، أن قرابة 6 صحف سعودية، عاصرت الملك الراحل سعود بن عبد العزيز بن عبد الرحمن، حيث جاءت عمليات صدورها بشكل متقارب، وولدت مجملها في غضون 5 سنوات.

وجاء في مقدمة الصحف التي عاصرت الملك سعود، جريدة «أخبار الظهران»، والتي صدرت في عام (1374هـ، 1955م)، تلتها في الصدور صحيفتا «حراء» و«جريدة الأضواء»، في عام (1376هـ، 1957م)، فجريدة «عرفات» الصادرة في (1377هـ، 1958م)، أعقبتها صحيفتا «قريش» و«القصيم»، اللتان صدرتا في عام (1379هـ، 1960م).

وكان الدبيخي، يجذب زوار المعرض، بترويجه بأنه يحوي صحفا لم يسمع بها الشخص أو يشاهدها في حياته، حيث كان بهذا يشير إلى بعض الإصدارات الصحافية التي رافقت فترة الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن، وغيره من الملوك السعوديين، إضافة إلى ما رمز إليها بـ«الفترة الحجازية»، والتي قال إنها شهدت صدور 7 صحف؛ هي: القبلة، الحجاز، صوت الحجاز، بريد الحجاز، حجاز، الفلاح، والإصلاح.

وتعتبر صحيفة حجاز، والتي ظهرت في الفترة الحجازية، هي أحدث الإصدارات التي حصل عليها الدبيخي، وقد دفع نظير حصوله عليها مبلغ 7500 ريال، وهو أعلى مبلغ يقدمه خلال رحلة جمع بقايا الأعداد الأولية للصحف السعودية والعربية.

وعن قصة صحيفة حجاز، يشير الباحث، إلى أن أحد معاونيه، عثر عليها، خلال مرحلة التوسعة الأخيرة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، للحرم المكي، وهي صحيفة صدرت باللغتين التركية والعربية، ويعود تأريخها لعام (1333هـ، 1915م).

وحظيت صحيفة «الشرق الأوسط» بتواجد في معرض الصحافة السعودية، حيث استطاع الباحث أن يحصل على عددها الـ39، أي بعد شهر و9 أيام من بداية صدورها في عام 1978، كما أن المعرض يستعرض أيضا بدايات صحف سعودية كـ«الجزيرة، والرياض، وعكاظ».

وفي قسميه الآخرين، توقف معرض الصحافة العربية، عند التجربة المصرية، وصحفها التي بدأت بالصدور منذ عام (1293هـ، 1876م)، والتي كان في مقدمتها: الأهرام، الفنون، آخر لحظة، كوكب الشرق، المقطم، والمنتظر، كما حوى المعرض مجموعة من إصدارات الصحف العربية المتصلة بلبنان وفلسطين وسورية والأردن، وليبيا، وتونس، والمغرب والجزائر.

ويتوزع فريق البحث، الذي يتبع للباحث علي الدبيخي، في كل 3 مناطق سعودية، هي: مكة المكرمة، المنطقة الشرقية، القصيم، بالإضافة إلى مصر.

ويبدي الباحث أمله، في أن يتمكن من إقامة هذا المعرض في أكثر من مدينة سعودية. يقول «كنت أحبذ أن أقيمه خارج منطقة القصيم في البداية، وذلك بحثا عن أكبر قدر من المرتادين والمهتمين». وطبقا للدبيخي، فإنه يعلق آمالا عريضة على مشاركة مرتقبة في المهرجان الوطني للتراث والثقافة في نسخته المقبلة، حيث سيبدأ باتصالات مع المسؤولين عن المهرجان بعد شهر رمضان المبارك.