أوركسترا «ديوان الشرق والغرب» تحتفل بالذكرى العاشرة لتأسيسها

المايسترو الإسرائيلي دانيال بارنبويم: الفرقة تضم 10 آلاف رأي سياسي

في عام 1999 أسس الإسرائيلي دانيال بارنبويم والمفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد أوركسترا يضم مجموعة من الشباب العرب والإسرائيليين بغية التقريب بينهم عن طريق الموسيقى الكلاسيكية (إ.ب.أ)
TT

قام عازفون شباب إسرائيليون وعرب بتمارين موسيقية في الأندلس بقيادة قائد الأوركسترا دانيال بارنبويم استعدادا لجولة بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس «ويست إيست ديفان أوركسترا».

وقال بارنبويم في ختام تمارين شارك فيها مائة وثلاثة عازفين لبضعة أيام في بيلاس قرب مدينة إشبيلية (جنوب) كما تسري العادة سنويا: «أصبحت هذه الأوركسترا مشهورة في أوروبا. فقد أضحت البديل للنظر إلى النزاع في الشرق الأوسط».

ويقول قائد الأوركسترا من «مقر بيلاس» (جنوب إسبانيا) حيث يتمرن 103 موسيقيين تمهيدا لبدء جولة أوروبية بمناسبة الذكرى العاشرة لإطلاق الفرقة: «لا يتبنى الأوركسترا خطا سياسيا مشتركا، وإنما يضم عشرة آلاف رأي سياسي».

تلقف وجهات نظر الآخر عن طريق «الاحترام» و«الفضول»، هذا هو منطلق التعايش الذي ينادي به دانيال بارنبويم أمام أعضاء أوركسترا ديوان الشرق والغرب.

وهذه السنة يشارك 37 إسرائيليا و42 عربيا (فلسطينيون وسوريون ولبنانيون وأردنيون ومصريون) إضافة إلى تركيين وإيرانيين وعشرين إسبانيا في الجولة الأوروبية.

وعشية انطلاق هذه الجولة، يحتدم الجدل وتدور نقاشات حامية في حديقة المنزل حيث يقوم عدد من العازفين بتزيين لافتة ستُستخدم في معرض في برلين في ذكرى سقوط الجدار.

ورسم أحدهم الجدار الذي بناه الإسرائيليون في الضفة الغربية. وأضاف الفلسطيني رمزي أبو رضوان عبارة «على جدار الفصل أن يسقط» ما أثار غضب أحد الإسرائيليين.

وعلى الفور يسارع «المايسترو» كما يسميه تلاميذه، إلى تهدئة الخواطر. وتساءل بارنبويم وهو يدخن سيجاره: «هناك دائما نقاشات حامية. إنهم أشخاص يعيشون في دول معادية، فكيف يتفق سوري مع إسرائيلي؟».

من ناحيته، يرى رمزي أبو رضوان الذي وُلد قبل ثلاثين عاما في مخيم للاجئين في رام الله أن «قسما كبيرا من الإسرائيليين غير منفتحين ويتمسكون بأفكارهم». وقال رمزي بالفرنسية: «إني هنا لأنقل رسالتي وأقول إن ما تفعله دولتكم في فلسطين سيئ». وأكد أن هذا الموضوع «لا يناقش كفاية».

وقال عازف الكمان الإسرائيلي عساف ماعوز (30 سنة) إن «مشروع أوركسترا ديفان نجح»، مضيفا: «عندما انتقلت إلى برلين قمت بذلك مع إسرائيلي آخر ومصري من أعضاء الأوركسترا»، وأضاف: «لا ينظر أحدنا إلى الآخر كعدو. نعتبر أنفسنا عازفين يريد كل واحد منا أن يكتشف الآخر. إني إسرائيلي وأجهل كل شيء عن اللبنانيين والسوريين. لا نتفق دائما لكننا يصغي بعضنا إلى بعض».

وقال اللبناني نسيب أحمدية (32 سنة) الذي انضم إلى الأوركسترا قبل تسع سنوات إنه «السبيل الوحيد لأكون مع أشخاص أشاطرهم مستقبل المنطقة. للأسف في العالم العربي ليس هناك اتصالات كثيرة بين الدول».

في عام 1999 أسس دانيال بارنبويم الذي وُلد في بيونس أيرس لوالدين يهوديين من أصول روسية بالاشتراك مع أستاذ الأدب المقارن الفلسطيني إدوارد سعيد الذي توفي عام 2003، أوركسترا تضم مجموعة من الشباب العرب والإسرائيليين بغية التقريب بينهم عن طريق الموسيقى الكلاسيكية.

ويضيف في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية: «في إطار هذا المشروع، يحق للجميع التعبير عن رأيهم، لا نتوقع أن نقتنع بوجهات نظر الآخر، لكن أن يتمتع كل شخص بفضول للاهتمام بمنطق وجهة النظر المختلفة». بالنسبة إلى «المايسترو» كما يسميه الموسيقيون العاملون معه يمر «أساس كل شيء» من طريق واحدة وهي أن «يفهم كل شخص أن فكر الآخر يستند إلى منطق خاص، وينبغي له احترامه».

ولا تخلو يوميات الأوركسترا من مشاجرة صاخبة هنا وهناك، إلا أن بارنبويم يقول: «أنجزنا تقدما كبيرا». وفي دليل على ذلك يروي حدثا يعتبره «انتصارا» متحدثا عن الجولة التي بدأت في يناير (كانون الثاني) في خضم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وجمع آنذاك بارنبويم الموسيقيين ليقرروا ما إذا كانوا يريدون المضي في الجولة.

ويقص ما جرى: «ظننت أني سأجد الإسرائيليين في جهة والفلسطينيين في الجهة المقابلة، غير أن الجميع كان متحدا. كان هذا الوعي المشترك الانتصار الذي حققه الديوان».

قادتهم هذه «الروح» إلى إصدار إعلان مشترك خلال العملية التي استهدفت القطاع وخلال الحرب التي اندلعت بين إسرائيل ولبنان في صيف عام 2006. يقول بارنبويم إن ثمة «موسيقيين كثرا لم يكترثوا» للبعد الإنساني للمشروع، غير أن ذلك لا يمنعه من تقديم تقييم إيجابي للسنوات العشر الماضية. ويقول: «على المستوى الموسيقي، عزفنا أصعب المقطوعات الموسيقية وفي أهم الأماكن في العالم»، فضلا عن أن «الأوركسترا صارت أسطورة في أوروبا، بعدما سمحت ببزوغ نمط تفكير بديل في شأن هذا الصراع».

يتذكر أيضا حفل رام الله الموسيقي في عام 2005 موضحا أن «الذهاب إلى فلسطين، إلى الأراضي المحتلة برفقة فنانين سوريين وإسرائيليين ولبنانيين وأردنيين ومصريين شكّل حدثا تاريخيا» وأصبح ممكنا «بفضل رؤية الحكومة الإسبانية التي منحت جميع الموسيقيين جوازات سفر دبلوماسية إسبانية».