المخرج إبراهيم لطيف يضفي النكهة الكوميدية على السينما التونسية

بعد غياب أكثر من 20 عاما

المخرج إبراهيم لطيف وملصق فيلم «7 شارع الحبيب بورقيبة» («الشرق الأوسط»)
TT

أعاد المخرج التونسي الشاب إبراهيم لطيف بفيلمه «سيني شيتا، أو 7 شارع الحبيب بورقيبة» الروح الكوميدية للسينما التونسية، بعد غياب لأكثر من 20 عاما. ويشارك الفيلم، الذي حاز إعجاب النقاد والصحافيين، في المسابقة الرسمية لمهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي الـ25.

وقال إبراهيم لطيف لـ«الشرق الأوسط»: «لجأت للكوميديا باعتبارها الموجة السائدة حاليا في الوطن العربي، ورأيت أن هذا هو السبيل الوحيد لصناعة فيلم جماهيري يحافظ أيضا على العادات والتقاليد ولا يخدش الحياء، فالكوميديا على الرغم من صعوبتها، فإنها تعطي مساحة أكبر للمخرج لكي ينتقد ويسخر من الواقع الأليم». وأضاف: «أرصد في هذا العمل تجربتي الشخصية مع الرقابة التونسية، حيث تسلمت من وزارة الثقافة الرسالة نفسها التي تسلمها أبطال الفيلم (أن السيناريو بصورته الحالية يعطي صورة سلبية عن المجتمع التونسي.. إجرام.. انحراف.. تزمت ديني)، حينها تساءلت: أليس من حق المبدع أن يقدم فنا حقيقيا من دون عقبات أو قيود؟ هل من الضروري موافقة الدولة على سيناريوهات الأفلام التي تعبر عن واقع مجتمعاتنا؟».

وأكد لطيف، أنه بعد هذا التحدي، قرر أن ينتج الفيلم بأي وسيلة، وساهمت معه جمعيات أهلية وشخصيات عامة. يقول لطيف: «عرض الفيلم في 7 قاعات، وهو ما يمثل نسبة 57% من دور العرض لدينا، وحقق إيرادات كبيرة، وشاهده 113 ألف متفرج، وهو رقم كبير قياسا بالأفلام الأخرى. كما عرض في وهران وفي نانت ومهرجان أيام السينما الأوروبية بتونس، وحصد عدة جوائز كما شارك في سوق مهرجان كان».

وانتقد لطيف السينما التونسية، مشيرا إلى أنها تمر بحالة من الفراغ الفني وقلة الإنتاج، وأشار إلى أن اللجوء إلى تجارب الإنتاج المشترك ساهم في تطوير السينما التونسية، غير أن قلة دور العرض التي لا تتعدى 28 دار عرض سينمائية منها 15 في تونس العاصمة، هو السبب الرئيسي في قلة الإنتاج السينمائي التونسي.

وأشار لطيف إلى أن أهم مميزات السينما التونسية أنها تحتفي بالمخرج والناقد من دون كبير اهتمام بالنجم، وهو ما يسهم في تطوير صناعة السينما وتقديم مواهب تمثيلية حقيقية، مدللا على ذلك بقوله «هند صبري لا تلاقى تهافت الجماهير عليها في تونس كما هو الحال في مصر».

يتناول لطيف في عمله الروائي الطويل الأول «7 شارع الحبيب بورقيبه» هموم السينمائيين وأوجاعهم بلغة كوميدية ساخرة، موجها النقد للسينمائيين التونسيين لغياب الكوميديا عن تجاربهم لسنوات طويلة. كما يعد الفيلم بمثابة صرخة ضد الفساد على مختلف أنماطه.

يروي الفيلم قصة ثلاثة شبان مولعين بالسينما، يحلمون بإنجاز فيلم وعرضه في «مهرجان كان السينمائي». يقدمون مشروعهم لوزارة الثقافة من أجل الحصول على مساعدة مالية لإنجاز الفيلم. لكنهم يصطدمون بشروط الوزارة التي تفرض عليهم حذف مشاهد تتطرق إلى الجريمة والتشدد الديني. على الرغم من ذلك، فإنهم لا يتخلون عن المشروع، بل يلجأون إلى سرقة مصرف من أجل تحقيق حلمهم.

وقدرت ميزانية الفيلم بـ750 ألف دولار، خصص منها 250 ألف دولار ميزانية الحملة التسويقية للفيلم. وهذه الحملة الإعلامية التي قام بها المخرج بمساعدة متخصصين في التسويق، تعد الأولى في السينما التونسية، وقد شملت إعلانات في الإذاعات وملصقات في الشوارع و«أفيشات» وضعت تحت أبواب المنازل.

وعن اتجاهاته السينمائية في الفترة القادمة، قال: «أرى أنني حققت نجاحا في هذا الفيلم وعملي القادم سيكون «فلوس أكاديمي» الذي لم أوفق في إنتاجه من قبل، وهو سيعالج السلوكيات السلبية للشباب، التي تسببت فيها برامج تلفزيون الواقع المستوردة والغريبة عن مجتمعاتنا بأسلوب ساخر». إلى ذلك، فإن المخرج والمنتج التونسي الشاب إبراهيم لطيف، لفت النظر بأفلامه القصيرة، وبينها «ضحكة زائدة» (2000) و«فيزا» (2004) و«العين اللي ما تشوفكش» (2006)، إضافة إلى شريط وثائقي عن الروائي المصري الراحل نجيب محفوظ.