ظاهرة أم خماس تدفع بـ400 منتج إلى السوق الإماراتية جميعها تحمل اسم «فريج»

«كتاب الألغاز» جديد المسلسل الشعبي في رمضان

المخرج محمد حارب يحمل نموذجا لمنزل أم خماس («الشرق الأوسط»)
TT

«عند العيايز كل شي يايز» بهذه اللهجة الإماراتية المحببة التي تخفف الجيم لتُقرا ياء تبدأ كل حلقة من حلقات مسلسل «فريج» الكرتوني الإماراتي. أربع عجائز هن شخصيات المسلسل أثبتن أن كل شيء جائز عند العجائز حتى تحويل هذا المسلسل الكرتوني إلى ظاهرة تشكل جزءا واسعا من اهتمام المجتمع الإماراتي بمواطنيه ومقيميه. فأقل ما يمكن أن يقال عن تجربة مسلسل «فريج» الكرتوني أنها ناجحة بامتياز على مدى ثلاثة أعوام كما يقول مخرج العمل، فالمسلسل الذي دخل إلى قلب المشاهد الإماراتي دون تأشيرة اكتسب من تناوله للقضايا المحلية المحضة قدرة على تحقيق جماهيرية واسعة عكستها محاكاة الناس لشخصيات المسلسل الأربعة كما أن تسليطه الضوء على فئة مغيبة في الإعلام الخليجي هي فئة كبار السن إضافة إلى تناوله قضايا تحوم حول الخطوط الحمراء في الإمارات أسهم في منحه هذه الجماهيرية.

يقول مخرج العمل الإماراتي محمد حارب: «عندما بدأت بطرح الفكرة على الجهة الإنتاجية كنت أقابَل بأن العمل الكرتوني هو محصور في الأطفال ولا يمكن أن يجذب الناس، لكن هذه الصورة تلاشت تماما لدى البدء بالبروفات خصوصا عندما وصلنا إلى جودة عالية جدا في الصورة والصوت والتصميم والفكرة، وهو الأمر الذي لاقى استحسان المشاهدين ليصبح العمل جزءا من ذاكرة الكبير قبل الصغير، وأذكر أننا بدأنا بميزانية لم تتجاوز ثلاثة ملايين درهم في الجزء الأول لتصل إلى ثمانية ملايين في الجزء الثالث».

وعند الحديث عن نجاح هذه التجربة بكل المقاييس فهذا ليس ضربا من المبالغة، فالجهة القائمة على الإنتاج تحاكي تماما ما قامت به شركات أميركية منتجة لمسلسلات كرتونية شهيرة لمختلف الأعمار، بحيث لم تقتصر الفكرة على إنتاج المسلسل فقط، «فما دامت شخصيات المسلسل لاقت هذا القبول فلماذا لا نستفيد من ذلك؟ لدينا اليوم 400 منتَج تجاري في السوق تبدأ بالقرطاسية وتمر بالدمى ولعب الأطفال ولا تنتهي بالصحون والمفروشات وجميعها تحمل علامة (فريج) التجارية»، ويتابع محمد حارب: «العمل في حد ذاته تحول إلى علامة تجارية».

اللافت للنظر أيضا في هذا السياق هو انتشار المنزل التراثي القديم في مسلسل «فريج» (منزل أم خماس) في مناطق عدة في إمارة دبي، فعلى أحد الشواطئ قام أحدهم ببناء منزل فريج كما بدا تماما في المسلسل الكرتوني حتى إنه لم ينسَ الهوائي الذي يرتفع على سقفه ليصبح مكانا للعب الأطفال ونقطة للالتقاط الصور من المارة، وفي منطقة الجميرا القريبة من برج العرب بيت آخر لأم خماس داخل إحدى الفيلات وهو ما يعتبره صاحب المنزل رغبة لتذكير الأبناء بالتراث الإماراتي وعاداته وتقاليده وإن كان المنزل يحمل جهاز تكييف الهواء الكهربائي الذي يعود إلى تسعينات القرن الماضي.

ليس هذا فحسب، إذ تنتشر في السوق مياه معدنية تحمل علامة «فريج»، وهي واحدة من المنتجات الأربعمائة التي تمتلئ بها المحال التجارية وجميعها تحمل اسم «فريج»، لكن مخرج العمل يقول إن الهدف إضافة إلى أنه ربحي فهو تثقيفي من خلال ترويج منتجات عربية التفاصيل ويستحسنها الكبير والصغير، فالناس تُقبِل على محاكاة شخصيات العمل.. «النساء مثلا أصبحن يرتدين الأزياء التراثية القديمة التي ترتديها أم خماس وصديقاتها في المسلسل».

ولم يقتصر نجاح المسلسل على ما يُعرض على شاشات التلفاز فقط وكل تلك المنتجات، بل تعداه ليصل إلى إعلان النية على افتتاح «فريج دبي لاند»، وهي مدينة ترفيهية متكاملة تحوي الكثير من الألعاب والعوالم التي تشجع على التعلم والابتكار والاكتشاف برؤية إماراتية من خلال شخصيات «فريج».

أما ارتباط العمل بالعرض في شهر رمضان فهو «نعمة ونقمة في آن معا» كما يقول حارب، أما النعمة فلا يخفى على أحد أن نسبة المشاهدة العالية للقنوات التلفزيونية في رمضان هي فرصة لإعطاء أي عمل نصيبه من المشاهدة، أما النقمة فهي اضطراري إلى إنتاج العمل في هذا الشهر دون غيره وفي كل سنة.

أما ما ينتظر محبي شخصيات «فريج» هذا العام كما قال حارب لـ«الشرق الأوسط» فهو مسلسل من ثلاثين حلقة هو «فريج كتاب الألغاز»، وفي هذا المسلسل جرعة من الخيال بحيث تدخل العجائز كتابا كُنّ يقرأنه ويتهن في عوالم هذا الكتاب، ويجب أن يحاولن الخروج من هذا الكتاب قبل نهاية شهر رمضان، أما الجانب التجاري للفكرة فيكمن في تصويت الجمهور في كل حلقة عبر الرسائل القصيرة لمعرفة المكان الذي كانت العجائز موجودات فيه.

يشار إلى أن أحد العوامل الرئيسية التي أسهمت في إكساب المسلسل هذه الشهرة هو توقيت بثه على تلفزيون دبي الفضائي في شهر رمضان في وقت ذروة المشاهدة مباشرة بعد مدفع الإفطار.