أبوظبي: السوري بعيتي أميرا للشعراء في نسخته الثالثة

على أنغام كاظم الساهر وأسماء المنور وغادة رجب

الشعراء المتنافسون في البرنامج («الشرق الأوسط»)
TT

حصد الشاعر السوري حسن بعيتي لقب أمير الشعراء في موسمه الثالث، لأضخم مسابقة تلفزيونية لشعر العربية الفصحى، وذلك في الحلقة العاشرة والأخيرة من المسابقة التي أقيمت حلقتها الثالثة مساء أول من أمس، هذه المسابقة التي جمعت حولها العرب من مختلف بقاع الأرض، وتنافس فيها خمسةٍ وثلاثين متسابقا على مدار الشهور الثلاثة الماضية، قدموا خلالها أفضل ما تحمله قرائحهم من عذب الكلام.

وفي بداية الحلقة خرج الشاعر اليمني الشاب محمد السودي من المنافسة على اللقب لحصوله على أقل مجموع من درجات التحكيم والتصويت، وهو الشاعر الذي تميز بشكل لافت في هذه المسابقة، وحاز إعجاب الملايين من متذوقي الشعر.

وانحصرت المنافسة على اللقب بالتالي بين خمسة شعراء، لتأتي النتائج على الشكل التالي في نهاية الحلقة (مجموع درجات التحكيم وتصويت الجمهور): حسن بعيتي من سورية أميرا للشعراء، بنتيجة 56% من مجموع تصويت الجمهور ونقاط لجنة التحكيم، ليفوز باللقب، ومبلغ مليون درهم إماراتي وبردة وخاتم الإمارة، وحل بسام صالح مهدي من العراق في المركز الثاني بنسبة 55% من مجموع التصويت ونقاط اللجنة، ليفوز بمبلغ 500 ألف درهم إماراتي، وحل تركي عبد الغني من الأردن في المركز الثالث بنسبة 53%، ليفوز بمبلغ 300 ألف درهم إماراتي، وحل وليد الصراف من العراق في المركز الرابع بنسبة 51%، ليفوز بمائتي ألف درهم إماراتي، وجاء حكمت حسن جمعة من سورية في المركز الخامس ليفوز بمائة ألف درهم، كما ستعمل إدارة المهرجان على إصدار دواوين شعرية مقروءة ومكتوبة لأصحاب المراكز الخمسة في المسابقة.

وفي نهاية الحلقة صعد الشيخ عمر بن زايد آل نهيان المرافق العسكري للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، إلى خشبة مسرح شاطئ الراحة، يرافقه محمد خلف المزروعي، مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، لتتويج الفائزين الخمسة وتسليمهم الدروع والجوائز.

وتميزت الحفلة الختامية للبرنامج الأكبر للشعر الفصيح باستضافة ثلاثة من أشهر الفنانين العرب، وهم الفنان كاظم الساهر والفنانة أسماء المنور والفنانة غادة رجب، كما رافقت الفنانين الثلاثة فرقة «أورنينا» السورية للرقص المسرحي، حيث قدموا أوبريتا غنائيا عن البرنامج وأبوظبي.

واستضافت الحلقة الأخيرة الشعراء الخمسة المتأهلين من أصل ستة متسابقين، حيث خرج المتسابق محمد السودي (اليمن) بعد حصوله على أقل نسبة تصويت، وكانت مفاجأة الحلقة التكريم الخاص من أعضاء لجنة التحكيم لبعض الشعراء المشاركين من خلال معايير خاصة يراها كل عضو من أعضاء لجنة التحكيم، فمنح الدكتور عبد الملك مرتاض جائزته للشاعر الشاذلي القراوشي (تونس) لكونه شاعرا متميزا رصينا يحسن اختيار الموضوعات ويبرع في تناولها، ويمتلك حسا شعريا ومعجما فنيا راقيا، ومنح الدكتور علي بن تميم جائزته للشاعر رجا القحطاني (الكويت)، لكونه شاعرا ملتزما بقضايا ذاتية شديدة الحساسية ويمتلك مقدرة على استحضار التراث بلغة قريبة من الروح، ومنح الدكتور صلاح فضل جائزته للشاعرة قمر صبري جاسم (سورية) لأنها كشفت عن أن الشاعرات العربيات قادرات على اختراق جدار الصمت في المشاركة الأنثوية الشعرية العربية، ومنح الشاعر نايف الرشدان جائزته للشاعر مالك سمارة (فلسطين)، ومنح الدكتور أحمد خريس جائزته للشاعر حسن شهاب الدين (مصر)، لكونه شاعرا متميزا ولو حالفه الحظ وأنصفه التصويت لكان من بين شعراء الحلقة النهائية.

بدأت المنافسة بقصيدة ألقاها المتسابق بسام صالح مهدي (العراق) قال فيها الدكتور أحمد خريس، إنها قصيدة مليئة بالجمال الفني الفائق، كما أنها أعطت الشاعر فرصة لتأمل ذاته. وأشار الشاعر نايف الرشدان إلى أن الشاعر مهدي يتقن لغة شعرية جميلة بها شفافية عالية وتجربته الشعرية جزلة. وأضاف أن النص يشتمل على انفعالات حية، وقال الدكتور صلاح فضل إن الشاعر بلغ أقصى ما يمكن للشاعر أن يبلغه، كما أن النص يحمل الشعر الحقيقي.

وألقى الشاعر تركي عبد الغني قصيدة قال فيها الدكتور علي بن تميم، إن صاحبها يملك قدرة فريدة على المزج بين المادة والفكرة والصورة والمعنى، وقد أبدع الشاعر في كتابة قصيدته، وقال الدكتور عبد الملك مرتاض إن النص بديع فيه لغة جزلة وجميلة ونقية معجميا وفيها من الشعرية العالية الكثير، أما الدكتور أحمد خريس فقال إن لغة القصيدة جميلة فنيا وبديعة لغويا وعالية الشعرية أيضا.

ومن ثم ألقى المتسابق حسن بعيتي قصيدة شعرية تفاعل الجمهور مع كلماتها ومع ما حملته من أوصاف، وقال عنها الشاعر نايف الرشدان إنها مفعمة بالقيم الفنية. وأشار د.صلاح فضل إلى أن شعر حسن بعيتي أجمل ما يمكن للروح أن تشف به، فالكلمات عبارة عن معزوفة ذات مفردات جميلة، وقال د.علي بن تميم إن الشاعر يحسن التفكير في البدايات، وهذه القصيدة حملت لغة شعرية عالية منذ البداية.

وتلاه الشاعر حكمت حسن جمعة من سورية، الذي أنشد قصيدة وصفها د.عبد الملك مرتاض بأنها من أجمل القصائد على الرغم من أن الشاعر تقمص بها شخصية المتنبي، وقال د.أحمد خريس إن مضمون النص رائع جدا، بينما وصف الشاعر نايف الرشدان التجربة الشعرية بالمتفردة التي بها جزالة فائقة.

واختتمت الأمسية بالمتسابق وليد الصراف (العراق)، الذي ألقى قصيدة قال فيها الدكتور صلاح فضل إن الشاعر توج من خلال القصيدة مسابقة شعرية رائعة، فالشاعر اكتشاف المسابقة، وأبدع في تقديم هذا النص. ورأى الدكتور علي بن تميم أن الشاعر يحاول أن يتمثل نوعا أدبيا تراثيا ليعيد بعثه من جديد، كما أنه حاول قراءة قصيدة نزار لكنه أبدع في كتابتها وأجادها وأتقن كتابة لغتها الشعرية العالية، وقال الدكتور عبد الملك مرتاض إن القصيدة مبهرة ومشوقة.

وفي نهاية الحلقة قرأ الشعراء الخمسة بيتا مرتجلا بعد أن تناوب أعضاء لجنة التحكيم الدكتور علي بن تميم والدكتور صلاح فضل والدكتور عبد الملك مرتاض قراءة أبيات شعرية طالبين من الشعراء ارتجال بيت واحد على الوزن والقافية نفسهما للأبيات التي ألقوها.

الجدير ذكره أن البرنامج شهد خلال حلقاته الماضية تنافسا حادا بين الشعراء الذين حاولوا أن يبرزوا في الصور المبتكرة والإلقاء والأداء الجيدين، وقوبلت المشاركات من قبل الشعراء بآراء نقدية جريئة من أعضاء لجنة التحكيم وتناول تفصيلي لجماليات النصوص المقدمة وتفكيك محترف للبنية اللغوية والدلالية لهذه النصوص، مما يؤكد على أن الموسم الثالث شكل مفاجأة كبيرة للجمهور والنقاد والمتخصصين بمتابعة الحراك الثقافي والأدبي في العالم العربي، على المستوى الفني للشعراء المشاركين.

يذكر أن أمير الشعراء مسابقة ثقافية كبرى تنظمها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، يتنافس على مضمارها شعراء القصيدة الفصحى، بكل ألوانها وأطيافها، سواء كانت القصيدة عمودية مقفاة أو كانت ضمن نمط القصيدة الحرة أو قصيدة التفعيلة، وقد شهدت المسابقة هذا العام إقبالا كبيرا.