فنان تشكيلي دمشقي يحول منزله لمعرض ويوثق للثورة السورية الكبرى

نفذ أول عمل عام 1964 ودعاها ميسلون وعرضها في دمشق فهاجمه فاتح المدرس

الفنان التشكيلي السوري عاصم زكريا مع أعماله البانورامية («الشرق الأوسط»)
TT

يقوم حاليا الفنان التشكيلي السوري عاصم زكريا (71 عاما) بتنفيذ أعمال بانورامية لتوثيق الثورة السورية التي شهدتها عشرينات القرن الماضي بقيادة سلطان باشا الأطرش ضد الانتداب الفرنسي، حيث حوّل زكريا بيته في وسط دمشق إلى مرسم ومعرض فني.

وقد عرف الفنان زكريا بعصاميته منذ انطلاقة تجربته الفنية قبل خمسين عاما حيث تعلم الرسم على يد الفنان السوري توفيق طارق الذي كان صديق جده حيث استضافته عائلة زكريا ستة أشهر في منزلها القديم بحي ساروجة بدمشق القديمة ومن ثم درس الحقوق وعمل لسنوات طويلة حتى أوائل التسعينات في السعودية.

وظل زكريا حريصا على استمرار تجربته الفنية حيث نفذ عشرات الأعمال الفنية، كما رسم أعمالا من وحي الطبيعة في السعودية وأقام العديد من المعارض فيها. كما صدر كتاب توثيقي عنه من قبل المؤلف والناشر أحمد يوسف الدقاق صاحب الدار العربية للثقافة والنشر وصدر الكتاب في ثمانينات القرن الماضي في بيروت ولقي روجا كبيرا.

وحول عمله التوثيقي الحالي وبدايات الرسم لديه قال زكريا لـ«الشرق الأوسط»: ترعرعت في بيئة فنية ومنذ وجودي في المرحلة الإعدادية عشقت الرسم والتقيت الفنان الرائد سعيد تحسين الذي درسني الفن في المدرسة وفي البيت ونفذت وأنا طالب في المرحلة الثانوية لوحة ميسلون وكنت في البداية أنتمي للمدرسة الكلاسيكية تأثرا بالفنانين طارق وتحسين ولكن غيرتها فيما بعد للمدرسة الواقعية وأخذني والدي إلى إيطاليا حيث اطلعت على الفن الإيطالي ونصحني وقتها أن ألون كما يفعل الطليان بالألوان الغامقة كونها تدل على الفخامة. وبالفعل كانت كل أعمالي في ذلك الوقت يغلب عليها اللون البني الغامق ولكن بعدها خرجت من هذا الإطار وصارت لوحاتي مشرقة وتأثرت بالفنان رامبرانت الذي كان يسلط حزمة ضوئية إلى منطقة مظلمة ليتسلل اللون إلى مناطق أخرى. ومن ثم أقمت لعشر سنوات في العاصمة البريطانية لندن.

وحول دراسته للحقوق وعدم دراسته الفن أكاديميا قال زكريا: كان والدي معارضا لي في احتراف الرسم بشكل كامل خاصة بعد وفاة توفيق طارق ولم يعطه الرسم مالا فطلب مني ترك الرسم لأربع سنوات حتى أتخرج من الجامعة، وكان ذلك وأنا أرسم لوحة ميسلون فلم أكملها، وبالفعل بقيت أربع سنوات حتى تخرجت من كلية الحقوق مثل جدي وبعدها قال لي الآن أكمل لوحة ميسلون فأكملتها سنة 1964.

وأتذكر أنني عندما عرضت لوحة ميسلون لأول مرة في معرض خريف دمشق عام 1965 هاجمني الفنانون بشدة وخاصة الفنان فاتح المدرس الذي قال محتدا اللوحات التاريخية التسجيلية ليست فنا وعلينا أن نتخلص من المدرسة الكلاسيكية، والفنان غازي الخالدي هاجمني قائلا: إذا كانت الوطنية تقاس بمثل أعمالي فهذه ليست وطنية وليست فنا وقالوا ذلك في الصحف وتأثرت لذلك كثيرا ولكني أصررت بعد ذلك على مثل هذه الأعمال وقتها.

وحاليا أعمل في لوحات بانورامية للثورة السورية الكبرى مع لوحة اليرموك، وسأنجز ستين عملا منها.

الأعمال تتناول ثوار غوطة دمشق وبشكل توثيقي ومنها مثلا عمل للثوار وهم جالسون في إحدى البيوت العربية في الغوطة يخططون لمهاجمة مركز فرنسي وتظهر اللوحة الغنى في الزخارف الدمشقية وكيف أن الثوار ورغم معركتهم مع الفرنسيين كانوا حريصين على أن يكونوا بلباس تراثي وحولهم جنادات السلاح.