تونس: جيل جديد من مخرجات المسرح لا يعترف بالصراع بين الرجل والمرأة

تحت اسم «الركح المؤنث» .. نساء قمن بتجارب الكتابة والإخراج

TT

«إن تكن الأعراف الاجتماعية باعدت بين المسرح والمرأة في بدايات التجربة المسرحية، فإن التغييرات الاجتماعية التي جدت في المجتمع التونسي، فتحت منافذ للمرأة، بدأت بصعودها على الركح كممثلة مؤدية، ثم كممثلة مبدعة وما لبثت أن طالعتنا المرأة بصياغة مشروعها المسرحي كتابة وإخراجا». هكذا قدم المسرحي التونسي حمادي المزي، مدير دار ثقافة ابن رشيق بالعاصمة التونسية إحدى التظاهرات المسرحية التي حملت تسمية «الركح المؤنث». التظاهرة جمعت نساء تونسيات قمن بتجارب الكتابة أو الإخراج المسرحي لمسرحيات في معظمها مكونة من العنصر النسائي، بما يوحي بأن المرأة تثأر لنفسها في هذا المجال الإبداعي الذي ظل لردهات من الزمن حكرا على الرجال، حتى أن الأدوار النسائية كان يقوم بها الرجال وهذا حبا للسيطرة على شخصيات الركح، لأن النساء قد أسرتهم التقاليد الاجتماعية الصارمة وقطعت أمامهم هذا الطريق.

سبعة تجارب مسرحية مسائية عرضت من خلالها مخرجات المسرح ممن تخرج معظمهن من المعهد الأعلى للفنون المسرحية، تجارب عميقة وأخرى ناشئة ولكن ما يجمع بينها هو أن المرأة هي التي أبدعت الجزء الأكبر منها. وتراوحت محاور المخرجة المسرحية التونسية بين مواضيع حرب الكاهنة البربرية مع حسان بن النعمان الغساني، وحب الإنسان لوطنه وحب المرأة للرجل وحب الإنسان للإنسان، وإدانة صانعي الخراب والدمار، إلى توادد ركاب بسطاء فوق باخرة غادرت لتوها الإسكندرية. هي تجارب مسرحية فيها الكثير من التجريب، ولكنها تتضمن أفكارا ومشاعر إنسانية شتى كشف عنها جيل مسرحي من إناث عشقن المسرح.

عن هذه التجارب الشابة في المسرح التونسي، قالت وحيدة الدريدي مخرجة مسرحية «موال لجبال» إنها احترفت المسرح منذ سنة 1998 وقد وقع اختيارها على حكاية الكاهنة البربرية التي اعتمدتها كمرثية قوامها الشعر الشعبي الملحمي وهدفها من وراء هذه المسرحية هو نبذ العنف والحروب وتعويضها بمشاعر الألفة والحب. وفي هذه المسرحية هي المرأة الوحيدة وبقية الممثلين من الرجال، وهذا التوزيع يتطلبه العمل المسرحي قبل كل شيء على حد تعبيرها.

أما مريم البوسالمي كاتبة مسرحية «تحت السيطرة» ومخرجتها، فقد اعتبرت أن تجربة الإخراج المسرحي طريفة في حد ذاتها وهي لا ترى حقيقة تقسيما بين مسرح مؤنث خاص بالنساء وآخر مذكر مخصص للرجال. ولكن يبقى الإبداع هاجسا إنسانيا كبيرا يجمع بين الرجل والمرأة، فمنطق الصراع بينهما رومانتيكي بالدرجة الأولى. وتضيف أن المسرحية التي قدمتها تتساءل عن تجارة السعادة وهاجس الخوف الذي أصبح يسيطر على الناس.

وترى فوزية ثابت مؤلفة ومخرجة مسرحية «الكمنجة» أن المرأة الممثلة موجودة بالفعل، وهي ذات مشروع ورؤية خاصة بها ومسرحيتها نسائية بالكامل وبطلاتها ثلاث نساء. وترى أن الإشكال يرافق وجود المرأة على المسرح وكونها مخرجة العمل قد يغير المعادلة بين الرجل والمرأة، ولكن الإبداع لا يفرق بين الطرفين.

ولا تفرق منيرة الزكراوي التي قامت بدراماتورجيا وإخراج مسرحية «حر الظلام»، بين الإبداع المسرحي النسائي والرجالي، فالمهم أن يسعى كلاهما إلى إبلاغ رسالة ما إلى المتلقي. أما بالنسبة للمسرحية فالبطلتان امرأتان كل واحدة منهما تريد أن تغير العالم بطريقتها الخاصة. فالشخصية الأولى تبحث عمن يشاركها حلمها ويقاسمها أحاسيسها، وهي شخصية تعاني غربة في مكان لم يسعها وزمان أفلت منها. أما الشخصية الثانية فتقول منيرة إنها تمارس الكتابة لتحقيق تواصل واتصال عجزت عن تحقيقه في الواقع.. ففعل الكتابة يحملها إلى عوالم تصنعها في مخيلتها وتخلقها في خيالها. فهل يكفي هذا لتغيير صورة العالم.