الديناصورات تعود للظهور.. في متحف بكارولينا الشمالية

مجموعة تضم 9 أنماط تنتمي إلى العصر الطباشيري قبل انقراضها منذ 165 مليون سنة

ألبرتوسوروس الشريرالذي يصل ارتفاعه إلى 10 امتار، يقف هادئا كأنه في انتظار شيئا ما (ا.ب)
TT

يقف باراسورولوفس، البالغ ارتفاعه 18 قدما (5.5 متر)، هادئا، وبدا ودودا، حيث سمح للأطفال بتسلق ظهره والجلوس على ذيله والربت على جلده الوعر القرنفلي اللون.

لكن عند السير لفترة على ممر تحفّه الأشجار، يظهر ألبرتوسوروس الشرير، الذي يصل ارتفاعه إلى 30 قدما (9.14 متر)، حيث يقف هادئا كأنه في انتظار شيء ما. ويبدو قريبا تيرانسورس ريكس متأهبا للانقضاض، لكن هل ستكون وجبته التالية لحم إدمونتونيا، الذي يخفض رأسه في محاولة لحماية نفسه، أو ستيراكوسورس الصغير الذي ضل الطريق بعيدا عن القطيع؟

يعتبر الأربعة جزءا من مجموعة من الديناصورات تم وضعها مؤخرا في متحف كارولينا الشمالية للحياة والعلوم في درهام. وتضم المجموعة تسعة أنماط تنتمي إلى النصف الثاني من العصر الطباشيري، وهي الفترة الأخيرة قبل انقراض الديناصورات، منذ فترة تتراوح بين 100 مليون و65 مليون سنة. أيضا، كانت تلك هي الفترة التي تجولت خلالها الديناصورات بمختلف أرجاء كارولينا الشمالية، رغم أنه لا ينتمي أي من الديناصورات الموجودة بالمتحف إلى الولاية. كان الديناصور الأول، باراسورولوفس الذي يتغذى على النباتات، المفضل لدى هنا ميرز (5 أعوام، من مدينة رولي) التي زارت مجموعة الديناصورات المعروضة بالمتحف في أغسطس (آب) بصحبة شقيقيها الأكبر سنا وجدتها. في أثناء لعبها في حفرة تضم بقايا أحفورية قالت ميرز: «هذا الديناصور لطيف. إنه ودود تجاه الأطفال الصغار». أما إذا كان باراسورولوفس الحقيقي «ودودا» أم لا فإن أفضل ما يمكننا قوله في هذا الصدد أنه لم يكن من الحيوانات الضارية. الواضح أن المتحف تعمد بدء المجموعة به بمثابة تحية وترحيب، حيث يجلس الديناصور في بستان يحمل عبارة تقول: «المس هذا الديناصور»، حسبما قال روي غريفيثز، نائب رئيس شؤون المعروضات والتخطيط. أما باقي الديناصورات فتوجد في نهاية المجموعة وتقف بين نباتات وصخور، ولا يُسمح للجمهور إلا بمشاهدتها فحسب. في هذا السياق، أوضح غريفيثز أن «الفكرة دارت حول توفير تجربة مباشرة ترضي الحاجة إلى الاقتراب من النموذج والتفاعل معه». واستطرد موضحا أن «هذا الأمر يسمح بالانتقال إلى تجربة أعمق. يظهر الشعور بالرغبة في الاقتراب من النماذج بمرور الوقت، لذا فضلنا التعامل معها منذ البداية». تأتي استعانة المتحف بهذه المجموعة للاستعاضة عن المجموعة الأصلية التي دمرها إعصار «فران» عام 1996. والملاحظ أن المجموعة الجديدة حققت شهرة واسعة، فخلال أول أسبوعين منذ افتتاحها أمام الجمهور في 25 يوليو (تموز) زار المتحف ما يقرب من 35000 شخص، مقارنة بمتوسط بلغ 13100 زائر كل أسبوعين عام 2008. بلغت تكلفة بناء هذه المجموعة 1.5 مليون دولار، وهي مزيج من أموال سندات وتبرعات خاصة. بعد مشهد التفاعل بين ألبرتوسوروس وضحيتيه المحتملين، يتحرك الزائرون لمشاهدة ألاموسورس البالغ ارتفاعه 65 قدما (19.8 متر)، والذي تظهر رقبته ورأسه عبر الأشجار. عند قدمه يلهو لبتوسيراتوبس محاولا تجنب التعرض للسحق تحت أقدام ألاموسورس الضخمة. جدير بالذكر أن ألاموسورس يعد واحدا من أكثر الأحفوريات التي يتم العثور عليها، فيما عدا جمجمته، التي لم يتم العثور على أي مثال لها.

من ناحيتهم، يتكهن العلماء البليونتولوجيون أنه لعجز الحيوانات المفترسة عن مهاجمة ألاموسورس، وهو من آكلات العشب، من الخلف لأن ذلك سيعرّضهم لضربات موجعة من ذيله الضخم، فإنهم كانوا يفضلون مهاجمته من الأمام واقتلاع رأسه في أثناء تحريكه عنقه الطويل يمينا ويسارا عبر النباتات التي يتناولها. يضم المتحف كذلك زوجين من ستيغيمولوش. أما الفئة الأخيرة من الديناصورات فهي ماياسورا، التي يعني اسمها «السحلية الأم الطيبة». وفي المشهد الذي يضمه المتحف تبدو ماياسورا وهي تحاول حماية بيضها وصغارها من ترودون، الذي يُعتقد أن أقاربه يشكلون أسلاف الطيور. من جانبه، بنى «استوديو واي كرييشنز» في كالغاري بألبرتا، تماثيل بالحجم الطبيعي، تعتمد على نماذج صغيرة ثلاثية الأبعاد وضعها استوديو معنيّ بالديناصورات في فيلادلفيا يُدعى «والترز آند كيسينغر». ويعرض الفنانون والعلماء البليونتولوجيون تركيبات قامت على هذه النماذج. تم صنع المنحوتات من «ستايروفوم» والصلب والبلاستيك والطلاء، وجرى شحنها في صورة قطع إلى المتحف، حيث جرى تجميعها وتركيبها. عندما شكل التصميم تحديا أمام الخبراء، كانت الغلبة للخبراء. على سبيل المثال، عندما رغب غريفيثز في إمالة رأس ورقبة باراسورولوفس بدرجة أكبر قليلا بحيث يبدو الحيوان ظاهرا أمام الزائرين في أثناء دخولهم قاعة المجموعة، رفض الخبراء ذلك، مؤكدين أن رقبة ورأس الحيوان لم يكن باستطاعتهما الميل إلى هذه الدرجة. في هذا الإطار، علق غريفيثز في تصريحات لوكالة «أسوشييتد برس» قائلا: «هناك دوما حاجة للتوصل إلى نقطة وسط بين البيئة العامة بالموقع ـ بمعنى كيفية اختيار وضع معين للنموذج بحيث يكون الأفضل بالنسبة إلى الزائر في أثناء دخوله القاعة ـ وما كانت الديناصورات قادرة بحق على القيام به. ودائما ما نميل نحو ما كانت الديناصورات حقا قادرة على فعله». من ناحية أخرى، نجحت الحفرة الأحفورية الموجودة في نهاية المجموعة في تحقيق شهرة لا تقل في مستواها عن تلك الخاصة بالديناصورات ذاتها. داخل هذه الحفرة، يمكن للباحثين العثور على أسنان لأسماك القرش والمرجان وأصداف وفقرات من أجسام أسماك يعود تاريخها إلى ما يتراوح بين 23 مليون و5 ملايين عام مضى. أما التربة، التي تم الحصول عليها من مناجم الفوسفات في أورورا، فليست بقدم الديناصورات، التي يرجع تاريخ الأحفوريات المرتبطة بها إلى أكثر من 65 مليون عام ماضية. الملاحظ أن هذه الحفرة تجتذب الأطفال الذين تتسخ ملابسهم في أثناء بحثهم عن الحفريات. من ناحيته، تمكن كولين دوك (5 أعوام، من مدينة هيلزبورو) من العثور على الكثير من أسنان القرش تشارك فيها مع اثنين من أصدقائه. واستعرض كولين، الذي حمل وجهه وساقاه بقايا التربة الرملية رمادية اللون، مزهوا الغنيمة التي حصل عليها، والتي خزنها في صندوق زجاجي. وقال، بينما أخذ يحرك يديه لإظهار كيف كان يبحث عبر التراب على الأسنان: «عثرت على صديق لديه الكثير منها، وعلمني كيف العثور عليها». أما عن سبب إعجابه بالديناصورات فقد قال كولين: «لأنها تنتمي إلى فترة بعيدة مضت. ولم تتسن لنا فرصة مشاهدتها». إلا أنه استطرد بأنه لا يود مشاهدة أي منها الآن.