146.9 مليون يورو تقلب حياة قرية إيطالية رأسا على عقب

تكهنات حول صاحب الحظ السعيد ورسائل استرحام من الأرامل.. والمافيا تطالب بـ 30%

أهل القرية أمام المقهى «بار بيفي» يبحثون عن ملامح ثراء جديدة مثل السيارات الفاخرة (أ.ب)
TT

احتفلت قرية إيطالية يوم السبت الماضي بفوزها بمبلغ 147 مليون يورو، بعد أن بيعت التذكرة الرابحة في اليانصيب الوطني الإيطالي من أحد دكاكينها، إلا أن فرحتها بأن يكون أحد سكانها هو الفائز بالجائزة الكبرى، قد حولت حياتها إلى جحيم وقلبها رأسا على عقب.

لم تظهر على فاني سيمونيتي أي ملامح تبين فرحته بعشرات الملايين من عملة اليورو، كما ذكرت تقارير إعلامية محلية. على العكس من ذلك، فقد ظهرت على هذا النادل، الذي يقدم القهوة في الدكان الذي بيعت فيه التذكرة الرابحة، ملامح الحزن والغضب.

لقد أصبح بين ليلة وضحاها محط أنظار وشبهات أهل القرية، وربما عشرات الآلاف من الناس على مستوى إيطاليا، بأنه هو الفائز بالملايين، والمشتبه به رقم واحد الذي ما زالت هويته مجهولة، بعد أن قال إنه يعرف الشخص المحظوظ الذي اشترى تذكرة سعرها 2 يورو من الدكان الذي يعمل به، وفاز بالجائزة الكبرى.

وبعد الإعلان عن الفوز بالجائزة أصبح الدكان/المقهى «بار بيفي» مركزا لاحتفالات القرية، كونه المكان الذي بيعت فيه التذكرة الرابحة. إلا أن أهل القرية لاحظوا أن الملايين تجلب معها أحيانا المشكلات، خصوصا بعد أن بدأت تصل رسائل الاسترحام إلى من يعتقد أنه أصبح من أصحاب الملايين، من الأرامل والمشردين والمرضى، وحتى من المحامين الذين يعرضون خدماتهم على الرابح.

لكن المقلق أيضا هو دخول المافيا على الخط، كما جاء في الصحف الإيطالية. وقالت صحيفة «كوريري ديلا سيرا» إن المافيا المحلية طالبت بحصة 30 في المائة من الجائزة.

المبلغ كان الأكبر على المستوى الأوروبي بعد أسابيع من التأجيل أدى إلى تراكمه ووصوله إلى هذا المستوى. وأفادت وكالة «أجيكوس» الإيطالية المتخصصة بألعاب المسابقات أن هذه الجائزة هي الثانية عالميا من حيث ضخامة المبلغ بعد الفوز بمبلغ 157 مليون يورو في إطار سحب «ميغا مليينز» في الولايات المتحدة في مارس (آذار) 2007.

وبدأ المبلغ يتراكم منذ يناير (كانون الثاني) لعدم تمكن أي من المشتركين من اختيار الأرقام الستة الفائزة منذ ذلك التاريخ. ويختار اللاعبون بين 90 رقما. واحتمال اختيار اللاعب للأرقام الرابحة هو واحد من 622 مليونا. والإقبال على سحب «اللوتو» هذا لم يقتصر على الإيطاليين فقد بلغت الحمى الدول المجاورة مع مشتركين أتوا من فرنسا وألمانيا للمشاركة في «اللوتو» الإيطالي.

وتضخمت المبالغ التي تمت المراهنة بها في السحب، وبلغت مستويات قياسية. وبلغت قيمة المبالغ التي دفعت منذ بداية السنة للمشاركة في هذه المسابقة 2.2 مليار دولار، في مقابل مليار و900 مليون دولار لسنة 2007 كلها، ومليارين ونصف المليار لسنة 2008، وفق وكالة «اجيبرونيوز» المتخصصة في أخبار مسابقات «اللوتو». وقالت وكالة «اجيكوس» إن المسابقة أدخلت إلى خزينة الحكومة الإيطالية 980 مليون يورو خلال سبعة أشهر.

أهل القرية الذين احتفلوا ليلة السبت الماضي نيابة عن ابن قريتهم وكانوا يقدمون التنويهات عن هوية الرابح المجهول لوسائل الإعلام، بدأوا ينكرون أي معرفة بالشخص.

وكان النادل وصاحب المقهى فاني سيمونيتي قد ذكر بعد الإعلان عن الجائزة أن الرابح هو في متوسط العمر (47 عاما) وغير متزوج، وهذه أوصاف تنطبق عليه. وقد ظهرت عليه، أول من أمس، علامات الخجل عندما قدم له الكثير من أهل القرية التهاني.

ولوحت زميلته في العمل، آنا ماريا تشامبيني، برسالة ثانية وصلت في الصباح الباكر يطلب فيها صاحبها المساعدة من فاني سيمونيتي. وقال لصحيفة «التايمز» البريطانية: «لم يتوقف التليفون عن الرنين، المئات من هذه الرسائل تصل كل يوم يطلب أصحابها المساعدة، إضافة إلى المكالمات الهاتفية التي تصل من الأرامل، ومن أمهات يعاني أطفالهن من أمراض، ومن المحاميين الذين يعرضون خدماتهم.. لقد ضقت ذرعا بكل هذا». وفي البداية ادعى الكثير من أبناء القرية بأنهم يمتلكون التذكرة الرابحة. كان الاعتقاد السائد في البداية بأن أوغو فيرني (49 عاما)، ويعمل في أحد الأحراش، هو الرابح. إلا أنه تراجع وأنكر أي معرفة بهوية الرابح، وقال إنه كان يمازح الآخرين عندما أعلن ذلك. وأندريا باربيري (47 عاما) أنكر هو الآخر، مضيفا أنه لم يشتري تذكرة يانصيب. إلا أن المؤكد هو أن التذكرة الرابحة بيعت في هذا المقهى، كما ذكرت وكالة اليانصيب الوطني، ولم يتقدم أي شخص لحد الآن للحصول على المبلغ. وإذا لم يتقدم أي شخص بالتذكرة الرابحة خلال 60 يوما فسيتحول المبلغ إلى خزينة الدولة الإيطالية.

الصحافة وأهل البلد يجوبون شوارع باغنون، القرية الجبلية في مقاطعة تاسكوني الشهيرة، بطبيعتها الخلابة وبيوتها الجميلة، التي يؤمها الأغنياء من معظم الدول الأوروبية لشراء البيوت الصيفية فيها، يبحثون عن ملامح ثراء جديدة، مثل سيارات فاخرة، قد تلقي ضوءا على هوية الرابح.

وقالت ويلما غريشي، صاحبة صالون لتصفيف الشعر قريب من المقهى الشهير: «إن هذا المبلغ قد يجلب شخصيات غير مرغوب بها إلى القرية. وقد يحضر هؤلاء بسكاكينهم مطالبين بحصة لهم من الجائزة». وقال الدو بيرلاتي (66 عاما)، أحد زبائن المقهى، إنه يخاف على حياته والرجوع إلى بيته بعد زيارة المكان الذي أصبح جميع زبائنه مشتبه بهم.

أما عمدة القرية جيانفرانكو لازاروني، فيطمح بأن يحصل على 10 آلاف يورو من الرابح لصالح بناء مركز للألعاب. مضيفا أنه «مبلغ بسيط جدا، نقطة في بحر، مقارنة بقيمة الجائزة».