الأردنيون ينفقون 915 مليون دولار على التبغ والسجائر

تزايد أعداد المدخنين إلى 30% وارتفاع نسبة التدخين السلبي بين الأطفال إلى 60%

TT

بلغ حجم الإنفاق على التبغ والسجائر في الأردن أكثر من 915 مليون دولار وتتزايد نسبة المدخنين لتبلغ أرقاما غير مسبوقة وتعد من أعلى النسب في العالم، إذ تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن أكثر من 30 في المائة من السكان البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة هم مدخنون.

وقد بلغت نسبة المدخنين من الأطفال بين 13 ـ 15 سنة نحو 30 في المائة، أما نسبة المدخنين بين الأطباء الذين يعول عليهم مكافحة هذا الوباء فقد تخطت حاجز الـ35 في المائة.

كما أن 60 في المائة من أطفال الأردن من غير المدخنين معرضون للتدخين السلبي بشكل منتظم حسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية مما سيعرضهم إلى أخطار جسيمة.

كما أثبتت الدراسات أن خطر التدخين أشد وأكبر على المرأة من الرجل وأنه خلال العشرين سنة القادمة سيصبح شباب الأردن نتيجة لتعرضه المزمن للتدخين عبئا صحيا واقتصاديا تنوء بحمله كبرى اقتصاديات البلد لما سيلحقه بهم تعرضهم للتدخين من ضرر ومرض إضافة لما يحدثه التدخين من تأثير سلبي في إنتاجية العامل، إذ تقدر نسبة غياب الموظفين المدخنين نتيجة لأسباب تتعلق مباشرة بتدخينهم بنحو 25 في المائة.

ويقول مدير برنامج مكافحة التدخين في مركز الحسين للسرطان الدكتور فراس الهواري إن التدخين يتسبب في وفاة واحد من كل مدخنين نتيجة للأمراض القاتلة الناجمة عن التعرض للدخان المنبعث من احتراق السيجارة، إذ ينتج ما يزيد على 5 آلاف مادة كيميائية سامة لحظة إشعال سيجارة واحدة لتقوم هذه المواد بدورها بالتأثير على مختلف أعضاء جسم الإنسان متسببة في أمراض عدة كأمراض القلب والرئة والسرطان على اختلاف أنواعه والسكري بل وحتى العقم.

ويلفت الهواري إلى أن الأبحاث أثبتت أن ما من عضو في جسم الإنسان إلا ويتأثر سلبا نتيجة لهذا الكم الهائل من المواد الكيميائية السامة الناتجة عن حرق السجائر، إضافة للتدخين السلبي أي تعرض كل من يستنشق دخان السيجارة لنفس المخاطر.

وحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية فإن ما يزيد على 60 في المائة من أطفال الأردن معرضون للتدخين السلبي.

ويشير الهواري إلى أن دراسات المركز الوطني للسكري تحذر من انتشار مرض السكري بين الأردنيين، وأنها أثبتت أن هناك تلازما بين التدخين ومرض السكري كما يزيد التدخين من صعوبة السيطرة على تركيز السكر في الدم.

وفي الأردن كثر الحديث عن السيجارة الإلكترونية التي ظهرت في الأسواق أخيرا وسوقت بديلا عن السيجارة الحقيقية.

ويوضح الهواري أن هذه السيجارة تشكل للوهلة الأولى بديلا منطقيا عن السيجارة الحقيقية إلا أنها لم تكتسب حتى اليوم الترخيص الذي يشرعها بديلا عن السيجارة في أي من الهيئات العالمية المختصة لغياب الدراسات العلمية المتعلقة بكفاءة استخدام هذه السيجارة وسلامتها، إذ لا يعرف بعد كمية النيكوتين التي يستنشقها المدخن ولا أعراضه الجانبية ولا تستخدم بإشراف طبي مثل غيرها من بدائل النيكوتين وتعرض الشخص إلى خطر تحويله إلى مدمن على النيكوتين.

واستهجن الهواري بأن الأرجيلة في الأردن شكلت نوعا من القبول الاجتماعي للتدخين وخصوصا لدى المراهقين والنساء، رغم أن الدراسات أظهرت أن الدخان المنبعث في الجلسة الواحدة لتدخين الأرجيلة يعادل بين 20 ـ 100 سيجارة معتمدة بذلك على سرعة وعمق الشفط لدى الشخص المدخن وبالتالي الضرر الناجم عن الأرجيلة سيكون على الأقل مساويا أو أكثر للسيجارة العادية وينطبق عليه ما ينطبق على السيجارة من حيث الضرر الناجم عن التدخين السلبي.

وتحمل الأرجيلة خطرا آخر غير موجود في السيجارة، حيث أن الخراطيم المستعملة لشفط الدخان تساعد على نقل الأمراض كالسل والتهاب الكبد الوبائي وغيرها من الأمراض الخطيرة الناتجة عن الجراثيم التي تستوطن داخل هذه الخراطيم. ولا تكفي المباسم التي تستخدم للوقاية من هذه الأمراض.

وأشار الهواري إلى أن الأردن يعد من أوائل الدول التي تبنت القوانين والتشريعات العالمية التي تحد من التدخين. فيحظر الدعاية والترويج والبيع للقاصرين وبالرغم من ذلك لا يزال من أعلى الدول في العالم من حيث انتشار التدخين بين الأفراد وبخاصة الأطفال كما أن تفعيل تطبيق القوانين والتشريعات لا يزال دون المستوى المطلوب.

وبدأ حديثا العمل في تطبيق قانون الصحة العامة الذي يحظر التدخين في الأماكن العامة ويفرض غرامات مالية وعقوبات بالحبس على كل من يخالف هذه القوانين وهناك تطور ملحوظ في الحد من ظاهرة التدخين في مرافق مهمة كالمطار وبعض مراكز التسوق.

والعمل بهذه القوانين هو الخطوة الأولى لمكافحة انتشار التدخين. ولا يزال سعر السجائر المتدني يشكل عائقا رئيسيا أمام الحد من التدخين حيث يستطيع المدخن الحصول على علبة سجائر مقابل نحو دينار أردني.

ويرى الهواري أن استمرار النهج الحالي في الإنفاق على التبغ والزيادة المضطردة في نسب المدخنين من الأطفال والشباب هو ظاهرة خطيرة وتحد كبير ينبغي مجابهته بقوة فهو لا يستنزف مواردنا المالية فحسب بل ويهدد وبشكل مباشر رأس المال الأول والثروة الاقتصادية الأكثر أهمية وهي الإنسان. ويطالب أنه أصبح لزاما التبني الكامل لبنود قانون حظر التدخين في الأماكن العامة ونشر الوعي بين الأطفال والشبان لمخاطره ويقترح إنشاء مؤسسة وطنية مستقلة متخصصة في الحد والسيطرة على انتشار التبغ، تعمل على الحد من انتشار التدخين من خلال التقييم المستمر والدوري لواقع التدخين في الأردن والإشراف على ضمان تطبيق القوانين والتشريعات الخاصة بالتبغ وقيادة الحملات الدعائية المضادة للتبغ والتوعية بمخاطره.