طقوس وعادات هندية طلبا للأمطار

من تزويج الضفادع إلى المشي على الفحم المشتعل

يرى المتشائمون أن هذه الطقوس لا قيمة لها سوى صرف انتباه المواطنين العاديين عن الصعوبات التي يواجهونها (رويترز)
TT

تواجه الهند الجفاف الأسوأ خلال عقد من الزمان، حيث تقل الأمطار المتساقطة على قرابة نصف المناطق الهندية، ويعد ذلك مصدرا للقلق بين المواطنين الهنود، ولا سيما بين المزارعين، حيث إن الأمطار الموسمية شيء هام بالنسبة للمزارع في الهند، والتي تمثل سدس الإنتاج الاقتصادي في البلاد. ويعتمد ما يصل إلى 70 في المائة من الهنود على ما تدره المزارع، وتعتمد نحو 60 في المائة من هذه المزارع على مياه الأمطار.

ويبدأ موسم الرياح الموسمية الآسيوية مع الأسبوع الأول من شهر يونيو (حزيران) ويستمر حتى مطلع سبتمبر (أيلول)، ولكن خلال العام الجاري لم تسقط الأمطار الموسمية التي تمثل عنصرا هاما للمزارع داخل الهند على مناطق كبرى في البلاد، وهو ما جعل الهند تشهد الجفاف الأشد خلال شهر يونيو (حزيران) على مدار أكثر من 80 عاما.

ويتطلع المواطنون حاليا إلى تدخّل من السماء، ويجري حاليا تزويج الضفادع والأشجار، وتقوم فتيات عذارى بحرث الحقول وهنّ عرايا، ويقوم الأطفال بالتمرغ في الأرض، في إطار طقوس يقوم بها المواطنون في مختلف الأصقاع وتستخدم في طلب سقوط الأمطار. وتختلف الطقوس التي تستخدم من أجل طلب سقوط الأمطار من ولاية لأخرى حسب التقاليد الداخلية.

ويرى المتشائمون أن هذه الطقوس لا قيمة لها سوى صرف انتباه المواطنين العاديين عن الصعوبات التي يواجهونها، ولكن يقول الخبراء في الثقافات إن هذه الممارسات تعد هي الملاذ الأخير أمام هؤلاء الذين يعتقدون أنه لا يوجد مكان آخر يلوذون به طلبا للمساعدة.

ويجعل المزارعون في ولاية بيهار، شرق الهند، فتياتهم العذارى يحرثن الحقول في الليل ويعتقدون أن ذلك قد يعجل بسقوط الأمطار الموسمية. ويأتي هذا الطقس من أسطورة قديمة تقول إن ملكا وزوجته قاما بحرث حقل وهما عرايا أملا في أن تنتهي فترة من الجفاف الطويل.

ويستخدم سكان قرية ناغلارجان التي تقع بولاية أوتار براديش، حيث يعتمد 70 في المائة من المواطنين على الزراعة، روث البقر لطلب سقوط المطر، حيث تجلس النساء في الحقول حول سِلال مملوءة بروث البقر ويقُمن بالابتهال، وبعد انتهاء الصلوات يضعن السلال على رؤوسهن ويقُمن بإلقاء بعضهن روث البقر على بعض، وبعد ذلك يضعن روث البقر حول شيف لينغ (وهو تمثال للإله الهندي شانكر) داخل معبد القرية. وبعد الطقس يقومون بصب المياه عليه، فإذا تحركت المياه ناحية الغرب فإن ذلك يعني أنه لن تسقط أي أمطار، وإذا اتجهت المياه ناحية اليسار فهذه إشارة على أن الأمطار سوف تسقط خلال أيام. ويعتقد سكان هذه القرية في ذلك بشدة.

وعلى الرغم من أنه يمكن لأي شخص المشاركة في هذه التقاليد الذي يعود إلى قديم الزمان، يفضل أن تقوم به النساء، حيث يعتقد الناس أن النساء يجعلن هناك احتمالية أفضل لاسترضاء إندرا، إله المطر لدى الهندوس. وكانت النساء الأوائل يقمن بحرث الحقول خلال ساعات الليل دون ارتداء ملابس، ولكن بمرور الوقت غيرت النساء من ذلك وبدأن يرتدين الملابس خلال عملية حرث الحقول.

وبنفس الصورة يقوم كبار قرية مانبور بجعل الأطفال يتمرّغون في الأرض، وتقوم النساء بسكب المياه عليهم وهم يقومون بذلك، ويتبع هذا الأمر في القرية على مدار الأعوام الكثيرة الماضية، حيث إن سكان القرية يؤمنون بأن تمرّغ الأطفال قد يؤدي إلى سقوط الأمطار الغزيرة. وفي قرية كويمباتور بولاية تاميل نادو، جنوب الهند، يقوم سكان القرية بعقد عملية تزاوج فريدة بين شجر البانيان وشجرة النيم أملا في سقوط المطر. ويقول سكان القرية في توضيحهم لهذا الأمر إنهم يؤمنون بقوة بأن التزاوج بين النيم وأشجار البانيان سوف يكون سببا في سقوط الكثير من الأمطار، وينهي الظروف الصعبة ذات الصلة بعملية الجفاف. وتجرى عملية التزاوج بين الشجرتين في حضور المئات من المواطنين.

وفي طقس آخر فريد ترتدي النساء في قرية غودهرا ملابس لصوص ذكور ويقمن بسرقة ماشية، وتوضع هذه الماشية في الأَسر دون طعام أو مياه على مدار اليوم، وفي نهاية اليوم يقومون بالتضحية بماعز، ويقوم سكان القرية القبليون بالمشاركة في هذا المشهد بالكامل.

وظهرت امرأة في تقرير متلفز ترتدي قميصا ذا أكمام طويلة يعود إلى زوجها ونظارات سوداء ومسلحة بفأس. وكانت ديواليبن دابي (60 عاما) من بين لصوص كانوا يرتلون أدعية استجداء للمطر، وقد لحق بهم نسوة يصل عددهن إلى 2000 امرأة. ويشار إلى أن القرية لم توضع في إطار أي من الخطط الحكومية لتوفير مياه الري، ولذا يعتمد المزارعون بصورة كاملة على مياه الأمطار خلال عملية الزراعة، ويحصل المواطنون على مياه الشرب من أنبوبة تم تركيبها أخيرا. وتبدأ الطقوس بأن ترتدي شابات ملابس تشبه ملابس الرجال، فيما يرتدي الكبار قمصانا وتنورات، وينتقلن في السر إلى القرى المجاورة. وتقوم النساء بضرب أي رجل يقابلنه في طريقهن إلى القرية المستهدفة باستخدام العصي، وسبب ذلك هو الاعتقاد بأن الرجال نذير شؤم وأن وجودهم يمكن أن يؤثر على محاولتهم، حسب ما بينته ديواليبن، التي اختيرت من أجل التضحية بماعز في نهاية الطقس.

وفي النهاية يوضع قطيع من الماشية المسروقة في أرض لا سور لها، وتقوم مجموعة من النساء بحماية هذه الماشية، وفي الوقت نفسه ترقص وتغني مجموعة أخرى ويناشدن الرب أن يرسل المطر.

وفي هذه الأثناء يصل سكان القرية الذين سرقت ماشيتهم ويبدأ الكبار في مساومتهم من أجل إطلاق سراح الماشية المسروقة وإعادتها إلى أصحابها، بينما يقومون بمضغ مادة مخدرة وينتهي الأمر بالتضحية بماعز.

وفي ولاية تجاركاند، شرق الهند، يقوم السكان اليائسون بتنظيم حفل تزاوج بين ضفادع بهدف استرضاء آلهة الأمطار حسب معتقداتهم، وبعد ذلك تحرر الضفادع من السلة وتترك لتعود إلى بركة مياه. ولا يقف الدين في طريق ذلك، حيث ترتدي النساء الهندوسيات المتزوجات عقودا من الخرز الأسود وخواتم زواج للاحتفاء بالزواج الخاص طبقا للتقاليد المسيحية والهندوسية.

وبعد حفل الزفاف يتم توزيع الحلوى، ويبارك المواطنون الزوجين ويبتهلون طالبين سقوط الأمطار. وفي ولاية أوريسا المجاورة يعقد المواطنون ما يطلقون عليه طقس الضفادع، وفي وسط مقدار كبير من المرح يمسك سكان القرى بضفدع ويضعونه في إبريق مملوء بالمياه إلى منتصفه ويحمله شخصان في مقدمة الموكب. وفي ولايات أخرى يقوم سكان القرى بعقد احتفالات لتزويج ضفدعين من نوع ضفدع الطين.

ويقوم سكان القرى في ولاية كارناتاكا، جنوب الهند، بالمشي على النار لاسترضاء إله المطر، وتملأ حفرة (10×10 أقدام) بالفحم النباتي وتشعل النار، ويمشي جميع المواطنين، ومن بينهم النساء والأطفال، على الفحم النباتي المشتعل.