جازان: أطفال يواجهون الحاجة بـ«مشاريع صغيرة»

يعملون في الأسواق الشعبية خلال رمضان والإجازات لمساعدة أسرهم

طفل يعمل في سوق صبيا («الشرق الأوسط»)
TT

يقول المثل المعروف «الحاجة أم الاختراع»، لذلك يبدو أنها كانت فعلا أم الاختراع لدى عدد كبير من أطفال مدينة جازان جنوب غربي السعودية، حيث دفعت بهم إلى التفكير في استثمار الإجازة في أعمال تجارية بسيطة تدر عليهم بعض المال لمساعدة أسرهم في العيش.

ففي جازان وضواحيها تعج الأسواق الشعبية بالعشرات من الصغار الذين بحثوا لهم عن أعمال تجارية بسيطة لمساعدة آبائهم في بيع بعض المأكولات والمشروبات على الصائمين.

يقول نايف الجحدلي، وهو ابن الأحد عشر ربيعا، ويعمل في إحدى الأسواق الشعبية، متحدثا لـ«الشرق الأوسط»: «أستيقظ يوميا مبكرا طوال أيام شهر رمضان، وأجهز معداتي وأغراضي البسيطة، التي تساعدني في بيع بعض المأكولات التي تصنعها والدتي في المنزل، واتجه إلى سوق صبيا الشعبية».

ويستطرد «أجد قبولا كبيرا من الناس وإقبالا أكبر، ولا أعود يوميا إلا وقد بعت كل ما معي من مأكولات مثل السمبوسة واللقيمات وخلافهما». ويؤكد نايف «لست مجبرا على هذا العمل، ولكني أعمل بدافع قضاء وقت الفراغ والاستفادة من الوقت ومساعدة أهلي ونفسي في جمع قوت يومي واحتياجاتي لعيد الفطر المبارك».

وفي مكان آخر من السوق يجلس فيصل زربيان، وهو في ربيع عمره الـ14، أمام لوح تفوح منه روائح الفل والكادي والعطور التي تشتهر بها منطقة جازان، ويقول «أعمل في فترات الإجازات في بيع الفل والكادي، وقد استطعت تكوين قاعدة عملاء كبيرة حتى أصبحت أقوم بخدمات التوصيل للمنازل، وقد اشتهرت في نطاق أوسع من المدينة وبين المعلمين في مدرستي».

وعن العمل في هذه السن يوضح زربيان «أعمل في الإجازات كي أسلي نفسي من اللعب، ولعدم إضاعة الوقت في غير فائدة.. فأنا أسلي نفسي وأحصل على نقود أفضل من أن ألعب وأخسر».

من جهته يقول علي أحمد ذو الـ13 ربيعا «أنا أعمل مع والدي في محل بيع أسطوانات الغاز، التي تشهد إقبالا كبيرا مع أيام الشهر الفضيل»، مؤكدا أن عمله جاء برغبة منه من دون أي ضغوط من أي شخص عليه، مشيرا إلى أن والده بسبب ذلك الإلحاح عينه مشرفا في المحل.

من جهته، قال الدكتور عبد الرحيم الميرابي، الإخصائي النفسي في مستشفى الملك فهد بجازان، لـ«الشرق الأوسط»: «أي مجتمع يكون مستوى الدخل فيه مرتفعا لا يحب ممارسة الأعمال، والعكس، والأطفال ليس لديهم جانب الإشباع، ولديهم الشعور بالرغبة في التقليد وليس في التفكير، ويكون الطفل شاهد طفلا من أطفال الحي الذي يسكنه فعلا يحتاج أن يفتح كشكا صغيرا لبيع البطاطس أو الساندويتش لأن ليس لدى والده الاستطاعة لشراء ثوب العيد مثلا، فيقال له من أقاربه اعمل لك أي عمل يعود لك بالمال كي تقضي حوائجك، ولما يشاهده أبناء آخرين أغنياء يحبون أن يقلدوه، ولكنهم لا يقولون نحن فقراء، بل نحن نريد أن نستفيد من الوقت لأننا شعرنا بالملل».

وأضاف الميرابي «لا بد أن يتصرف الأب تصرفا إيجابيا تجاه الأطفال الذين لديهم الرغبة في الإقدام على التجارة، ويغرسوا فيهم حب التجارة».. مضيفا «إن حب الأطفال للتجارة أمر إيجابي إذا استثمر استثمارا جيدا».