توظيف مبنى البدنة الشمالية من قلعة دمشق كمتحف لأعمال الفسيفساء

من أولى ثمار ترميم القلعة التاريخية

عمل فسفسائي في القاعة الجديدة بقلعة دمشق
TT

مع تواصل أعمال الترميم في مباني قلعة دمشق التاريخية وانتهاء المرحلتين الأولى والثانية من الترميم والعمل في المرحلة الثالثة من مشروع الترميم الكبير، تحاول مديرية الآثار السورية العامة استثمار ما رمم من مباني وساحات القلعة ومكانها وسط دمشق.

وكان من بدايات استثمار القلعة ثقافيا تخصيص ساحاتها الواسعة لإقامة الحفلات الموسيقية للفرق الزائرة والمحلية لأشهر الموسيقيين العرب، فيما كانت أولى ثمار استثمار مباني القلعة المرممة تخصيص إحداها ليكون متحفا لعرض أجمل لوحات الفسيفساء المكتشفة في سورية بعد ترميمها في مشروع الترميم السوري ـ الإيطالي الذي ينفذ حاليا للأعمال الفسيفسائية المكتشفة. وقد افتتح المتحف مؤخرا وعرضت فيه ست لوحات فسيفسائية كبيرة وذات قيمة جمالية وتاريخية. وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» قال الدكتور غياث مدير المعمل الفني في مديرية الآثار والمتاحف السوري: تم استثمار مبنى البدنة الشمالي من القلعة (وهي امتداد من قاعة العرش باتجاه مركز القلعة وتبلغ مساحته 300 متر مربع) ليكون مكانا دائما لمكتشفات الفسيفساء المرممة حيث تم تأهيل المبنى ضمن المشروع السوري الإيطالي لتحتضن هذه الأعمال التي سترمم ضمن هذا المشروع ومن خلال فريق عمل متخصص في مجال ترميم الفسيفساء. وهذا المشروع اعتمدت فيه المدرسة الإيطالية في الترميم حيث دربت هذه المدرسة عددا من الطلاب السوريين على ترميم الفسيفساء وتم اختيار عمل ضخم مساحته حوالي 50 مترا مربعا كان موجودا في مستودعات مديرية الآثار حيث قامت المدرسة الإيطالية بتدريب الطلاب على ترميم هذا العمل وليكون أول عمل يعرض في المبنى المرمم في القلعة واستغرق ترميم العمل ستة أشهر. العمل هو عبارة عن لوحة فسيفساء (النيحة) المقسمة لخمسة أجزاء منها الحنية المركزية والحنيتان الجانبيتان وتم عرضها على حوامل أعدت خصيصا ضمن المشروع الإيطالي ـ السوري وعرضت مع العمل، وما يعرض حاليا في القاعة عبارة عن ست لوحات فسيفساء كبيرة بمساحات تتراوح كل واحدة ما بين مترين إلى ستة أمتار مربعة وهي تعود لثلاثة مواقع تاريخية في شمال سورية بمنطقتي ادلب ومعرة النعمان (مواقع الريان والنيحة والمعرة). تتميز اللوحات بوجود مشاهد تعبر عن الأبدية والحياة الأخرى بشكل رمزي كما تتضمن مشاهد من الصيد والألفة الحيوانية وكانت تشكل أرضيات لكنائس بيزنطية وتتميز هذه اللوحات أيضا بوجود إطار هندسي جميل يحيط بالمشاهد النباتية والحيوانية.

وعن كيفية ترميم هذه الأعمال قبل عرضها قال غياث إنها قد تم ترميمها بطريقة جديدة من خلال حوامل (الايرولام) وهي عبارة عن الصفائح اللاصقة بنموذج خلية النحل بحيث تفصل بين كل صفيحتين شرائح من الألومنيوم وهذه الحوامل خفيفة الوزن ومقاومة للظروف الجوية وبالتالي تسمح بعزل الفسيفساء عن الظروف المحيطة بها ويمكن نقلها بسهولة وهي مرتفعة الثمن تم استيرادها من إيطاليا مباشرة بينما سابقا كانت ترمم على حوامل أسمنتية ثقيلة الوزن لا تصلح لأن تبقى فترة زمنية طويلة وهذا الأسمنت يفرز بعض المواد التي تؤثر على مكعبات الفسيفساء مما يؤدي إلى إيذائها ولذلك اعتمدت طريقة الحوامل. ويؤكد الدكتور غياث أن هذه الأعمال ستعرض لمدة عام كامل ليؤتى بعدها بأعمال جديدة يجري ترميمها حاليا ضمن المشروع السوري ـ الإيطالي حتى تعرض لسنة كاملة أيضا ولتستبدل بعدها وتعود اللوحات القديمة إلى مكانها الأصلي.