عدسات أغلى من الذهب.. رافقت وصورت رواد الفضاء الأوائل

عدسات «كارل زايس» للهواتف الجوالة والسينما والصناعة والجراحة

TT

لعلك تقتني كاميرا أو هاتفا جوالا يستخدم عدسات «كارل زايس»، ولكن هل تعلم ما مزايا هذه العدسات وكيفية صنعها، ولماذا تتميز عن غيرها من العدسات؟ هل تعلم بأن هذه العدسات قد رافقت رواد الفضاء في رحلاتهم الأولى على متن مركبة «أبوللو»، وصورتهم وهم يسيرون في الفضاء، وعلى سطح القمر؟ هل ستفاجأ لو علمت بأن هذه العدسات مسؤولة عن دقة تصميم المعالج الموجود في كومبيوترك؟ وماذا لو علمت أن كثيرا من الأفلام السينمائية الناجحة التي أحببتها صورت باستخدامها؟ وهل تعلم بأن هذه العدسات تستخدم في التصوير الطبي والصناعي والفلكي أيضا؟ وما رأيك في نظرية أن عدد الميغابيكسل ليس مقياسا لجودة الصور الملتقطة؟

ضمن دعوة لزيارة فعاليات «عالم نوكيا»، تجولت «الشرق الأوسط» في مصنع «كارل زايس» للعدسات البصرية في مدينة أوبيركوخن الألمانية، وتعرفت على المراحل المعقدة لصنع هذه العدسات من أجل ضمان أكبر قدر ممكن من الجودة، وتاريخ الشركة الحافل، ومزايا عدساتها. وتستخدم الشركة تقنيات تعمل في أجواء مفرغة من الهواء، وذلك لطلاء سطح العدسات برذاذ شفاف يمنع انعكاس الصور عنها نحو العدسات الموجودة وراءها، وبالتالي الحصول على صور ذات ألوان براقة أكثر. هذا وتستخدم الشركة تقنيات فوق صوتية لتنظيف العدسات من الغبار قبل تركيبها في الأجهزة. وتوفر الشركة أكثر من 250 نوعا مختلفا من العدسات، حسب التطبيقات اللازمة، منها ما هو أثقل من المعادن، وبعضها يتخطى سعر الغرام منه سعر غرام الذهب. وأوضح مسؤولو الشركة أن عدساتهم تستخدم أيضا في استوديوهات تصوير الأفلام، واستخدمت في تصوير أفلام رائعة، مثل «سيد الخواتم» The Lord Of The Rings و«كينغ كونغ» King Kong و«بيرفيوم» Perfume، حيث يمكن ملاحظة خيال الأشخاص على جدران غرفة معتمة بوضوح كامل. وتقدم الشركة 110 أنواع مختلفة من الزجاج في صناعة عدسات السينما، وتستطيع بعض العدسات العمل لمدة 1000 عام بشكل طبيعي، بينما يعتبر البعض الآخر حساسا للحرارة ويتطلب تنظيفا مستمرا بمواد خاصة، وقد لا يستطيع العمل بعد عام في حال عدم تنظيفه بشكل صحيح.

وتوجد 9 مراكز تصنيع في ألمانيا (8521 موظفا، و448 متدربا)، و14 في 5 بلدان أوروبية، و3 في الولايات المتحدة الأميركية، و2 في آسيا وأستراليا، و2 في الشرق الأوسط وأفريقيا.

في الهواتف الجوالة وتعاونت هذه الشركة مع «نوكيا» عام 2005 لاستخدام عدساتها المتطورة في الهواتف الجوالة، كان أولها هاتف «نوكيا إن 90». وأصبح بإمكان المستخدم التقاط صور أفضل باستخدام العدسات المميزة، ومشاركتها مع الآخرين عبر التقنيات المدمجة في الهاتف. وتستخدم هذه العدسات حاليا في جميع الهواتف من فئة «إن»، وهواتف نوكيا «6500 إس»، و«6220 سي»، و«6260» و«5800 إكسبريس ميوزيك»، و«6710 نافيغيتر»، و«6720». ويستخدم كثير من هذه الهواتف تقنية أخرى اسمها «تيسار» Tessar، التي توظف 4 عناصر في التصميم من شأنها منع حدوث الانعكاسات غير المقصودة عند مرور الضوء عبر العدسات، وسرعة كبيرة في التقاط الصورة، بالإضافة إلى قدرتها على إيصال صورة عالية الدقة للهاتف.

وحاز هاتف «نوكيا إن 86» الذي يلتقط الصور بدقة 8 ميغابيكسل على جائزة أفضل هاتف للتصوير عام 2009، وهو يستخدم عدسة «كارل زايس» تلتقط الصور بزوايا عريضة باستخدام تصميم «تيسار»، ويمكنه التقاط صور واضحة في جميع ظروف الضوء، مع القدرة على تغيير القطر البصري Aperture حسب الرغبة، وذلك لتمرير كمية الضوء اللازمة إلى داخل الهاتف.

ولا تقدم الكاميرات الاحترافية «دي إس إل آر» Digital Single Lens Reflex DSLR هذه المزايا، حيث تلتقط صورا أفضل من تلك الملتقطة بالهواتف الجوالة (إن كان لدى المستخدم خبرة بخصائص التصوير)، ولكن الكاميرات المحترفة لا تستطيع الاتصال بالإنترنت وتحميل الصورة أو إرسالها عبر البريد الإلكتروني إلى الآخرين. وتتطلب عدسات الهواتف الجوالة والكاميرات دقة تصنيعية مرتفعة، وتواجه الشركة تحديات تقنية كبيرة للحفاظ على جودة الصور الملتقطة، نظرا لأن العدسات تحول الأجسام إلى صورة ذات بعدين، ويجب الحفاظ على كثير من خصائصها وضمان عدم تأثير انعكاسات الضوء الداخلية، وعدم حدوث التشتت الذي قد يؤثر سلبا على جودة الصورة.

وتؤكد «كارل زايس» أن اعتبار عدد الميغابيكسل مقياسا لجودة الصور ليس أمرا دقيقا، نظرا لأن نوع العدسة المستخدمة وجودتها هي عوامل ذات أثر كبير في تحديد الجودة النهائية، حيث يمكن أن تلتقط كاميرا تعمل بدقة مرتفعة وعدسة ذات جودة منخفضة صورا ذات جودة قليلة ولكن بدقة مرتفعة، الأمر الذي يعني أن الصورة النهائية لن تكون جيدة بالنسبة للمستخدم.

تطبيقات صناعية وطبية واستعرضت الشركة تقنيات تمسح الأجسام وتشكل صورا رقمية مجسمة ثلاثية الأبعاد لما يوجد في داخل تلك الأجسام. وكمثال على ذلك، مسحت الشركة هاتف «نوكيا إن 97»، وعرضت الصورة المجسمة النهائية أمام «الشرق الأوسط»، حيث أصبح بالإمكان مشاهدة جميع الدوائر الكهربائية الصغيرة والترانزستورات والمكثفات والمقاومات والبطارية، وغيرها من العناصر بمجرد الضغط على زر واحد. وتسمح هذه التقنية بمسح الأجسام الضخمة (مثل السيارات) وصولا إلى مجسمات دقيقة (مثل تروس الساعات). وتستخدم عدسات خاصة لهذه العملية تستطيع تكثيف أشعة المسح وفقا لبعد الجسم عنها، وذلك للحصول على دقة مرتفعة. ويمكن استخدام هذه التقنية في الصناعات أو في قطاع الطب (لتصوير ما بداخل جسد المريض واستعراضه من دون أي شق في الجسد، وذلك للحصول على تشخيص صحيح للمشكلات الداخلية). هذا، وتستخدم عدسات الشركة في مجال الطب الجراحي أيضا، مثل الجراحات البصرية والعصبية التي تتطلب دقة كبيرة في الاستخدام، بالإضافة إلى استخدام أكثر من 200 مليون شخص عدساتها في نظاراتهم الطبية.

واستعرضت الشركة أيضا مجموعة من العدسات المتخصصة في طباعة رقاقات المعالجات Lithography، وذلك عن طريق تمرير ضوء ليزري إلى داخل العدسات، ومن ثم تكثيفه وتمريره بالدقة المطلوبة إلى رقاقات السليكون الخام بدقة النانو، وذلك لحفر اللوحات الإلكترونية المطلوبة. ويمكن استخدام هذه العدسات لفحص الرقاقات الناتجة وتصحيح عيوبها فورا باستخدام برامج متطورة، الأمر الذي يوفر ملايين الدولارات على الشركات المصنعة. وقد يصل وزن هذه العدسات إلى أكثر من طن. وتستخدم بعض هذه العدسات في صناعة التلفزيونات المسطحة، وتطرح الشركة مجموعات من المناظير (العادية والرقمية) المتطورة التي تعرض أمام المستخدم الأجسام البعيدة بدقة مرتفعة للغاية في جميع ظروف الضوء المختلفة.

نظارات العروض المجسمة وعرضت الشركة أحدث ابتكاراتها التي أطلق عليها اسم «سينمايزر» Cinemaizer، التي هي عبارة عن نظارة تحتوي على شاشتين صغيرتين تعرضان الصور بشكل مجسم أمام المستخدم، وذلك باستخدام جهاز خاص يوصل بالهاتف الجوال أو أي مشغل فيديو أو جهاز ألعاب إلكترونية، يقوم بنقل الصورة من مشغل الفيديو إلى الجهاز، وعرضها بشكل مجسم ثلاثي الأبعاد. وتجدر الإشارة إلى أنه يجب الحصول على أفلام وألعاب مصممة لهذا الغرض للحصول على النتائج المفترضة. وسيطرح هذا الجهاز في الأسواق قبل نهاية العام الحالي.