اللبنانيون غاضبون من فوز فيلم «لبنان» بجائزة مهرجان البندقية

منتقدوه قالوا إنه يقدم الأحداث من منظور إسرائيلي للمشهد السياسي في الشرق الأوسط

TT

أثار فوز الفيلم الإسرائيلي «لبنان» للمخرج صموئيل ماعوز بجائزة الأسد الذهبي لمهرجان البندقية السينمائي الذي يروي تجربته الشخصية في اجتياح عام 1982، انتقادات واسعة من النقاد العرب، وفي لبنان أثار الفيلم عاصفة من الانتقادات الغاضبة على صفحات الجرائد وعلى مواقع الإنترنت.

وتشن الصحف اللبنانية حملة على الفيلم باعتباره منحازا يبرر لإسرائيل مجازرها و«يخلو من أي مراجعة سياسية» حسب تقرير لوكالة «فرانس برس».

وكان ماعوز قد أعلن إثر فوز فيلمه «لبنان»، وهو أول أعماله، الأحد الماضي أنه أراد أن يلقي الضوء على حرب لم يختر خوضها ويجسدها كما عاشها أربعة جنود إسرائيليين داخل دبابة.

ونقلت وكالة «فرانس برس» عن كبريات الصحف اللبنانية ردود فعل عن الفيلم الذي صور حياة أربعة جنود إسرائيليين داخل دبابة فقالت صحيفة «النهار» الواسعة الانتشار إن الفيلم أعد «من منظار إسرائيلي» مضيفة أن «العملية كلها تبدو دفاعا عن النفس لأن الطرف الآخر غير موجود وهو عدو ملثم الوجه ينعته الفيلم بالإرهابي».

ولن يتم عرض هذا الفيلم في لبنان حيث يطبق قانون مقاطعة المنتجات الإسرائيلية مثلما لم يتم عرض فيلم آري فولمان الذي شارك كجندي في الحرب نفسها وتناول في «فالس مع بشير» مجازر مخيمي صبرا وشاتيلا في وثائقي ممزوج بسيرة ذاتية.

في فيلم «لبنان» لا يرى الجنود الإسرائيليون من لبنان إلا المجازر التي يقومون بها: امرأة على حافة الجنون بعد موت طفلها، مسن تملكه الحقد...

لكن هذه الصور لم تقنع الصحافيين اللبنانيين الذين شاهدوا الفيلم في مهرجان البندقية حيث أوردت صحيفة «الأخبار» بأن الإعجاب الغربي بالفيلم يرتكز على «تعميمات وقراءة مغلوطة للمشهد السياسي في الشرق الأوسط إذ اعتبر الكثيرون أن الفيلم معاد للحرب، وكونه عملا إسرائيليا فذلك يعني أنه يعارض حروب تلك الدولة وينتقد مؤسساتها العسكرية».

ولكنه في الحقيقة لا يعارض شيئا بل يتحدث عن «الأزمة النفسية التي عاناها أربعة جنود داخل دبابة».

وتشير الصحيفة إلى أن الفيلم «يخلو من أي مراجعة سياسية واضحة» وتقول «أراد المخرج نقل الخوف الذي اعترى الجنود الإسرائيليين داخل الدبابة لكنه غير معني بتاتا بطرح الأسئلة الموجعة مثل: ما الذي دفع إسرائيل إلى غزو لبنان؟».

ويرى البعض أن أبرز أسباب فوز الفيلم هو أنه «قدم للمشاهد الغربي فرصة لإراحة ضميره وغسل يديه من الفظاعات التي ارتكبتها وترتكبها إسرائيل يوميا بحق العرب فيسمح له بأن يفرغ مشاعره السلبية من دون أن يقوده ذلك إلى طرح الأسئلة الحاسمة عن الكيان الصهيوني نفسه».

ومن جانبها تعتبر «النهار» أن الفيلم «يقع في ظاهرة تحويل الجلاد إلى ضحية أو شبه ضحية مثلما هو متوقع».

وتقول «بعد 27 عاما على قتله أول شخص في حياته يستبدل ماعوز منظار الدبابة بكاميرا» وتلخص الفرق بينهما بقولها «الأول لا يناقش بل يضرب أما الثاني فيحاول إقناعك».

وتشير صحيفة «المستقبل» إلى أن الجمهور في إيطاليا وغيرها بكى عند مشاهدة الفيلم «ليس أسفا على الذين ماتوا في الحرب وإنما تأثرا بأولئك الجنود الأربعة».

وتكتب: «(لبنان) فيلم إسرائيلي لا يخدم سوى (إنسانية) الكيان الصهيوني الذي يخوض الحروب مرغما ومتألما».

ويساهم الفيلم بحسب «المستقبل» لمن يراه من دون أن تكون لديه خلفية عن حقيقة الصراع العربي ـ الإسرائيلي «بردم الهوة الأخلاقية التي خلفتها مجازر حربي تموز وغزة وما سبقهما» باعتبار أن الخطأ وارد في الحروب.

ويرى البعض أن ماعوز أفاد من الموجة التي أطلقها الإسرائيلي آري فولمان قبل عامين في مهرجان كان السينمائي.

وبالإضافة إلى الصحف تزخر المدونات على شبكة الإنترنت بانتقادات لفيلم «لبنان»، فكتب أحد الأشخاص على مدونة «تويتر» أنه «فيلم إسرائيلي آخر يضفي الطابع الإنساني على الجنود الإسرائيليين ويحرم منه الضحايا اللبنانيين».