حشد من الرسامين والتشكيليين يشاركون في معارض المتعة البصرية

الخط العربي يستعيد وهجه في «ليلة المعارض» بالرباط

بنسالم حميش وزير الثقافة المغربي الجديد يجول في معارض «ليلة المعارض» و لوحات للخط العربي عرضت ضمن معرض «ليلة المعارض» (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

استعاد الخط العربي، بكل تشكيلاته وتشابكاته وتداخلاته، ذات البعد الجمالي والإبداعي، وهجه وتألقه في «ليلة المعارض»، وهي تظاهرة ثقافية وفنية نظمتها وزارة الثقافة المغربية والمعهد الفرنسي جريا على عادتهما مرة في السنة، حيث انطلقت في التاسعة والنصف ليلا، واستمرت حتى فجر اليوم التالي.

وشكلت الدورة الرابعة لهذا العام تجربة فنية فريدة احتضنت كل التيارات، وأتاحت لعشاق التشكيل متعة بصرية من خلال متابعة ما تفتقت عنه مخيلة أكثر من أربعين رساما مغربيا وأجنبيا، عبر 23 رواقا بالعاصمة، وبمدينة القنيطرة (40 شمال الرباط).

وحرص بنسالم حميش وزير الثقافة على حضور الافتتاح الرسمي لهذه التظاهرة، انطلاقا من قاعة محمد الفاسي، بمقر الوزارة، التي تحتضن إبداعات الفائزين بجائزة محمد السادس لفن الخط العربي، وكذا المكرمين، تنويها بما قدموه من خدمات في سبيل الارتقاء بالخط المغربي، والحفاظ عليه، وهم جمال بنسعيد، وعبد الرحيم كولين، وعبد الإله أمزال، ومحمد أمزيل، ومحمد مصطفى فلوح، وحميد الخربوشي، وعبد الصمد محفاض، ومحمد قرماد.

وقال حميش، إن الجميل في هذا التقليد السنوي، أو كما اصطلح على تسميته «بليلة المعارض» هو أنه يعطي للمشاهد اختيارات كثيرة في مجال متابعة تطور الفن التشكيلي، أو لوحات الخط العربي.

وقال حميش لـ«الشرق الأوسط»، إنه معجب بروعة الخط العربي الجميل، بما يعنيه من تجذر في التاريخ، وتأصل في الحضارة العربية والإسلامية، مشيرا إلى ارتباط الخط بالقرآن الكريم، حيث يلعب دورا أساسيا في إيصاله إلى المتلقي من خلال المصاحف المطبوعة. وذكر حميش ما شهده الخط العربي من تطور عبر العصور في مختلف تجلياته، حيث تكونت مدارس وأساليب فنية متنوعة، تجسدت أساسا في الكوفي والأندلسي والرقعي، وانتشرت شرقا وغربا، «وكل فخور بتراثه في هذا المجال،» حسب تعبيره.

وغير بعيد من مقر وزارة الثقافة، كان هناك في رواق «النادرة» معرض للفنان المغربي الشاب سعيد الرغاي، تحت عنوان «الحرف العربي بين الأمس واليوم»، حاول فيه، ومن خلال 70 لوحة معروضة، تجمع بين الزخرفة والخط، المزج بين ما هو قديم وما هو حديث، إذ تتضمن أعماله مخطوطات تعود إلى أكثر من 120 سنة للدلالة على التعايش ين ما هو تراثي، وما هو حداثي.

وأوضح الرغاي أن سر اهتمامه بالخط العربي يعود أساسا إلى كونه عربيا ومسلما، تأثر كثيرا به من خلال قراءاته وحفظه للقرآن الكريم، كما كان للوسط العائلي دور في الدفع به في هذا الاتجاه، فقد كان أفراد أسرته يقومون قديما بنسخ الكتب، ما جعله يرث عنهم عشق هذا الفن الجميل، ويسعى للتفنن فيه عن طريق ربطه بالعصر. بقية أروقة مدينة الرباط، التي طاف حولها عشاق الفن التشكيلي في «ليلة المعارض.. مسار فني ليلي»، حتى نال منهم التعب، ضمت جدرانها تجارب وتيارات فنية مختلفة عكست رؤى رسامين مغاربة وأجانب للحياة في مختلف تمظهراتها، وذلك من خلال تفاعلاتهم معها.

في رواق «مرسم» كان هناك معرض محمد نيلي، بتاريخه الفني الطويل، وبصمته التشكيلية المميزة، وفي رواق باب الكبير بحي الأوداية الأثري، محمد المنصوري بلمسات فرشاته المجنحة في عالم الصوفية، وفي الحي ونفسه، وفي رواق «نويغة» حكيمة جناح، باستعمالها لأدوات بسيطة في التعبير عن مشاعرها. وفي رواق مسرح محمد الخامس، ياسمينة الزيات، بلوحاتها الضاربة في العتمة الناتجة عن الحزن والحروب، وفي رواق المعمل الفني المهندسة والرسامة، مريم الشرايبي، بألوانها الصارخة والمتماوجة ذات الأشكال والأبعاد المختلفة.

وفي فضاء سفارة كرواتيا بحي السويسي، عرضت الفنانة التشكيلية الكرواتية ياكودا بويتس، تجربتها الفنية في استعمال الورق المقوى كأرضية للإبداع، وفي مقر المجلس الجهوي للرباط وسلا، عرض المصور البولوني دانيال منسكرات، بعدسته الملتصقة بملامح الناس في الشارع والسوق، وفي المركز الثقافي في حي أكدال كانت حروف وإيحاءات الفنان حيضر محمد المهدي. أما عبد الله بيلوط، فقد اختار رابطة العنق موضوعا أساسيا لفنه.

وفي رواق «فن الذوق» في الحي نفسه، صونيا كركوري الرسامة التونسية بعشقها لمنارات المساجد، وأحمد أمين، برصده لرموز من التراث والتصوف. وفي قاعة مؤسسة «القرض الفلاحي»، مصطفى غزلاني، وسعيد كودايد، والفنان الفرنسي فرانسوا، عرضوا في معرض مشترك تحت عنوان «الفن الرعوي»، إضافة إلى معرض يحوم حول الجسد الإنساني بتوقيع نور الدين فاتحي.

وفي رواق المعهد الفرنسي، الفنان سيرج أسيي، الذي جال في برلين في رحلة مكتشفا وجهها الإنساني كما تعكسه الصور الفوتوغرافية، وفي قاعة بورقراق في حي حسان، عبد اللطيف العيشي، ومحمد تومي، وعائشة أحرضان، بشغفهم بالألوان، واستغراقهم العميق في النهل من الطبيعة والتراث، وفي المعهد الهولندي، الفنانة نور أرناي، بوجوه نسائها وملامحهن المتوارية خلف بعضهن بعضا، وفي رواق «دار الفنون»، أمد حجوبي، وعز الدين بادو، باستغلال الرموز، والرسوم المستوحاة من النحوت البدائية القديمة.