إقبال غير معهود على اختبارات «دي.إن.إيه» لإثبات الأبوة في الهند

الظاهرة تعتبر أمرا مألوفا في الغرب.. لكنها بدأت تنتشر في المجتمعات الأخرى

العدد الحقيقي لاختبارات تحديد الأبوة كل شهر غير معروف، لأن العديد من المعامل لا تريد الإفصاح عن أي من هذه المعلومات، لكن الأطباء يشيرون إلى أن الأرقام مرتفعة
TT

يلجأ الأزواج في الهند هذه الأيام إلى اختبارات الأبوة لتحديد نسب أطفالهم، مع ازدياد حالات الاتهام بقيام النساء بعلاقات خارج إطار الزواج. ويتشكك الأزواج الراغبون في إجراء اختبار تحديد الأبوة في إخلاص زوجاتهم لمعرفة ما إذا كان الأطفال في أرحامهن من أصلاب أزواجهن أم أنهم أبناء عشاقهن.

ومع تقدم العلوم الجينية أصبح بالإمكان التيقن من الأب عبر تحليل البصمة الوراثية (دي إن إيه) والذي يعتبر قانونيا كافيا في الهند. ويشير معمل «إندو دي إن إيه دياجونيستكس» الموجود في دلهي والذي يقوم بتلك الاختبارات إلى أنه يجري أكثر من 30 اختبار أبوة شهريا للأزواج في الهند. وأن الأمر لا يقتصر على الأزواج الذين يتهمون زوجاتهم بخيانتهم. فالسيدة التي تقيم علاقة خارج إطار الزواج تتوجه صوب تلك المعامل لتحديد ما إذا كان الطفل ابن زوجها أم ابن عشيقها. ويشير المعمل إلى أنه في حال تيقن الزوجة من أن الطفل ليس ابنا لزوجها فإنها تتخلص من الحمل. وتقول سروابي ثابر، مديرة معمل إندو دي إن إيه دياجونيستكس، «تلك القضايا تحيلها إلينا مستشفى دلهي، ونحن نتصل بالعديد من المستشفيات والمستوصفات في عموم الهند لجمع عينات لنا ثم نرسلها إليهم بعد إجراء التحاليل اللازمة. ولتجنب التعقيدات في المرحلة النهائية نصر على ضرورة السرية».

تلك الظاهرة التي تعتبر أمرا مألوفا في المجتمعات الغربية مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة أخذت في الانتشار سريعا في الهند. وتضيف سروابي: «الغالبية العظمى من الخاضعات لاختبارات الأبوة ربما يقمن علاقات غير شرعية وعندما يعلم الزوج بها يطالب بإجراء الاختبار. وهناك حالات أيضا ترغب فيها الزوجة في معرفة والد الطفل دون طلب من زوجها».

بيد أن العدد الحقيقي لاختبارات تحديد الأبوة الذي يجري في الهند كل شهر غير معروف لأن العديد من المعامل لا تريد الإفصاح عن أي من هذه المعلومات، لكن الأطباء يشيرون إلى أن الأرقام مرتفعة.

يعود الفضل في انتشار اختبارات تحديد الأبوة إلى «باتيرنيتي تست إنديا» (إيسترن بيو تك) التي توفر اختبارات «دي إن إيه» في الهند، حيث تمكنت النساء الهنود من تعقب الأب البيولوجي للطفل والذي ربما قد لا تعرفه على الإطلاق.

وأوضحت مانديرا (تم تغيير الاسم بحسب رغبة المتحدثة) التي تبلغ من العمر 29 عاما، أنها علمت بشأن اختبار الأبوة عن طريق الإنترنت ومن ثم رغبت في إجرائه.

وقالت: «على مدار سنوات عديدة لم تكن أمي تريدني أن أعرف شخصية أبي، لكنني اتجهت إلى الإنترنت لمعرفة الخيارات المتاحة لاختبار الأبوة، واكتشفت أن بإمكاني القيام بالاختبار من منزلي».

وقد تقدمت مانديرا لاختبار الأبوة في «باتيرنيتي تست إنديا فري كيت» على الإنترنت، حيث أرسلت إليها أدوات جمع العينة في نيودلهي ولوالدها المزعوم الذي يعيش في دبي. وأضافت: «كنت أملك اسم والدي وكذلك كل التفاصيل الخاصة به وعنوانه في دبي ووافق على القيام بالاختبار ودفعت 11.500 روبية وأرسلت النتائج إلي بالبريد الإلكتروني خلال 14 يوما، وأنا سعيدة لأن أعلم أبي البيولوجي، لكني لم أخبر أمي أنني وجدت والدي الحقيقي».

يأتي «باترنيتي تست إنديا» كأحد مشروعات شركة «إيسترن بيوتك آند لايف ساينس»، وهي شركة تكنولوجيا حيوية تتخذ من دبي مقرا لها وتقدم جميع أنواع خدمات الاختبارات الجينية في الشرق الأوسط وآسيا.

وعادة ما يلجأ الكثير من الأفراد هذا النوع من الاختبارات من أجل الراحة العقلية ويتم الحصول على العينة من الأفراد الثلاثة الأب والأم والابن، لكن في حالة شكوك الابن حول بنوة طفله يمكن أن يجري الاختبار دون معرفة الأم أو موافقتها.

ويقول بانكاج سوهاني، المدير التسويقي لشركة باتيرنيتي تست إنديا: «إن أدوات جمع العينات التي نقدمها لعملائنا تضمن لهم السرية والسرعة في معرفة ما إذا كان أبناؤهم من أصلابهم فعلا أم لا دون معرفة الطفل أو الأم». وتخطط الشركة الآن لطرح تلك الأدوات في الصيدليات في عموم الهند. وأشار بانكاج إلى أن عدد النساء اللاتي يتقدمن لعمل اختبار الأبوة في تزايد، حيث أصبح شائعا هذه الأيام.

وأوضح بانكاج أن سياسة شركته تعارض كلية إجراء الاختبارات قبل الولادة ولا تقوم بذلك إلا بموافقة الزوجين، حتى أنها تقدم إليهم جلسة نصح إذا ما تطلب الأمر ذلك. وقال: «عادة ما يكون الموقف محزنا ومقلقا وغالبا ما ينتهي إما بالطلاق أو التخلص من الحمل. إنها قضية أخلاقية أكثر من أي شيء آخر. وقد أوضحنا أننا لا نرغب في القيام بذلك. لكن الزوج عادة ما يكون مصرا إصرارا تاما، ومن ثم فإنها مسألة شائكة نحاول تجنبها ولا نرغب في التورط فيها».

لكن تلك التحاليل عملت على تعزيز الصلات في قضايا معينة، ففي قضية ريتوراغ سنغ (تم تغيير الهوية) من عائلة هندية نافذة، ثارت شكوكه لدى علمه بإقامة زوجته علاقة خارج إطار الزواج فقال: «كنت متوجسا بشأن أبوة ابني، لذا أجريت الاختبار على الرغم من أنني أحب زوجتي كثيرا جدا» ومن حسن حظه كانت النتيجة إيجابية فقد كان الطفل ابنه، وقال إن الحب بينه وبين زوجته زاد بعد التقرير.

يتم إجراء اختبار «دي إن إيه» في النصف الثاني بين الأسبوع الـ 14 والـ20. وخلال هذا الاختبار يقوم الطبيب باستخدام الموجات فوق الصوتية لبيان مسار الإبرة الرفيعة التي تدخل إلى الرحم عبر البطن. وتقوم الإبرة بسحب كمية صغيرة من السائل المحيط بالجنين ليجري عليه الاختبار. وتعد مخاطر إصابة الطفل محدودة في هذه العملية، لكن المخاطر التي قد تحدث تشمل آلام البطن وتسرب السائل المحيط بالطفل والنزيف المهبلي، ومن ثم لا بد من موافقة الطبيب قبل القيام بهذا الاختبار.

ويتكلف اختبار الأبوة في الهند ما بين 11.500 روبية و15.000 روبية. وتطلب معامل اختبارات الأبوة عدة وثائق من بينها بطاقة الهوية وشهادة الزواج (في حالة الزواج) قبل أخذ العينة. ويمكن استخدام الوثائق الرسمية التي يصدرها المعمل في رفع حالات طلاق في حال عدم ثبوت بنوة الطفل.

وقد أقر القانون بإجراء هذه الاختبارات حتى في حال عدم موافقة الزوجة. لكن كل القضايا لا تنتهي نهايات سعيدة، فقد كشف اختبار لطفل يبلغ من العمر 4 سنوات أن الزوجة كذبت على زوجها وأدخلت عليه طفلا ليس من صلبه، وهو ما دفعه إلى رفع قضية طلاق بعد ست سنوات الزواج. وقالت ريتو المحامية بمحكمة دلهي العليا: «إن الاختبارات تقدم الأسس لرفع قضايا إثبات الزنا. ويمكن للأفراد اللجوء إلى المحاكم إذا كانت النتائج سلبية، أي إذا ما أثبتت النتائج أن الزوج ليس هو الوالد، وإذا ما كانت النتائج إيجابية يفقد الزوجان الود بينهما. علاوة على ذلك، يمكن استخدام تلك الاختبارات كأدلة في قضايا الطلاق».