بادرة تشكل نواة أولى لصناعة حقيقية للسينما الكردية

المديرية الجديدة تشارك في 6 مهرجانات دولية إضافة إلى 3 أخرى محلية

مشهد من فيلم «همسة مع الريح»
TT

وضعت وزارة الثقافة في إقليم كردستان العراق النواة الأولى لخلق صناعة حقيقية للسينما في الإقليم، عبر تشكيل مديرية عامة تدير شؤونها، والتي دشنت خطواتها أخيرا بتوحيد مديريات السينما في محافظات الإقليم الثلاث أربيل والسليمانية ودهوك التي كانت تعمل منفصلة عن بعضها البعض من دون أن ترتقي إلى مستوى الطموح، كما يؤكد ذلك المدير العام لهذه المؤسسة المخرج المخضرم ناصر حسن الذي أمضى أكثر من ثلاثة عقود في مجال الإخراج السينمائي والتلفزيوني والمسرحي والإذاعي.

وكان حسن قد أخرج العشرات من الأعمال الدرامية والمسرحية التي كانت تصل إلى المتلقي في كردستان فقط عبر شاشة قناة تلفزيون كركوك الأرضية، المحطة الكردية الوحيدة في العراق حتى مطلع التسعينات من القرن المنصرم، والتي ما برح الكثير منها حيا في ذاكرة قطاع واسع من الشعب الكردي، حتى بات اسم ناصر حسن عنوانا للحركة السينمائية والتلفزيونية والمسرحية في إقليم كردستان.

ويقول حسن إن مديريته التي تشمل أنشطتها أيضا المناطق المسماة بالمتنازع عليها بين الإقليم وبغداد وخصوصا مدينة كركوك، وضعت خططا مدروسة وآلية منتظمة لإطلاق صناعة حقيقية للسينما في الإقليم تكفل عدم تكرار أخطاء الماضي في هذا الميدان، وتوفر المقومات والعناصر والمستلزمات المطلوبة لذلك، مشيرا إلى أن الوزارة أنفقت منذ عام 2002 سبعة ملايين دولار أميركي منحت كمبالغ نقدية إلى جهات مختلفة لإنتاج أفلام سينمائية كردية، كما صرفت أربعة ملايين دولار أخرى لتمويل مشاريع مماثلة لمخرجين أكراد من خارج الإقليم، من دون أن تكون الحصيلة شيئا يذكر.

وأضاف حسن في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» أن الدراسة التي وضعتها مديريته أفضت إلى نتائج تحتم أولا إرساء قواعد البنى التحتية لصناعة السينما في الإقليم بموازاة استمرار عملية الإنتاج بصورتها الصحيحة والدفع بها قدما نحو الإمام لتحقيق التقدم المنشود، منوها بأن الخطوة الأولى في هذا الاتجاه تتطلب بناء نحو عشر دور للسينما في مدن وقصبات الإقليم المختلفة وبأحدث الطرق الفنية، وتجهيزها بعارضات الأفلام المتطورة التي تجعل الفيلم المعروض أكثر استساغة وتشويقا، والاستعانة بخبرات أجنبية ماهرة، والتعاقد مع إحدى شركات هوليوود لإقامة وتنظيم دورات تدريبية على مستوى عال للكوادر المحلية على أجهزة وأساليب الإنتاج والإخراج والتصوير السينمائي، واستيراد مختبرات خاصة بطباعة وتحميض الأفلام داخل الإقليم تفاديا للضغوط الخارجية ومقص الرقيب.

وقال «دور العرض الحديثة أهم وأبرز عناصر خطتنا الجديدة لضمان عرض الأفلام التي ستنتج لاحقا ووصولها إلى الناس، ذلك أن دور السينما قد انقرضت في الإقليم كلية منذ بداية التسعينات، بدليل أن الوزارة أنفقت مبالغ كبيرة على إنتاج أفلام لم يشاهدها سوى 5 في المائة من الناس في الإقليم».

وأشار حسن إلى أن مديريته ستشارك خلال الأشهر الأربعة القادمة في ستة مهرجانات دولية لعرض الأفلام الكردية فيها، إضافة إلى ثلاثة مهرجانات محلية، في محافظات الإقليم الثلاث.

وتابع «للمرة الأولى في التاريخ ستقيم وزارة الثقافة مهرجانا خاصا للأفلام الكردية في مدينة زيوريخ السويسرية الشهر المقبل بمشاركة 40 فيلما روائيا وقصيرا، وقد اتخذت الوزارة قرارا بإقامة هذا المهرجان سنويا في إحدى الدول الأوروبية». وفي تقييمه لمهرجان الأفلام الكردية الطويلة والقصيرة والوثائقية الذي يقام سنويا في العاصمة البريطانية لندن بمشاركة العشرات من كبار المخرجين الكرد قال حسن «شخصيا اعتبر مهرجان لندن الذي يقام سنويا مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) من أفضل المهرجانات العالمية، كونه يقام على مستوى رفيع جدا من حيث التنظيم والتحكيم والمشاركة الواسعة للأفلام من كل بقاع العالم وخصوصا الأفلام التي تتناول القضية الكردية أو حياة الشعب الكردي». وأردف يقول «هذا المهرجان يمتاز بأنه من أفضل وأضخم المهرجانات السينمائية الكردية في الخارج قاطبة، وله سمعة فنية مرموقة ورفيعة جدا، لأن مجموعة كبيرة من الفنانين الكرد المعروفين يشاركون فيه سنويا بأعمال فنية ممتازة، وإن استمرار هذا المهرجان وغيره يوحي بأن السينما الكردية بدأت تسير نحو الأمام، ونأمل أن تتعاون إدارة مهرجان لندن مع مديريتنا على صعيد تنظيم مهرجان زيوريخ وإكسابنا جزءا من خبرتها الواسعة، ونحن في انتظار ذلك».

وأعرب حسن عن استعداد وزارة الثقافة في الإقليم لتمويل مشاريع أفلام مشتركة للمخرجين الكرد المغتربين، شريطة أن تحتفظ الوزارة بنسبة 51 في المائة من إجمالي النفقات.. مؤكدا بالمناسبة أن نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) القادم هي آخر موعد لاستلام مشاريع الأفلام والأفكار الفنية من أصحابها، كي تتمكن الوزارة من إنتاجها خلال العام القادم، لأن الآلية السابقة التي كانت تتيح المجال لتقديم المشاريع السينمائية والدرامية إلى الوزارة على مدار السنة قد ألغيت تماما، لأنها سببت، على حد قوله، إرباكا في عمل مديرية السينما التي حددت شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) فقط موعدا لاستلام تلك المشاريع الفنية.