حلويات العيد.. من العمل في المنازل إلى المحلات

تسهر ربات البيوت من أجلها الساعات الطويلة

نظرا لارتفاع أسعار المواد الأولية اقتصرت بعض العائلات التونسية على صناعة الغريبة الحمصية والسابلي والبسكويت («الشرق الأوسط»)
TT

تزدحم الطرقات المؤدية إلى المخابز ومحلات طهي الحلويات في تونس بما يجعل الطوابير تطول من أجل الفوز بحلويات تحمل علامة «صنع بالبيت» التي تفضلها الكثير من العائلات التونسية وهذا على الرغم من الزحف الهائل للحلويات الجاهزة التي تقدمها محلات وفضاءات تجارية عديدة.. أطباق من مختلف الأصناف والأشكال بعضها أتى مثل السلاطين فوق الرؤوس والأعناق والبعض الآخر خرج بصعوبة من المقاعد الخلفية للسيارات زاحفا على أفران المخابز التي تفتح أبوابها ليلا ونهارا لاستقبال الأعداد الهائلة من شتى أصناف الحلويات.

بقلاوة الباي.. البقلاوة التركية.. المقروض القيرواني... كعك الورقة.. الغريبة.. وذنين القاضي.. قرن الغزال التطاويني.. هذا قليل من كثير تحويه قائمة الحلويات التي تقبل العائلة التونسية على صناعتها كل سنة بالمنازل خلال الأيام الأخيرة من رمضان... وفي انتظار فرحة العيد، تسهر ربات البيوت من أجلها الساعات الطويلة وتسعى للاحترام الصارم للمقادير حتى تستوي الحلويات كأجمل ما يكون وهي في ذلك تنافس بصفة غير مباشرة الحلويات الجاهزة المطروحة في معظم الفضاءات وتتفوق عليها في الكثير من المواقع.

ولئن خيرت بعض العائلات بين تعب صناعة الحلويات «الدياري» وما تتكلفه من مال وجهد، فإن البعض قد يتعلل بغياب الوقت الكافي لصناعة مثل تلك الحلويات وتتجه مباشرة نحو الجاهز الذي قد يكون أقل جودة وأرفع سعرا.. وتنشط خلال هذه الفترة كذلك محلات بيع الفواكه الجافة لتوفر اللوز والفستق والكاكاوية والبندق والجوز الضرورية في صناعة الحلويات التونسية المتنوعة. وتتطلب صناعة الحلويات بصفة عامة الفارينة (الدقيق) كمادة أساسية والسكر والزيت والبيض وبعض المواد الإضافية الأخرى على غرار الجلجلان والشوكولاته وقوالب والزهر والعطرشية لإضفاء نكهة ممتازة على الحلويات.

وبالنظر لارتفاع أسعار المواد الأولية خلال السنوات الأخيرة، فقد اقتصرت بعض العائلات التونسية على صناعة الغريبة الحمصية والسابلي والبسكويت، ولا تمثل البقلاوة التي تكلف الصينية منها ما بين 80 و100 دينار تونسي إلا نسبة 10 في المائة مما يتم إعداده للعيد. وتتقاضى المخابز مبلغ دينار تونسي واحد مقابل إنضاج طبق من البسكويت إلا أن السعر يرتفع إلى ما بين 6 و12 دينارا تونسيا بالنسبة لطبق البقلاوة. وتقدر ربات البيوت أن خمسة كيلوغرامات من الفواكه الجافة بالإضافة إلى ما يناسبها من المواد الغذائية الضرورية لصناعة الحلويات والسكر، توفر قرابة 10 كيلوغرامات من البقلاوة أي ما يعادل 500 قطعة بقلاوة.

وترى فاطمة الهمامي (ربة منزل) أن الإقبال على عادات الأجداد مسألة ضرورية لا يمكن التخلي عنها ولكن حسن التدبير والتصرف في موارد العائلة ضرورة كذلك. ومهما يكن الأمر فإن صناعة الحلويات في البيت لها تأثيرات إيجابية على العلاقات العائلية وعلى المحافظة على كثير من أصناف الحلويات من التشوه والانقراض. وأضافت الهمامي «عددت القليل من البسكويت والمقروض والغريبة الحمصية واحترمت في ذلك المقادير المعروفة ولا يمكن بأي حال من الأحوال المقارنة بين الحلويات الدياري والحلويات الجاهزة».

وتحرص رمضانة بن موسى من ناحيتها على ما اعتبرته «عناء» إعداد الحلويات إلا أنها تنطلق في ذلك بصفة مبكرة وبداية من أول يوم من النصف الثاني لرمضان. وترى أن حلويات المنزل خالية من الغش الذي دب إلى حلويات العيد فالبعض على حد تعبيرها يضع الجلبان والفول بدلا من الفستق واللوز، والسكر العادي بدلا من سكر الحلويات، وهذا يفسد الطعم المميز للحلويات التونسية.

وقال لطفي المهداوي (وكيل مخبز) إن الالتزام العائلي بالحلويات «الدياري» تراجع بصفة ملحوظة ولم تعد العائلات تحرص على إعدادها في المنزل واستسلمت للجاهز من الحلويات وهذا على الرغم من الأضرار الصحية العديدة التي قد تخلفها وربما يفسر ذلك بارتفاع كلفة المواد الأولية والمجهود البدني الضروري والسهر ليالي متتالية من أجل الفوز بحلويات جيدة.