البصرة: المنازل الحديثة تستلهم تصاميمها من البيوت التراثية

«الشناشيل» تحتل مجددا واجهات الدور

«الشناشيل» التي كانت تميز البيوت القديمة ظهرت مجددا في المنازل الحديثة («الشرق الأوسط»)
TT

قبل أن تندثر الدور التراثية بشناشيلها المعروفة التي شيدها الأهالي قبل أكثر من ثلاثة قرون في محافظة البصرة، استهوت تصاميم واجهاتها الراغبين ببناء مساكن لهم، فشيدوا بيوتا حديثة مستوحاة من الفنون المعمارية لهذا الموروث الجميل، وظهرت أحياء تتميز بواجهاتها الفلكلورية.

لم يلجأ المعماريون والبنائيون وقتذاك إلى بناء البيوت وفق طرز الشناشيل الذي يدخل الخشب في معظم تصاميمها لأسباب تتعلق برخوة الأرض وعدم قدرتها على تحمل طوابق عليا فحسب، بل لتداعيات مناخية وجمالية أسهم توفر الخشب الذي يصل إلى البصرة عن طريق البحر واعتماده في بناء معظم مساحة الدار لما يمنحه من حرية الحركة وسهولة التحكم ومرونة التشكيل بما يرضي الذوق العام ويجعل من واجهات هذه البيوت بما يشبه لوحات تشكيلية زاخرة بفنون الزخرفة والخط والأشكال الهندسية المتداخلة.

وقال عمار جاسم، مهندس مدني، لقد «تميزت البيوت الحديثة عن التراثية بالتغلب على رخاوة الأرض والعوامل المناخية باستخدام حديد التسليح لتشييد دور مكونة من أكثر من طابق والتغلب على تقلبات الجو باستخدام تقنية أجهزة التكييف والاستعاضة عن كميات كبيرة من الأخشاب بالطابوق والصفيح السميك لكنهما يشتركان في تصاميم الواجهات التي تنوعت ما بين المقبط وأبو الستارة». وأضاف «تشترك البيوت التراثية والحديثة باستخدام الأبواب الخشبية الكبيرة والزجاج الملون والمرايا التي تمنح ألوان الطيف الشمسي وألوانا أخرى عند إطلالة الشمس على باحة البيت مما يجعلها أكثر بهاء ومتعة كما تتوزع الأقواس العباسية المستديرة والمدببة في عدة أماكن، تضاف إلى جمالية المظلات المزخرفة في أعالي الشبابيك الخارجية التي تم استبدال الأخشاب في مظلات الشبابيك الخارجية بحجر القرميد الأحمر بدلا من الأخشاب تنكأ على أعمدة وأقواس وأعمال نحت وأشكال للفسيفساء»، مشيرا إلى أن «أصحاب البيوت الحديثة يستخدمون الطلاء والأصباغ في تلوين شناشيلهم الحديدية فيما كان السابقون يطلونها بدهن الأخشاب بعد خلطه بماء الورد الذي يمنحها بريقا وعطرا يستنشقه المارة على مسافة بعيدة من هذه البيوت، وحافظ على جماليتها رغم تجاعيد الزمن لعقود طويلة».

وأوضح عبد العباس محمد، بنّاء، «كان العمل في الشناشيل القديمة تتداخل فيه خبرة النجارين بالبنائين، يختص بعضهم ببناء الطابوق والآجر المنجور الذي يعمل منه بواسطة الآلات حادة أشكال هندسية ويجري بناؤه بطريقة تعرف (جف قيم) والذي لا يحتاج بعدها إلى أية أعمال مكملة، أما في الشناشيل الحديثة فقد دخل أصحاب قوالب صب الكونكريت المسلح مكان النجارين لتنفيذ الأقواس والأعمدة والجسور الرابطة»، مشيرا إلى ظهور بيوت حديثة مشيدة على شكل شناشيل وبشكل متجاور تمنح البهجة في نفوس المارة وتعطي طابعا جماليا للأحياء السكنية الآخذة بالتنامي في مناطق البراضعية وقبالة دور النفط والمفتية.

من جانبها أكدت سندس اللامي، تربوية، أن «سكان بيوت الشناشيل القديمة كانوا حريصين على وضع تعويذة فوق الباب الرئيسي للبيت الذي تتوسطه مطرقة نحاسية برأس غزال أو رأس حيوان نحاسي أو خضرمة زرقاء كبيرة لطرد عيون الحاسدين، أما اليوم فتمت الاستعانة بكتابة آي من الذكر الحكيم أو دعاء أو صلوات».