مهرجان قازان السينمائي الدولي في «مفترق الطريق»

استقبال حار للفيلم الإسرائيلي بحضور الوفود العربية

إحدى فعاليات مهرجان قازان السينمائي الدولي («الشرق الأوسط»)
TT

اهتز وقار مهرجان «المنبر الذهبي» للسينما الإسلامية لأول مرة منذ انعقاد دورته الأولى في عام 2005. بات من الواضح أن تبعات الأزمة المالية وتداعياتها ونجاح البعض في استغلالها لتحقيق مآرب ذاتية وفرت أفضل الفرص لتسلل الفيلم الإسرائيلي إلى أروقة المهرجان الذي يبدو أن هناك من يتصور انه السبيل الأمثل لتدفق الدعمين المادي والثقافي والسياسي من جانب ممثلي الدوائر الإسرائيلية في الساحتين المحلية والدولية. ورغم كل الجهود التي بذلها القائمون على المهرجان للاحتفال بالذكرى الخامسة لانطلاقته الأولى تحت شعار «من حوار الثقافات إلى ثقافة الحوار» في أجواء تليق بالمناسبة فإن ما اتخذته اللجنة المكلفة باختيار الأفلام المشاركة في هذه الدورة من قرارات منها ما يقضي باختيار فيلم إسرائيلي قالت انه بمشاركة ألمانية ضمن أفلام المسابقة الرسمية للمهرجان فضلا عن غياب النجوم أفسد الكثير من محاولات اللجنة المنظمة لتحقيق أفضل الأجواء لإنجاح هذه الدورة. رئاسة الشيخ راوي عين الدين رئيس الإدارة الدينية ورئيس مجلس المفتين في روسيا للمهرجان لم تحل دون مشاركة السينما الإسرائيلية التي كان من الممكن أيضا أن تزيد حتى ثلاثة أفلام منها ما كان موغلا في عدائه للعرب. وإذا كانت هذه المشاركة أثارت بعض غضب المشاركين العرب وكانوا في معظمهم من الشباب حديثي العهد بالسينما فإنها لم تدفعهم إلى اتخاذ موقف موحد تجاه هذه المشاركة وراح كل منهم يبحث عن الملاذ والذرائع بعيدا عن خيارات الانسحاب أو إصدار بيانات الشجب والإدانة تحسبا لاحتمالات إغلاق باب المهرجان دونهم في دوراته المقبلة. كان واضحا إعلاء الخاص على العام. لم تستغرق فورة غضبهم أكثر من دقائق معدودات عاد كل منهم بعدها إلى حساب الخسائر والمكاسب من مهرجان لا يزال الكثيرون يعلقون عليه الكثير من آمالهم. تقاطر المعترضون مع أعضاء الوفد الإيراني إلى قاعة العرض لمشاهدة الفيلم الإسرائيلي الذي استقبلته وودعته القاعة بالتصفيق المتواصل وإن عادت لتصفق أيضا لجمال دوبا المنتج العربي الذي انتقد دعوة الفيلم إلى مهرجان للسينما الإسلامية وأدان مضمون الفيلم الذي يبدو لعبا على أوتار مشاعر البسطاء ممن يجهلون حقيقة الصراع العربي الإسرائيلي فيما يظل أفضل دعاية للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. ولم لا وقد شاركت الهيئات الرسمية في تمويل هذا الفيلم؟! الفيلم الإسرائيلي «مساعدة لأبي» تناول قصة شاب فلسطيني حاول القيام بعملية انتحارية بين المدنيين في أحد أسواق تل أبيب مقابل مبلغ من المال طلب تسليمه إلى أبيه لكنه عاد بعد فشله في القيام بهذه العملية لأسباب تقنية إلى التعايش مع عدد من العائلات الإسرائيلية بعد تعرفه على فتاة إسرائيلية تركت العيش المشترك مع ذويها لأسباب تعود إلى إغراق شقيقيها في التدين. وثمة من يقول إن دعوة السينمائيين الإسرائيليين وغياب الفلسطينيين هذا العام يبدو وكأنه رد على ما شهده مهرجان العام الماضي من كثرة الأفلام الوثائقية والروائية القصيرة التي أسهبت في تناول جوانب المأساة في الأراضي العربية المحتلة والآثار المدمرة للتوسع الاستيطاني للمحتل الإسرائيلي وهو ما انتقده المسؤولون عن المركز الصحافي في دورة العام الماضي. في دورة هذا العام اجتمع ممثلو ما يزيد على 35 دولة في 36 فيلما هي حصيلة برنامج مسابقات الدورة الخامسة لمهرجان قازان السينمائي الدولي الذي يتمسك القائمون عليه بضرورة عقده تحت شعار «السينما الإسلامية» رغما عن أن جغرافية المكان وخريطة الزمان تقولان إن لجنة المشاهدة والاختيار لم تقصر برنامج المهرجان على أفلام الدول العربية والإسلامية. كانت القائمة تضم 67 دولة قدمت ما يقرب من 400 فيلم بين الروائي الطويل وبلغ عددها 168 فيلما و94 فيلما وثائقيا إلى جانب 138 فيلما قصيرا. قائمة المشاركين في مسابقات المهرجان الثلاث ضمت الكثير من البلدان العربية والإسلامية ومنها مصر وسورية وفلسطين والمملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة والسودان إلى جانب إيران والهند واندونيسيا والبلدان الأوروبية ومنها بريطانيا وفرنسا والنرويج والبوسنة والهرسك وايطاليا والولايات المتحدة وكندا. ورغما عن مثل هذه السلبيات فقد نجحت اللجنة المنظمة في دعوتها لمشاركة فيلم «حسن ومرقص» من مصر وإن فشلت في إقناع أي من كبار المشاركين فيه بالحضور. قائمة أفلام مسابقات المهرجان تضمنت أيضا ثلاثة أفلام إيرانية منها اثنان داخل المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة وفيلمان روسيان منهما فيلم «وكانت الحرب» للمخرجة فيرا جلاجوليفا الروسية وهو الفيلم الذي اختاره مهرجان القاهرة السينمائي الدولي للمشاركة في دورته المقبلة هذا العام ضمن أفلام مسابقته الرسمية. أما المشاركة السعودية فقد اقتصرت على فيلم «الحقيقة» وهو فيلم تسجيلي أعده أسامة الخريجي عن قصة إسلام عائلة بلجيكية تعيش في الأردن، إلى جانب عدد من الأفلام القصيرة من إنتاج وإخراج عدد من شباب البحرين والإمارات العربية المتحدة ومنهم سعيد سالمي ومحمد دالي.

وأثار فيلم «رحمة للعالمين» الذي تقدم به المخرج السوري نجدت انزور إلى المهرجان ممثلا للسودان ضجة إذ أن هذا الفيلم لم تختره لجنة الاختيار ضمن قائمة أفلام المسابقة الرسمية ولكنه حظي بتقدير خاص من جانب زاودي ماميرجوف مدير المهرجان ليقرر منحه الجائزة التي تحمل اسمه تقديرا للجهد الفني والقيمة الروحية والتاريخية لهذا الفيلم الذي يتناول مقدمات ظهور الرسالة المحمدية.