برازيلي يغير من شكل قريته الفقيرة بالموسيقى

قال: عندما أجد الباب مغلقا أفتحه بالقوة

حث براون السكان المحليين على الانضمام إلى اتحاد مدني أسسه وحاول الضغط على كل من واجهه من السياسيين وأصحاب الأعمال الخيرية والمانحين مثل الملك خوان كارلوس ملك إسبانيا الذي زار كانديل عام2005 («نيويورك تايمز»)
TT

من شرفة تطل على ميدان كانديال غيتو، حيث يقع استوديو تسجيل وساحة تدريب فرقته تمبالادا للآلات الموسيقية، يقوم الموسيقي كارلينوس براون بتقييم العوالم المتناقضة التي تحدد ملامح الحي الذي نشأ فيه. ففي مشهد مألوف في دولة مثل البرازيل يوجد إلى يساره منزل بالطوب لم ينته العمل به، هو كل ما استطاع مالكه بناءه، ومن خلفه عدد من المنازل المتواضعة التي تصطف بطول الشارع المنحدر الذي أعيد تسميته باسم المغني الشهير بوب مارلي. وإلى جوار ملعب كرة القدم تصطف الأكواخ المصنوعة من الأخشاب القديمة. وعلى قمة التل التي تحيط بالمنطقة توجد المنازل والبنايات الفاخرة التي يسكنها أثرياء المدينة التي تعد ثالث أكبر المدن البرازيلية التي يقطنها أكثر من ثلاثة ملايين فرد.

وقال براون، البالغ من العمر 46 عاما: «الفقر ليس عذرا لأي شيء، بل هو فرصة في حد ذاته».

قدم براون ـ المغني وكاتب الأشعار والعازف الذي يعد أحد أفضل فناني البرازيل ـ في السابق موسيقى النقر على براميل المياه التي اعتاد أن يحملها إلى المنزل لوالدته التي كانت تعيل عائلتها من غسيل الملابس. في ذلك الوقت كان حيه كانديل بيكوينو أو كانديل الصغير به العديد من أشجار الفواكه التي يلجأ إليها الصبي إذا ما شعر بالجوع. لكن مع نمو مدينة سلفادور تطور حي كانديل (الذي ينطق كانديجال) على ما سمي حزام الغابات الاستوائية في منتصف المدينة، وتوسع وبات سريعا لدرجة أنه ضاق بسكانه، ففاضت مياه الصرف الصحي في الشوارع حيث يلعب الأطفال. وكانت الطرق غير المعبدة التي تفيض بالمياه في الأمطار تنشر الأوحال والقمامة والأمراض في المنازل. كانت الكهرباء تسرق بصورة غير شرعية لكن مع ذلك كانت الكثير من المنازل تبيت مظلمة خلال الليل.

أدرك براون حينها أنه من خلال المال والاحترام يمكنه مساعدة حيه، وأن عليه كتابة المزيد من الأشعار التي تصور المأساة التي يعيشها.

منذ خمس عشرة سنة مضت، اتخذ براون خطوته الأولى وأسس مدرسة موسيقية للأطفال الذين أحبوه: فقد كان فقيرا ويائسا لكنه كان مليئا بالأحلام. أطلق براون على الفرقة اسم براكاتيوم على اسم الصوت الذي تحدثه الطبلة اليدوية المستخدمة في فرق آلات النقر، وكانت أدواته مثل تمبايو وتان تان.

ومن هنا بدأ التحول الكبير في كانديل وقام بأكثر الأشياء تميزا قاد الفرقة رجل أسود في مدينة يغلب عليها السود حيث نادرا ما يكون السود قادة التغيير.

حث براون السكان المحليين على الانضمام إلى اتحاد مدني أسسه وحاول الضغط على كل من واجهه من السياسيين وأصحاب الأعمال الخيرية والمانحين مثل الملك خوان كارلوس ملك إسبانيا الذي زار كانديل عام 2005، وكذلك سفير الولايات المتحدة في البرازيل كليفورد سوبيل الذي زار المدينة في فبراير (شباط) وقالت ماريا خوزيه مينزيس دي سانتوس، البالغة من العمر 68 عاما والعضوة النشطة في الاتحاد والتي تعيش في الحي منذ 38 عاما وتربي 11 طفلا: «في اليوم الذي تم فيه رصف الشارع الذي أقيم فيه أدركت أن بإمكاننا القيام بأي شيء».

تتمتع كانديل بميزة فريدة في موقعها، فهو قريب من الشاطئ ويقع في منتصف الطريق بين المدينة القديمة في سلفادور ومركزها المالي الجديد. وهي ليست مدينة أكواخ أو مجتمعات غازية أقيمت بصورة غير شرعية على هذه الأرض، لكنها كانت خليطا من العنصرين. ويرجع تاريخ آخر مسح شامل للحي إلى عام 1997 الذي خلص إلى أن ما يقرب من خمس سكان الحي البالغ عددهم 5,500 شخص عاطلون عن العمل وأن أربعة من بين كل خمسة أفراد يجنون 80 دولارا أو أقل شهريا. إضافة إلى ذلك أظهر المسح أن 25% من المنازل مهددة بالسقوط. وفي الوقت الذي تم فيه تمحيص مدرسة براكتايوم خرجت مجموعة من العازفين الموهوبين ـ مثل ليو بيت بيت الذي يعزف مع فرقة سكوربيون والتوأم دو وجو اللذين يعزفان مع فرقة كايتانو فيلوسو وماريفالدو دوس سانتوس الذي يعزف مع فرقة ستومب ـ وقام الاتحاد بمحاولة إصلاح كانديل. وأقنعت المدينة وزارة الصحة بافتتاح مستوصف والذي يعد الأول في الحي، وتم جمع الأموال لبناء وتجديد أكثر من 200 منزل وتجصيص وطلاء 60 منزلا آخر. وتوجه الاتحاد إلى عمدة المدينة لإصلاح خطوط الصرف وتجديد نافورة المياه العامة التي تستخدمها الكثير من المنازل الآن لغسل ملابسهم.

توحد السكان هذا العام لإصلاح ملعب كرة القدم المتضرر الذي يعد المصدر الوحيد لاستجمام العديد من الصبية في المدينة.

وقال ماريو سينا البالغ من العمر 27 عاما، أحد مواطني كانديل الذي كان من بين أوائل المنضمين إلى براكتايوم عام 1994 وهو المسؤول الآن عن استديو موسيقى المدرسة: «اعتاد الأشخاص البحث عن سبل للانتقال من هنا بسبب الحالة التي كان عليها المكان من قبل. والآن لا يرغب أحد في الرحيل. صحيح أن كانديل فقيرة لكنها ذات مكانة كبيرة».

الفخر في الانتماء إلى المكان هو ما سعى براون إلى غرسه في أهل كانديل عبر موسيقاه وعمله الاجتماعي وعبر العديد من الأعمال الناجحة. وفي ورشة عمل مدرسة براكتايوم للموضة والتي بدأت قبل 3 أشهر، على سبيل المثال، توجد 20 سيدة ممن لم يعملن في هذه المهنة من قبل باختيار حيهم وجيرانهم كمصدر إلهام لأعمالهم من الحلي وسلاسل المفاتيح. كانت إحدى الطالبات تقوم بتطريز قطعة قماش على هيئة مجفف شعر حيث يتدلى من صالون تصفيف شعر محلي. فيما قامت أخرى، وهي إلياني غوالبيرتو البالغة من العمر 21 عاما، بتطريز قطعة من القماش من تصميمها للقديس أنتوني. وقالت السيدة غوالبيرتو، التي ولدت وتربت هنا: «من الرائع أن تعيش في كانديل. والكل هنا يعلم أن كارلينوس براون هو الذي جعل منا شيئا مميزا».

وقال براون الذي يرتدي قبعة طويلة تحوي شعره الطويل المجدول، والتي انتهجها الكثير من الشبان في المدينة الذين تجمعوا خارج المدرسة في ذلك اليوم، والذين أبدوا فخرهم بالجهود الجماعية للمجتمع والتغيرات التي حدثت به: «كل ما فعلته هو أنني استخدمت اسمي لكي أجعل الناس ينصتون. إنني لست أذكى أو أفضل من أي شخص آخر لكنني عندما أجد الباب مغلقا، أفتحه بالقوة».

* خدمة «نيويورك تايمز»