اللوحات الفنية تزين جدران الغرف في البيت الأبيض وتمثل جسرا بين الأعراق والاتجاهات الفنية

استكمالا لتقليد متبع بين البيت الأبيض والمتاحف في واشنطن بدأ في الأربعينات من القرن الماضي

اختيارات الرئيس الأميركي باراك أوباما وزوجته ميشيل عكست اهتماما بالتفاعل بين الأعراق والإثنيات (أ.ف.ب)
TT

بعد أشهر من انتقالهما للسكن في البيت الأبيض وإعدادهما لخطط لتغيير الديكور هناك، أعلن هذا الأسبوع عن انتقال عدد من القطع الفنية العالمية الموجودة في متاحف واشنطن مؤقتا إلى غرف البيت الأبيض. وتبرز هذه القطع التاريخ المتنوع للولايات المتحدة والأعراق المختلفة التي تعيش فيها.

ويبدو من القطع التي اختارها الرئيس أوباما وزوجته ميشيل التركيز على الفن المعاصر بشكل خاص وهو يفوق الاهتمام الذي أَولاه أي من الرؤساء السابقين للفنون المعاصرة.

ويبدو أن ذلك جزء من خطة أوباما وزوجته لفرض شخصية مميزة ومختلفة على البيت الرئاسي، وهو ما حرصا عليه منذ اللحظة الأولى منذ إنشاء حديقة خاصة للألعاب في فناء البيت الأبيض لابنتيهما وتخصيص مساحة لزراعة الخضروات والمنتجات العضوية.

ويبدو أن تلك اللمسة امتدت أيضا إلى تزيين حجرات البيت الأبيض بأعمال فنية معاصرة تجنح إلى التجريد، وقد استعانت ميشيل وباراك أوباما بمصمم ديكور من كاليفورنيا بالإضافة إلى ويليام ألمان أمين التحف بالبيت الأبيض الذي أشرف على التنسيق بين العائلة وأمناء المتاحف في واشنطن وأشرف على قوائم اللوحات وتحديد الاختيارات وعلق على اختيارات الزوجين قائلا: «إنهما يعرفان ما يريدان». وقد أحضر الزوجان جزأ من الأعمال الفنية الخاصة بهما من منزلهما في شيكاغو وهي مجموعة قيمة من أعمال الفن الآسيوي والأفريقي. ومن القطع الفنية التي سيتم وضعها في عدد من الغرف الخاصة والمكاتب بالبيت الأبيض لوحة للفنان إدوارد روشا بعنوان «أعتقد أنني..» وأيضا هناك لوحات للفنانين الأميركيين المعاصرين جاسبر جونز وألما توماس.

وعلق أمين قسم الفن المعاصر والحديث بـ«ناشيونال غاليري» في واشنطن بأن الاختيارات في مجملها تعبر عن «نوع من التحدي». وتمت استعارة القطع الفنية من «ناشيونال غاليري» وأيضا متحف «سميثونيان» وهو ما يعد تقليدا متبعا بين البيت الأبيض والمتاحف في واشنطن بدأ في الأربعينات من القرن الماضي. المعروف أن جاكلين كيندي استعارت من المتحف لوحة «المدخنة» للفنان يوجين دولاكروا ووضعتها في الغرفة الحمراء في البيت الأبيض، بينما استعارت ليدي بيرد جونسون لوحات ألوان مائية من معهد «سميثونيان» ووضعتها في مكاتب البيت الرئاسي. وقام بيل وهيلاري كلينتون باستعارة لوحتين للفنان الأميركي من أصول أفريقية ويليام اتش جونسون: «مشهد شعبي» و«ارفع صوتك بالغناء»، وهما لا تزالان معروضتان في البيت الأبيض حتى الآن. وبإضافة لوحتين فإن هناك في البيت الأبيض تسعة أعمال مستعارة من متحف «هيرشورن» و«سكالبتر غاردن» بالإضافة إلى أربعة أعمال للفنان جونسون من ممتلكات متحف «سميثونيان» للفن الأميركي.

وإلى جانب القطع التي تعبر عن الفن الأميركي الأفريقي وقع اختيار أوباما وزوجته على قطع تمثل الأميركيين الأصليين، وتسيطر الألوان الصريحة والأشكال الغريبة على الاختيارات التي جمعت بين فنانين مشهورين أمثال جاسبر جونز ومايكل روثكو وفنانين صاعدين مثل ألما توماس وهو فنان تجريدي.

وتعلق ميشيل أوباما في مكتبها لوحة بعنوان «البيضة الصلبة» للفنان توماس واتوسي وهي معارة من جانب متحف «هيرشورن» تتميز بخليط من الألوان القوية والأشكال الهندسية. وزينت حجرة المعيشة في الجناح الخاص بالعائلة بلوحة مستعارة أيضا من متحف «هيرشورن» للفنان غلين ليغون بعنوان «أسود مثلي» وهي عبارة عن إعادة تصوير عبارات نشرت في كتاب بالعنوان نفسه عام 1961 ويدور حول مذكرات شخص أبيض البشرة يتنكر كشخص أسود ويشرع في الترحال في ولايات الجنوب الأميركي. وعلق ليغون، وهو أميركي ـ أفريقي على اختيار أوباما للوحته قائلا إن موضوع اللوحة يتوافق مع محاولات الرئيس لخلق حوار وتفاعل بين الأعراق. وهو ما أكد عليه الفنان جيري ردكورن وهو من الأميركيين الأصليين، واختارت عائلة أوباما أعمالا فخارية من صنعه لوضعها على أرفف في المكتب البيضاوي، وقال إن اختيارات أوباما تمثل «جسرا ومحاولة للتحاور مع حضارات أخرى» وأضاف: «وجود أعمال لي في المكتب البيضاوي إنما هي تحية جميلة للطريقة التي عاش بها أجدادي». ويبدو أن اختيارات آل أوباما للوحات الفنية قد أثارت لدى المختصين بالفنون نوعا من التفاؤل؛ فقال ريتشارد فين، وهو وسيط فنون، بعد أن رأى قائمة للوحات التي استعارها البيت الأبيض: «نحن في العالم الفني نشعر بدفعة تشجيع ونشعر بأن هناك في البيت الأبيض من يؤكد أهمية الثقافة في هذا البلد».

إلى ذلك، فإن معظم اللوحات قد وضعت في الجناح الخاص بالعائلة وفي المكاتب الإدارية، حيث إن إحداث أي تغييرات في الغرف التاريخية من البيت الأبيض مثل الغرفة الزرقاء أو غرفة الطعام الرئاسية يجب أن ينال موافقة لجنة الحفاظ على البيت الأبيض.