أهرامات الجيزة تستقبل 2010 بحلة جديدة بعد عملية تطوير استمرت أربعة أعوام

سرها ما زال مجهولا للأثريين

TT

في الوقت الذي لا يزال فيه سرها عصيا على الأثريين حتى الآن، أعلنت وزارة الثقافة المصرية الانتهاء من المرحلة الأخيرة لتطوير منطقة الأهرامات الأثرية، إحدى عجائب الدنيا القديمة بنهاية العام الحالي.

وأكد وزير الثقافة المصري فاروق حسني أن المشروع يسير على قدم وساق، وأنه يتابع بنفسه يوميا الأعمال والتطويرات التي تتم بالمنطقة، تنفيذا للبرنامج الزمني المطروح للمشروع.

وقال الدكتور زاهي حواس، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إنه سيتم تحديد مسارات جديدة لزائري إحدى عجائب الدنيا السبع، حفاظا على المظهر التراثي للمنطقة الأثرية، باعتبارها خاضعة لقائمة التراث العالمي.

وتوقع حواس أن تسفر أعمال التطوير عن الكشف عن الكثير من الاكتشافات الأثرية المهمة، بعد اكتشاف تمثال أثري بالقرب من الهرم الثالث، مشيرا إلى أن المشروع يتضمن أعمال تنظيف كاملة وعمليات استعدال للأسوار المحيطة بالمنطقة الأثرية، وإعداد طرق حجرية ومماش خشبية بهدف إبراز المنطقة الأثرية، «بما يليق بها وبمكانتها وأهميتها أمام السياحة العالمية».

من جانبه، قال الأثري علي الأصفر، مدير مشروع تطوير الأهرامات، إن مشروع التطوير يضم إقامة مراكز للزوار بالمداخل الجديدة التي خصصت للسياح وللطلبة، وتتضمن شاشات عرض كبيرة لعرض تاريخ المنطقة ومد الزوار بالشرح المتكامل لمنطقة الأهرامات الأثرية قبل دخول الأفواج السياحية للزيارة حتى يتسنى للجميع تلقى رؤية كاملة لما سيشاهدونه على الطبيعة.

وحسب المسؤولين، فإنه منذ 30 عاما على الأكثر، كان السائح يرى الأهرامات الثلاثة فور وصوله إلى ميدان الجيزة، وكلما اقترب من الهضبة كانت الأهرام تظهر أمام عينيه بوضوح أكثر، كأنما تستقبله بنفسها حتى يصل إليها، إلى أن تغير الوضع الآن إلى النقيض، حيث يمكن رؤيتها بصعوبة بالغة، بعد انتشار المباني العشوائية في المنطقة المحيطة بالأهرامات.

وتقرر بصفة نهائية منع تواجد أصحاب العاديات بجوار الأهرامات، ومنهم قائدو الخيالة والجمال، ومنع التنزه داخل المنطقة الأثرية، وتخصيص مناطق معدة لذلك بالقرب منها، بما يمكن من مشاهدة المنطقة بوضوح للاستمتاع برؤيتها من ناحية، وممارسة كل طقوس العملية السياحية بالتقاط الصور الفوتوغرافية من ناحية أخرى.

وحرص فريق الصيانة على إنشاء سور خرساني ومعدني حول الهضبة بطول ‏20‏ كيلو مترا، لمنع انتشار التعديات أو العشوائيات داخل الهضبة، في محاولة لإعادة الموقع إلى ما كان عليه بعد أن تحولت المنطقة بفعل العشوائيات والخيالة والباعة الجائلين إلى «سيرك»، على حد وصف المسؤولين.

وكان المجلس الأعلى للآثار قد أعلن أن العام الحالي (2009) سيكون عام الأهرامات، بعد إزالة كل العشوائيات وكل التعديات التي تحيط بالهضبة، بما في ذلك إزالة المبنى الإداري للهيئة.

وقد بدأت المرحلة الأولى من مشروع التطوير مطلع عام 2005، بتحديد ثلاثة مداخل فقط للهضبة، ناحية فندق «مينا هاوس أوبروي» وأبو الهول وميدان الرماية، بينما شملت المرحلة الثانية تخطيط الطرق وإزالة الأحجار وركام الأتربة وإجراء الحفائر وإقامة أعمدة الإنارة اللازمة، بجانب تخصيص نقاط محددة للتصوير يلتزم بها زوار المنطقة من السائحين أو غيرهم من الأفراد العاديين، وإنشاء أماكن لانتظار السيارات بعيدا عن المناطق الأثرية.

وكما هو معروف تاريخيا، فقد بنيت الأهرامات في مصر على خط مستقيم واحد يمتد من أبو رواش في الجيزة حتى هوارة على مشارف الفيوم، وهي بنايات ملكية بناها قدماء المصريين في الفترة من سنة 2630 ق.م. وحتى سنة 1530 ق.م.

وقد تدرج بناؤها من هرم متدرج كهرم الملك زوسر (3630 ق.م. ـ 2611 ق.م.) بسقارة إلى هرم مسحوب الشكل كأهرامات الجيزة.

كانت الأهرامات المصرية مقابر للملوك والملكات، وكانت تبنى المعابد بجوارها ليساعد الكهنة الروح الملكية لتسير فيما بعد الحياة، حسب معتقدات المصريين القدماء.

في المملكة القديمة (2585 ق.م. ـ 2134 ق.م.) كان الفنانون المصريون ينقشون باللغة الهيروغليفية على جدران حجرة الدفن للمومياء الملكية نصوصا عبارة عن تعليمات وتراتيل يقومون بتلاوتها أمام الآلهة وتعاويذ لتحرسها في ممرها لما بعد الحياة، وعرفت هذه النصوص بنصوص الأهرام (Pyramid Texts).

وإبان عصر هذه المملكة القديمة بنيت الأهرامات الكبيرة من الحجر، لكن مع مرور الزمن قل حجمها، لأنها كانت مكلفة.

لهذا نجدها في المملكة الوسطى (2630 ق.م. ـ 1640 ق.م.) تبنى بالطوب اللبني من الطين، وكانت أضلاع الأهرام الأربعة تتعامد مع الجهات الأصلية الأربعة (الشمال والجنوب والشرق والغرب).

وشيدت معظم الأهرامات بالصحراء غربي النيل، بحيث تغرب الشمس من خلفها، لاعتقاد قدماء المصريين أن روح الملك الميت تترك جسمه لتتجول بالسماء مع الشمس كل يوم، وعندما تغرب الشمس تعود الروح الملكية لمقبرتها بالهرم لتجدد نفسها. وكانت مداخل الأهرامات في وسط الواجهة الشمالية من الهرم، ويرتفع مدخل الهرم الأكبر 17 مترا من فوق سطح الأرض حيث يؤدي لممر ينزل لغرفة دفن الملك.

وتغير تصميم الأهرامات مع الزمن، إلا أن مدخلها ظل يقام جهة الشمال ليؤدي لممر ينزل لأسفل، وأحيانا يؤدي لغرفة دفن الملك التي كانت تشيد في نقطة في مركز قاعدة الهرم، أحيانا كانت تقام غرف مجاورة لغرفة الملك لتخزبن مقتنياته والأشياء التي سيستخدمها في حياته الأخروية، ومن بينها أشياء ثمينة، مما كان يعرضها للنهب والسرقة. وكان الهرم تُبنى حوله معابد وأهرامات صغيرة داخل معبد للكهنة وكبار رجال الدولة، وكان متصلا بميناء على شاطئ نهر النيل وتتصل به عدة قنوات، ويطلق عليه معبد الوادي الذي كان موصولا بالهرم بطريق طويل مرتفع ومسقوف للسير فيه.

وكان هذا الطريق يمتد من الوادي خلال الصحراء ليؤدي لمعبد جنائزي يطلق عليه معبد الهرم، وكان يتصل بمركز الواجهة الشرقية للهرم الذي كان يضم مجموعة من الأهرامات من بينها أهرامات توابع وأهرامات الملكات، وكانت هذه الأهرامات التوابع أماكن صغيرة للدفن، ولا يعرف الأثريون سرها حتى الآن. وكانت أهرامات الملكات صغيرة وبسيطة وحولها معابد صغيرة، وكانت مخصصة لدفن زوجات الملك المحببات له. ويطلق على هرم الملك خوفو «الهرم الأكبر» حيث يقع في الصحراء غرب الجيزة في مصر وبجواره هرما الملك خفرع (ابن خوفو) والملك منقرع (حفيد خوفو)، وكانت طريقة الدفن قد بدأت لدى قدماء المصريين من المقابر قديما إلى الأهرامات ما بين سنة 2920 ق.م. إلى سنة 2770 ق.م.