طبول أوكيناوا اليابانية تقرع في تونس

فرقة «ريوجين» قدمت 7 لوحات مستمدة من تاريخ اليابان الطويل

قدمت فرقة «ريوجين» عروضا عكست ثقافة اليابان («الشرق الأوسط»)
TT

تمكن العرض التقليدي الذي قدمته فرقة «ريوجين» اليابانية بدار ثقافة ابن رشيق بالعاصمة التونسية، من جذب اهتمام المتفرجين التونسيين وإعجابهم بالطبول التي دقت على مدى ساعة ونصف. الفرقة اليابانية نوعت من عروضها وقدمت فنون المسرح الحي من خلال الرقص والموسيقى والغناء، وهذا ما جعل المتفرجين يكتشفون عوالم أخرى مختلفة تمام الاختلاف عما دأبوا عليه، ولكنها عوالم تعلم عن حضارة ضاربة في القدم.

كازويكي سوزيكي مدير هذه المجموعة اليابانية قدم لوحات مستوحاة من الفن التقليدي لجزر «أوكيناوا» الواقعة بأقصى جنوب أرخبيل اليابان، التي كانت في السابق تسمى مملكة «ريوكيو»، والتي تستمد ثقافتها من علاقتها التاريخية مع التنين الصيني. يقول كازويكي: «إن أوكيناوا استطاعت أن تطور نمطها الموسيقي الخاص واستنبطت رقصة (أيسا)، وهي تعبير صادق وأمثل عن العرفان بالجميل للأولين»، على حد تعبيره.

مجموعة «ريوجين» لا يزيد عدد عناصرها عن خمسة، ولكنها قدمت تعبيرات ثقافية متفردة ضمت الموسيقى والرقص والمسرح والفنون القتالية والتسلية. سبع لوحات مستمدة من تاريخ اليابان الطويل ومدة العرض الواحد لا تزيد عن 10 دقائق، ولكنها مشحونة بتعابير ثقافية اكتشفها الجمهور التونسي وتفاعل معها بإعجاب. الأزياء اليابانية المميزة والألوان الزاهية والسحر في الحركات، كلها عكست ثقافة اليابان المتجذرة في التاريخ، وزادت الطبول اليابانية والآلات الموسيقية التقليدية الكثير من السحر على المكان. وكان للأبطال الخمسة القدرة والمهارة الكافيتان لتجسيد لوحات استعراضية عويصة واتخاذ مواقف تمثيلية ساخرة وهو ما صنع الفرجة. كما زادت الرايات العملاقة للمكان الكثير من الدفء، خصوصا أن الطبول الكبيرة التي ربما كانت في السابق تستعمل للحرب، أصبحت اليوم تعبر عن الحب. ولعل تلك الأجواء المكونة من الطبول والرايات لا تختلف كثيرا عن أجواء الخرجات الصوفية التي تعرفها الزوايا التونسية الكثيرة، وقد يكون ذلك مبعث إعجاب المتفرجين التونسيين، فقد أمضوا سنوات يستمعون إلى طبولهم ويرفعون راياتهم، وها هي المجموعة اليابانية تنافسهم في ذلك وهي ترجعهم إلى تلك الأجواء، وقد تتغلب عليهم في ميدان قد يكون ميدانهم.

مجموعة «ريوجين» ذهبت كذلك إلى المعاني الإنسانية، القاسم المشترك بين جميع الناس، حين عرضت لوحة «الأسد الأبيض» التي جسدت مواجهة طريفة ولكنها حاسمة بين أسد قوي وحمال بسيط لا يجد كيسه الذي أضاعه إلا بين ذراعي الأسد العنيف. الحمال حاول بكل قواه استرجاع ما ضاع منه، وهذا ما جعل اللوحة تجمع بين الفرجة والتسلية، وهي ترجعنا إلى ألعاب الصبا، وهو ربما ما جعل المتفرجين يصفقون لها طويلا.