اختيار مكناس أول مدينة في إطار مشروع تأهيل وترميم المدن العتيقة في حوض المتوسط

البداية ستكون من حي تيزيمي الذي يعود تاريخه إلى فترة حكم المرابطين

إحدى البوابات التاريخية في مدينة مكناس («الشرق الأوسط»)
TT

اعتمد البنك الأوروبي للاستثمار مشروع إعادة تخطيط وتأهيل وترميم مدينة مكناس العتيقة (وسط المغرب) كتجربة نموذجية، في إطار تنفيذ برنامجه الجديد «مدن 2030» الرامي إلى وضع خطط لتأهيل وتجديد المدن العريقة حول البحر الأبيض المتوسط وتحسين ظروف عيش سكانها. ويهدف هذا البرنامج إلى تطبيق توصيات «مبادرة مدن 2030» التي أطلقت خلال المؤتمر المتوسطي للهندسة المعمارية في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي في البندقية (إيطاليا)، وتشكل قيادته أولى المهام التي أسندت إلى مركز مرسيليا للاندماج المتوسطي، الذي تأسس قبل أسبوعين على هامش ملتقى «الأسبوع الاقتصادي المتوسطي» في مرسيليا. وتم اختيار حي تيزيمي العريق بمدينة مكناس لإطلاق المشروع النموذجي في مجال تأهيل المدن العتيقة حول البحر الأبيض المتوسط، الذي سيمتد خلال الفترة من 2009 إلى 2013.

وقال أحمد هلال، عمدة مدينة مكناس، لـ«الشرق الأوسط» إن اختيار هذا الحي نابع من عدة اعتبارات، منها سهولة الوصول إليه بخلاف الكثير من أحياء المدينة العريقة. إضافة إلى عراقته وكونه من أقدم الأحياء في مكناس، إذ تعود نواته الأولى لفترة حكم المرابطين في المغرب بين سنة 1070 وسنة 1147 ميلادية. وما زالت توجد به بعض البنايات التي تعود إلى ذلك العصر، ومن بينها مسجد عريق وجزء من سور قديم يعود تاريخ بنائهما إلى العهد المرابطي. كما يضم حي تيزيمي أيضا «باب البردعيين» الذي يعتبر أحد أجمل الأبواب التي تزين السور التاريخي لمدينة مكناس العتيقة. ويعود بناء «باب البردعيين» إلى عام 1695 خلال عهد السلطان العلوي المولى إسماعيل، جد العاهل المغربي الملك محمد السادس.

ويضم الحي الكثير من البيوت القديمة التي يتجاوز عمرها ثلاثة قرون، ومعظمها متداعية وتعاني سوء الصيانة بدرجات متفاوتة. وعلى مر السنين فقد الحي الكثير من مآثره وبيوته التاريخية القديمة بسبب عمليات الهدم والبناء التي أدت في أحيان كثيرة إلى تشويه طابعه ومعالمه العمرانية.

ويهدف البرنامج إلى إنقاذ وترميم المآثر التاريخية للحي والحفاظ عليها، بالإضافة إلى إعادة تأهيل محيطه العمراني وتحسين ظروف سكن وعيش سكانه عبر إنشاء مجموعة من المرافق الاجتماعية والثقافية وتوفير الخدمات الأساسية. ويرتقب أن يتم الإعلان عن مناقصة لإنجاز الدراسات المتعلقة بالمشروع خلال الأسابيع المقبلة.

وأشار هلال إلى أن مشروع تجديد حي تيزيمي يندرج ضمن تصور شامل لإنقاذ وتأهيل مدينة مكناس العريقة، ويتكامل مع الكثير من المشاريع الجاري إنجازها في المدينة، ومنها مشروع تأهيل المحور الممتد بين «باب عيسى» و«باب البردعيين»، الذي يقع حي تيزيمي في أحد أطرافه.

وحدد البنك الأوروبي للاستثمار مهمة مركز مرسيليا للاندماج المتوسطي، في سياق «برنامج مدن 2030»، في تنسيق السياسات وتبادل التجارب بين البلدان المتوسطية الشريكة للاتحاد الأوروبي وقيادة الدراسات المتعلقة بـ«برنامج مدن 2030»، التي يرتقب أن تمتد على مدى الـ30 شهرا المقبلة، وتشمل هذه الدراسات الجوانب المالية والآليات الفنية والعملية لتنفيذ المشاريع، بالإضافة إلى إعداد وتنفيذ المشروع النموذجي لمدينة مكناس.

ويساهم في مركز مرسيليا للاندماج المتوسطي كل من البنك الأوروبي للاستثمار، والبنك الدولي، وحكومات مصر وفرنسا والأردن ولبنان والمغرب وتونس، بالإضافة إلى بلدية مدينة مرسيليا التي تحتضن المركز. ويسعى إلى دعم السياسات التنموية ذات البعد الإقليمي والموجهة نحو تحقيق اندماج أكبر للمنطقة المتوسطية، وتشكيل فضاء للحوار وتبادل التجارب والخبرات والمعارف وتنسيق السياسات، بالإضافة إلى تشكيل إطار لإطلاق وقيادة المشاريع الإقليمية المشتركة.

ويتدخل المركز في ستة مجالات، منها التنمية الحضرية والمجالية، التنمية المستدامة، والنقل واللوجستيك، والكفاءات والتشغيل وحركية العمال والشباب، واقتصاد المعرفة والابتكار والتقنية، وحماية الفضاء المشترك للبلدان المتوسطية والحفاظ على تراثها والعمل على توفير ظروف عيش أفضل لسكان الضفتين.

ويدار المركز من طرف مجلس استراتيجي من 12 عضوا بقيادة البنك الدولي. ويضم بين أعضائه ممولين متعددي الأطراف، مثل البنك الدولي والبنك الأوروبي للاستثمار، ومجموعة من الدول المانحة التي توفر إمكانية تمويلات ثنائية الأطراف، إضافة إلى إشراك هيئات أخرى غير مالية مثل الشبكات الجامعية ومنظمات الأمم المتحدة وهيئات المجتمع المدني.