أكد مشاركون في صالون الأدب العربي الذي خصص دورته الرابعة لشاعرة قرطبة ولادة بنت المستكفي وكاتبات عربيات معاصرات «ورثن حريتها»، أن ذلك كان ضروريا في مواجهة «انتشار السلفية والإسلام القاسي»، على حد تعبير إحدى المشاركات.
وشارك في الصالون الأدبي الذي اختتم أعماله أمس الأحد مجموعة من الشعراء العرب ومعظمهم يعيشون في المغترب وشعراء أوروبيون. وقد شهد على مدى ثلاثة أيام قراءات شعرية للمشاركين ولقاءات جمعتهم بالجمهور، ناقشوا خلالها قضايا مختلفة يتصل أهمها بالكتابة الإبداعية وعلاقتها بالحريات التي تتيحها بلدان الاغتراب للكتاب المهاجرين مقابل «المحددات» التي تفرضها «الرقابات المختلفة» في بلدانهم.
وافتتح الصالون الأدبي عبر قراءات شعرية لولادة بنت المستكفي والشاعر ابن زيدون استعادت أجواء قصة حبهما وقدمها بشكل حوار ثنائي الشاعران المغربي طه عدنان والسورية المقيمة في فرنسا مرام المصري.
وقالت المصري في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، إن حالة ولادة التي كانت في القرن الحادي عشر «نفتقدها الآن أكثر من أي وقت مضى».
وأضافت أن «هناك نساء لم يتعلمن كيف يمارسن حريتهن وحتى في أوروبا تجد نساء يتنقبن وأخريات تحت الشادور ويحرمن أنفسهن من تذوق الحرية ويخفن منها».
وأكدت أن هؤلاء النساء حرات في خياراتهن لكن «المشكلة» برأيها هي أنهن «يفكرن بطريقة وحدانية وينظرن إلى النساء السافرات وكأنهن مومسات».
وظهرت الشاعرة السورية وهي تقرأ الشعر بثوب تراثي. وقالت إنها كثيرا ما تقرأ أشعارها في بلدان غربية وتحرص على أن تظهر بهذا الشكل مؤكدة أنها تعتبر الملابس التراثية «هدية بصرية من الشرق لمن يرونني».
وكان صدر للمصري عام 2007 ديوان شعري بالعربية والإسبانية عنوانه «عودة ولادة»، كتبته بعدما دعيت لإقامة إبداعية في المدن الإسبانية وجعلته بلسان ولادة بعد أن تمثلتها في عودة مجازية لها إلى الأندلس.
وترى المصري أن توجيه التحية لولادة ومن خلالها «لكل الأصوات التي تعلمت مثلها كيف تستخدم حريتها» كما قال منظمو الصالون الأدبي، أمر «ضروري في ظل انتشار السلفية والإسلام القاسي».
وأضافت أن النساء اللواتي يكتبن ويسافرن «دفعن ثمنا غاليا حتى يعطين وجها للمرأة وللأنوثة وهن يستحققن أن يسلط الضوء عليهن».
وقدم نبيل غاشم، وهو مسرحي وكوميدي تونسي يقيم في الولايات المتحدة عرضين لمسرحيته «نعنع وزعتر وزيت زيتون» وهي مونودراما (قام بتمثيلها ممثل واحد) قام بتمثيلها بنفسه بمشاركة جزئية من ممثلة راقصة.
وجمع غاشم قصصا لشعراء عرب عدة ومزج قصائدهم بالحوار الذي جاء بالإنجليزية بحثا عن أثر «كل عنف أبعدنا عن إنسانيتنا» كما يقول.
ويستعيد غاشم ظروف الاحتلال في بعض العواصم العربية والديكتاتورية «وأقبية المخابرات» وقمع المرأة في أخرى، ويتساءل «نهاجر أو لا نهاجر؟ هل نحن نختار؟».
ومعظم الشعراء العرب الذي استضافهم المركز الثقافي العربي في بروكسل خلال نشاطات الصالون الأدبي يعيشون في المغتربات.
ويقول منظم النشاطات الشاعر المغربي طه عدنان لوكالة الصحافة الفرنسية «للأسف المغتربات عموما صارت تتيح للحضور الثقافي العربي إمكانيات هائلة فعلا لا تتيحها العواصم العربية». ويضيف «صحيح أن هناك حراكا ثقافيا عربيا لكن أسباب الحرية المتاحة في العواصم الغربية تجعل أبوابها مفتوحة على مصراعيها للثقافات العربية والعالمية». ويرى الشاعر المغربي أن ولادة بنت المستكفي «ليست كائنا ثقافيا ينتمي إلى التاريخ بل هي حالة تتجدد باستمرار». وأشار إلى أن هناك مبدعات عربيات «يمشين على هدى ولادة» ويجدن في مناخ الحرية الموجود في الغرب «فرصا أكبر للبوح الشعري والأدب الجريء بدون كل أشكال المضايقة التي يمكن أن يتعرضن لها في العالم العربي».
ومن الشعراء الأوروبيين الذين شاركوا في الصالون الأدبي البلجيكية شانتال مايار التي تقيم في إسبانيا منذ سنوات، التي قالت لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الإبعاد كيفما حصل يترك في نفس من تعرض له أيا كان نفس الحزن، وأنا ما زلت أحس بهذا الحزن كلما زرت بروكسل».
وتعيش مايار في مدينة مالقة في منطقة الأندلس التي ترى أنها تشكل «رمزا لزمن الماضي الذي مر ولا تزال عندنا ذاكرة قوية وصماء عنه». وتقول «عندما أكون خارج الأندلس أحس بالغربة وأفتقد رائحة الياسمين والزهور والأشجار العابقة التي تشكل ذاكرة أقدم من أي شيء آخر».
وتضيف أن «هناك اختلافا كبيرا على مستوى الرائحة وأعتقد أننا نسينا حاسة الشم تماما في أوروبا لأنه لا يوجد الكثير من الروائح مقارنة بالأندلس».
وشارك في فعاليات صالون الأدب العربي الذي يقام للمرة الرابعة العديد من الكتاب والشعراء العرب الآخرين، منهم المغربية سهام بو هلال والسورية منهل السراج والعراقيان دنى غالي وجال بنمراد والمغاربة محمد غرافي وعلاء بورقية وجمال بدومة إلى جانب شعراء من بلجيكا وإسبانيا وفرنسا وتركيا ولوكسمبورغ.