العاصمة البريطانية على موعد اليوم مع مزاد «سيارات لندن» الكلاسيكي العالمي

في حدث يتوقع أن يستقطب كبار الجامعين والشغوفين

الرولز رويس: «فانتوم 1 ـ جارفيس توربيدو» موديل 1928
TT

تشهد العاصمة البريطانية لندن اليوم حدثا بارزا في روزنامة كل من تستهويه السيارات الكلاسيكية، وذلك عندما تشهد حديقة باترسي بارك، بوسط لندن، في الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم الأربعاء مزاد «سيارات لندن» الذي تتعاون على تنظيمه مؤسسة «آر إم أوكشنز» للمزاد ودار «سوذبيز» البريطانية العالمية الشهيرة. ويأتي اضطلاع «آر إم أوكشنز» بهذا الحدث بعد فترة قصيرة من إشرافها الناجح جدا على حدث «فيراري ليجيندا إي باسيوني» في مارانيللو بشمال إيطاليا، حيث معقل ماركة فيراري.. الأشهر من أن تعرّف.

في الحقيقة، قطاع السيارات الكلاسيكية يجتذب اليوم في مختلف أنحاء العالم نخبة من جامعي السيارات والشغوفين بتاريخها و«ثقافتها» المميزة. وفي ضوء نمو شريحة محبّي السيارات الكلاسيكية تزدهر المناسبات الخاصة التي يلتقي خلالها جامعوها والشغوفون بها، كحدث «الكونكور ديليغانس» السنوي الشهير في بيبل بيتش ولاية كاليفورنيا الأميركية، ويزداد الاهتمام بمتاحف السيارات، سواء تلك التي تبنيها الشركات الصانعة أو أندية السيارات وجمعياتها، أو حتى الأفراد المقتدرين الذين يستهويهم جمعها. وبالتالي، نظرا للتطوّر السريع للتقنية وتقلّص الفوارق بين مستويات الجودة والموثوقية ـ مقابل السعر نفسه ـ بين الصانعين المتبقين في ساحة صناعة السيارات، صار التراث المميز لكل ماركة، ولكل صانع، رصيدا ثمينا يفعل فعله في مخيلة المشتري عندما يأتي دور المفاضلة بين سيارة وأخرى. ولهذا السبب غدا لكل شركة صانعة متحفها الخاص الذي تحتفظ فيه بنماذج من إنتاجها عبر تاريخها. وأحيانا، كحال متحف تويوتا في طوكيو ومتحف هنري فورد و«غرينفيلد فيليدج» الخاص بفورد في ولاية ميشيغن بالولايات المتحدة، يكون أكثر شمولية فيغطي الصناعة بأسرها، وفي حال الثاني يتحاوزها ليشمل أسلوب العيش في الولايات المتحدة. من ناحية ثانية، إذا كان عند محب السيارات الكلاسيكية القدرة الشرائية ليتقدم خطوة أبعد من مجرد التفرّج عليها في المتاحف، بل شراء واحد منها أو أكثر، فأمامه فرص شراء مبتغاة في المزادات الموسمية الكبرى لهذه التحف. ولعل مزاد «سيارات لندن» كان خلال السنوات الثلاث الأخيرة أحد أهم هذه المزادات على مستوى العالم بفضل ما عرض فيه من سيارات استثنائية، سياحية ورياضية، من مختلف الأنواع، ومن شتى الحقب الزمنية خلال القرن العشرين الذي لقب عن صدق بـ«قرن السيارة».

بين أبرز السيارات المعروضة، البالغ عددها 75 سيارة، والتي يتوقع المتابعون أن تجتذب بصفة خاصة اهتمام كبار الجامعين سيارة نادرة من طراز رولز رويس «فانتوم 1» ـ غارفيس توربيدو موديل 1928، وسيارة أخرى تاريخية وبديعة جدا من طراز رولز رويس «سيلفر غوست ـ بوت تايل سكيف» موديل 1914 بمؤخرة مستدقة شبيهة بشكل جسم الزورق، ومن هنا جاء مسمى الـ«بوت تايل». ثم هناك سيارة ذات أهمية رياضية خاصة من طراز أستون مارتن «دي بي 2 ـ تيم كار في إم إف 64» للسباقات موديل 1950، التي تعرض للبيع لأول مرة منذ 53 سنة.

وكان ماكس غيراردو من «آر إم أوكشنز» قد ذكر قبل فترة خلال تصريح صحافي في سياق التعليق على أبرز المعروضات، أن سيارتي الرولز رويس «فانتوم 1» والأستون مارتن «دي بي2» مهمتان جدا وستحظيان على الأرجح باهتمام خاص. وأردف شارحا «الرولز رويس «فانتوم 1» خلفها تاريخ مذهل ولها هوية مميزة رائعة، بينما الأستون مارتن تعد بلا أدنى شك الإنتاج الأهم والأكثر أصالة من سيارات فرق السباقات التي خرجت من مصنع أستون مارتن والتي تعرض للبيع أمام الجمهور، ونحن في غاية السعادة، ونشعر بإثارة غير عادية لتقديمنا هاتين السيارتين في مزاد لندن». وحقا، لمن يهمه الأمر، فإن الرولز رويس، بشاسي رقم 17 EX، تتمتع بتاريخ أصيل. فالشاسي هو واحد من ثلاثة شاسيهات اختبارية أنتجتها رولز رويس في تلك الحقبة (أواخر عقد العشرينات من القرن الماضي)، ولقد بيعت السيارة إلى المهراجا هاري سينغ باهادور، حاكم ولاية جامو وكشمير الأميرية في الهند، واحتفظ بها حتى عام 1932. وحتى بعد تخليه عنها بقيت السيارة في الهند حتى عام 1976، عندما نقلت إلى أوروبا. ولقد أعيد تأهيل الشاسي، وعرض في عدة مناسبات منذ ذلك الحين بما فيها عرضه عام 1996 في الـ«كونكورسو ديليغانزا ـ فيللا ديستي» بشمال إيطاليا، حيث منحت جائزة «تروفيو رولز رويس» لأكثر سيارات رولز رويس أناقة، ثم عرضت عام 2004 «الكونكور ديليغانس» في بيبل بيتش، حيث كانت بين معروضات الاحتفال بمئوية ماركة رولز رويس.

أما الرولز رويس الأقدم عهدا، أي «السيلفر غوست ـ بوت تايل سكيف» موديل 1914 بمؤخرتها الزورقية، فهي ذات شاسي رقم 54PB، ويعتبرها الخبراء بتاريخ الماركة البريطانية العريقة وشؤونها من السيارات المتميزة التصميم التي تعرّف عن نفسها بنفسها كتحفة نادرة عبر العالم. وهنا بالذات، قد تكمن متعة امتلاكها.

طبعا، الأستون مارتن «دي بي2» أقل قدما بكثير، لكنها مع ذلك ليست أقل أهمية في قاموس مؤرخي السيارات على الإطلاق. فهي سيارة شاركت وتركت بصماتها على بعض أشهر سباقات السيارات في أوروبا، وهما تحديدا سباق لومان في فرنسا ـ حيث حلت ثالثة عام 1951 ـ والـ«ميلي ميليا» في إيطاليا. ثم احتفظت بها الشركة الصانعة لخمس سنوات وضعت خلالها بتصرف ديفيد براون، رئيس أستون مارتن، لتكون سيارته الخاصة في النصف الأول من خمسينات القرن الماضي. وعام 1956 باعها براون لصديقه غيرالد لاسيل، حفيد الملك جورج الخامس وابن عمة الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، ورئيس النادي البريطاني لسائقي سيارات السباق، وظلت السيارة، التي يعتبرها كثيرون الأجمل بين سيارات فريق «تيم دي بي2» الرياضي الثلاث، عند العائلة لمدة 53 سنة. غير أن مزاد «سيارات لندن» لا يقتصر بالطبع على السيارات الكلاسيكية البريطانية الصنع. فهناك مثلا سيارة شابارال طراز «شابارال 1 سبورتس راسينغ كار» الرياضية الأميركية موديل 1962 وشاسي رقم C1 ـ 004 هي واحدة من خمس سيارات صنعتها الشركة التي أسسها جيم هول وتخصصت بإنتاج نماذج سيارات السباقات التجريبية بين مطلع الستينات وعقد الثمانينات. ثم لمحبي مرسيدس بنز، ثمة سيارة بديعة من طراز «سي إل كيه ـ جي تي آر رودستر» هي الوحيدة المزودة بمقود على جهة اليمين، ولمن يرغبون بامتلاك السيارات الرياضية الإيطالية معروضة في المزاد سيارة ألفاروميو رائعة طراز «6 سي 1750» موديل 1929 غاية في الجمال والأناقة. وأخيرا لا آخرا، من مجموعة سيارات الجامع الهولندي إدغار شيرمرهوم متاح أمام المشترين الذواقة ثلاث سيارات لافتة، الأولى فيراري «330 جي تي سي زاغاتو» موديل 1967، والثانية لانشيا «آستورا ليموزين» موديل 1932، والثالثة كريستاليا «202 كابريوليه».