لوحات محمد حجاج تتلصص على حركة البشر والأشياء

رصد أسرارها بين الفعل والمجاز

ثلاث لوحات من أعمال الفنان محمد حجاج («الشرق الأوسط»)
TT

على خطى أرسطو الذي قال إن التفكير مستحيل من دون صورة، ورولان بارت الذي شدد على أننا نعيش عصر حضارة الصورة، أقام الفنان محمد حسين حجاج معرضه بساقية الصاوي في الفترة ما بين 20 و30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعنوان «الحركة بين الفعل والمجاز»، مستعينا بالتوثيق الفوتوغرافي وفرشاته ليطرح رؤاه في البشر والحياة.

استوحى حجاج فكرة معرضه الذي يضم ما يقرب من 12 لوحة من مراقبته طلابه أثناء عمله الأكاديمي كمدرس للتصميم والإعلان بكلية الفنون التطبيقية بجامعة المنصورة، عندما أثارته حركة الطلاب أثناء تحضيرهم لمشروع التخرج بصريا، فوثق حركتهم فوتوغرافيا ثم عالجها بتقنيات الكومبيوتر بترشيد شديد، ليضفي عليها شيئا من التجريد.

يقول حجاج من بين أهداف الفنان أن يسعى لتغيير الدلالة البصرية المستهلكة لبعض الموضوعات، وأن يجدد المخزون البصري لدى المتلقي عبر عناصر جديدة، لتتدفق أفكار المصمم، وهو ما حرص عليه في أعماله.

من بين الأعمال التي عرضت لحجاج في معرضه، لوحات: «العمل»، «حال الناس1»، «حال الناس 2»، «الحياة». ففي لوحة العمل يؤكد أن الحركة تصميميا يمكن أن تتحقق عبر الأشكال والمساحات والكتل التي توحي هيئاتها أو أوضاعها التنظيمية بحدوثها، وعبر المظاهر الملمسية، فتقود اتجاهاتها المختلفة المتلقي إلى انتقالات بصرية داخلية لا تسمح لعينه أن تتخطى الفضاء التصميمي.

في لوحاته يدشن حجاج مفهومه للواقعية، وعن ذلك يقول: «الحقيقة الفلسفية تؤكد أنه لا يوجد شكل من أشكال الفن يطابق عالمنا البصري الحقيقي بكل كيانه، ومن ثم، فإن أكثر الصور واقعية تستخدم كأصول غير واقعية، والصورة الفوتوغرافية محاولة لتجسيد العالم الحقيقي بشكل واضح، وبالتالي فإن أكثر المشاهد التي نظنها واقعية هي تقريبية، واستخدامها يأتي ليخبرنا بمعنى أو بمعلومة ما، والأنماط التصميمية التي تأخذ طابعاً تمثيلياً في إبداعها تستند للأشكال الإنسانية وفلسفتها الطبيعية بكل مكوناتها، ولكن ما يمكن أن نطلق عليه واقعياً قد يكون مجرداً، فهناك بعض الإبداع يحمل في بنائه أشكالا هندسية وأخرى واقعية إلى حد ما، وتضيف الفوارق الوحيدة بين القيم، نوعا من الواقعية في بنية الإبداع الفنية، وفي حالة خلو العمل الفني من ذلك يبدو للمشاهد وكأنه تخطيط مجرد، قد تكون تلك الرسوم جزءا من الفكر الفلسفي لثقافة شعب من الشعوب، وبوحي من تلك الفلسفة كانت «الحركة بين الفعل والمجاز».

وحول لوحات المعرض يقول الدكتور محمد عبد الباسط أستاذ التصميم بجامعة حلوان إن لوحات حجاج تتميز بمخزون هائل من المشاعر الإنسانية، دفعته لإحالة مسطح العمل إلى حالة مرتفعة من التوتر الدرامي.. سواء في حواره الصامت مع الأنا، أو بين الأنا والآخر.. فمعالجات السطح تمثل له متنفساً لاستعادة التوازن من جانب، وطرح التساؤلات من جانب آخر، وستزداد أعماله المستقبلية فاعلية وتأثيراً إذا ما حرر الذات، بشكل أرحب، لتتفاعل مع المشاعر والأحاسيس بنسبة أكبر من تلك الحسابات الذهنية التي تجمدها أو تحد من تحليقها في بعض الحالات».

أما الدكتورة وسام عيادة مدرس التصميم بقسم الإعلان كلية الفنون التطبيقية جامعة المنصورة فتقول: «عندما يتوقف الكون عن الحركة تتوقف الحياة ولكن الحركة بين جنبات لوحاته تأتي وكأنها ستبعث الحركة من جديد لتدب حياة جديدة لا تنتهي».