فرقة «هوس العود» تعزف في بروكسل

تجمع بين الأشكال المختلفة لآلة العود في العالم العربي وأوروبا والصين

قدمت فرقة «هوس العود» حفلات عديدة في عواصم عالمية
TT

عبر فرقة تحمل اسم «هوس العود» يسعى ثلاثة موسيقيين من الصين والمغرب وبلجيكا إلى لم شمل عائلة العود التي يعد العود العربي جدها المؤسس، محاولين «مد جسر بين حضاراتنا وتقديم صوت موسيقي جديد»، كما يقول أحد أعضاء الفرقة لوكالة الصحافة الفرنسية.

ويقوم العازف البلجيكي بالتأليف الموسيقي للفرقة. وهو يعزف على آلة اللوت (القيثارة) التي انبثقت من العود العربي وانتشرت في أوروبا خلال القرون الوسطى حتى أواخر القرن الثامن عشر.

ويشاركه في التأليف عازف العود المغربي عابد البحري، ويعزف إلى جانبهم شريكهم الصيني اكيزا خوا على آلة «البيبا» التقليدية ذات التقاليد العريقة في ثقافته.

تعلم مالفيت العزف على اللوت الأوروبي بشكل ذاتي قبل أن يحصل على دبلوم في العزف عليه من الكلية الموسيقية الملكية في لندن.

وحول ما دفعهم لتكوين فرقتهم، قال مالفيت في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية «أردنا أن نجمع هذه الآلات الثلاث التي أتت من التراث نفسه، كما أردنا أن نعزف مؤلفاتنا الموسيقية الخاصة التي لا ترتبط بالتقاليد الفلكلورية أو الكلاسيكية».

وكانت الفرقة قد قدمت حفلات عديدة في عواصم عالمية، وحطت بهم جولة موسيقية عالمية هذا العام في مصر، حيث قدموا حفلة هناك خلال سبتمبر (أيلول) الماضي. وأصدر العازفون الثلاثة ألبومين موسيقيين، أولهما «رحلات» (2001) ثم «تجولات» في 2004.

ويشير العازف البلجيكي إلى إحدى آلات اللوت التي عزف عليها وتسمى «ثيوربو» وهي تشبه العود العربي، إلا أن لها زندا طويلا ينتظم عليه 14 وترا ويقول إن «هذه الآلة صممت لتعزف موسيقى (عصر) الباروك، لكني لا أعزف عليها الآن موسيقى الباروك. وزميلنا الصيني لا يعزف على البيبا موسيقى صينية، بل الموسيقى التي نؤلفها». ويضيف «هذه طريقتنا لنقدم تراثا موسيقيا جديدا لآلة العود».

أما عازف العود المغربي عابد البحري، المقيم في بروكسل والذي درس في أكاديميتها الملكية للفون الجميلة، فيؤكد أن اجتماع عازفين على آلات تقليدية لا يعني بالضرورة تقديمهم أعمالا تراثية.

ويقول إن «ما نقدمه ليس تراثا عربيا ولا هو تراث أوروبي، إنها موسيقى معاصرة من تأليفنا».

وترتسم على وجه البحري ابتسامة عريضة وهو يروي كيف يعزف زميله الصيني معهم على آلته «البيبا» ألحانا يحوي بعضها مقامات موسيقية عربية، مع أن تلك الآلة غير مصممة لهذا الغرض.

ويقول «لم أكن أتخيل أن أجتمع في مشروع موسيقي واحد مع عازف صيني، لكن هذا يحدث إذا توفرت الرغبة وتقاطعت الاهتمامات».

ويشرح العازف الصيني اكيزا خوا، الذي درس الموسيقى في الصين وبلجيكا حيث يقيم، أن آلة «البيبا» انصهرت في التقاليد الموسيقية الصينية، بعدما انبثقت من آلة العود القديمة ويعتمد عليها في الشرق الأقصى لمصاحبة الغناء.

لذلك أرادوا أن تكون آلة «مونو تون» (تصدر نغمات قليلة وتتفاعل في طبقة واحدة)، على حد قوله.

و«البيبا» أصغر قليلا من العود العربي وتحوي أربعة أوتار، يضعها العازف بشكل قائم ويعزف عليها بأصابعه التي يلبسها ريشا بلاستيكية.

أما العازف البلجيكي فيشير إلى أن اللوت تطور من آلة العود العربية التي انتشرت كثيرا في أوروبا بعدما انتقلت إليها من الثقافة العربية الأندلسية، لكن تطورها ذهب في اتجاه مختلف بعدما خضع لشروط ومتطلبات الموسيقى الغربية الذي يعتبر «الهارموني» (التوافق الصوتي) أساسا لها فلم تتطور كآلة عزف منفردة مثل العود العربي الذي استمر العزف عليه خلال قرون بنفس الطريقة.

ويشير مولفيت إلى أن آلة اللوت الأوروبية تعود منذ ستينات القرن الماضي لتكون «آلة حية» بعدما توقف العمل بها في أوروبا أواخر القرن السابع عشر.

ويشرح مولفيت أن «تراجع واندثار» آلة العود من أوروبا جاء بعد ابتكار آلة «الغيتار» التي صنعها الإسبانيون «كرد فعل سياسي لأنهم لم يريدوا الإبقاء على آلة موسيقية (العود) باعتبارها تنتمي إلى ثقافة كانوا يعتبرون أنها تحتلهم» على حد تعبيره.

ويتمنى العازف البلجيكي أن تشكل المؤلفات الجديدة لآلة اللوت التي يكتبها مؤلفون معاصرون وهو منهم، في أنواع موسيقية مختلفة مثل الجاز وغيره مما يمثل «نهضة موسيقية جديدة» لهذه الآلة.