بضائع افتراضية مقابل نقود حقيقية

يأتي الانتعاش الذي يشهده سوق البضائع الافتراضية من الألعاب الاجتماعية وليس من الهدايا

أصبح من الشائع بين الناس أن ينفقوا عددا قليلا من الدولارات على الالعاب الاجتماعية على شبكة الانترنت مثل لعبة الزراعة (فارم فيل)
TT

ربما يكون وادي السليكون قد اكتشف النشاط التجاري الأفضل: الحصول على أموال حقيقية مقابل منتجات افتراضية. وهذه البضائع الافتراضية، مثل رسم توضيحي لزي هالووين قيمته 2.50 دولار على موقع «سورويتي لايف» للألعاب، تتجاوز كونها مجرد مجموعة من الصور على صفحة إنترنت.

ولكن، أصبح من الشائع بين الناس أن ينفقوا عددا قليلا من الدولارات عليها للحصول عليها في لعبة على الشبكة أو لإعطائها إلى صديق كهدية في شبكة اجتماعية. ويقول محللون إن البضائع الافتراضية يمكن أن تدر مليار دولار داخل الولايات المتحدة و5 مليارات دولار في كافة أنحاء العالم خلال العام الحالي، وذلك في مقابل أشياء لا تتكلف في إنتاجها سوى عدد قليل من ساعات العمل لفنان أو مبرمج. ويقول جيرمي ليو من شركة «لايت سبييد فنتشر بارتنرز» لرأس المال الاستثماري التي استثمرت 10 ملايين دولار في العديد من شركات البضائع الافتراضية: «إنه نشاط تجاري رائع، وهامش التكلفة بالنسبة لأي شخص يبيع له صفرا، ولذا يكون لديك هامش ربح بنسبة 100 في المائة».

وتقول الشركات، التي تنشئ بضائع افتراضية وتبيعها ومن بينها «زينغا» و«بلاي فيش» و«بلاي دوم» وهي ثلاث شركات ناشئة في مجال الألعاب على الشبكة الإلكترونية داخل منطقة سان فرانسيسكو، إنها تسجل عوائد وأرباحا كبيرة، وأصبحت شيئا محيرا بالنسبة للعديد من شركات الإنترنت.

والبضائع الافتراضية شائعة في آسيا منذ عدة أعوام. ولكن داخل الولايات المتحدة، لا ينفق على هذه البضائع سوى المحبين المتحمسين لألعاب الفيديو فقط، وتُنفق هذه الأموال في الأغلب مقابل سيوف وكلمات سحرية في دنيا الخيال الافتراضية. ويشهد هذا الوضع تغيرا مطردا، والسبب في ذلك الشعبية المتنامية لألعاب جذابة على شبكات اجتماعية مثل فيس بوك وأجهزة تليفون جوال مثل «آي فون».

ويقول السيد ليوي: «لا يقول من يلعبون هذه الألعاب على الشبكات الاجتماعية إنهم لاعبون ولكنهم يقتلون الوقت ويحصلون على المتعة».

وفي لعبة «رستورانت سيتي»، وهي تلعب باستخدام «بلاي فيش» على «فيس بوك»، هناك 18 مليون مستخدم نشط يدير كل منهم مقهى خاصة به ويخزن فيها كعكا وأطباقا افتراضية. وفي لعبة «فارم فيلا» التابعة لـ«زيانغا» يقوم 62 مليون شخص يحلمون بالفلاحة بزراعة مزرعة وزرع البذور وجني المحاصيل باستخدام الجرارات. وهذه الألعاب وغيرها الكثير بها لاعبون يضعون أيديهم داخل محفظة المال الخاصة بهم عندما يقومون بشراء صور على شاشة كومبيوتر.

وتقول سارا ميريل، من بارسونفيلك بولاية مين وتلعب «بيت سوسيتي» على «فيس بوك» مع ابنيها الصغيرين خمس مرات في الأسبوع: «إنها تجربة مثل الذهاب إلى السينما، هذا هو الوصف الذي أطلقه على ذلك».

وأخيرا، استخدمت العائلة كارت ائتمان لشراء عملة اللعبة قيمتها 20 دولارا، وبعد ذلك اشترت أدوات مثل مرآة سحرية ومحلول ساعد حيوانهم الأليف ديمون بابي على أن يكون له أجنحة مثل أجنحة الخفافيش. وتقول ميريل: «لا يزال ذلك أرخص من أخذ الأطفال إلى محلات (تارجيت) حيث يمكن أن يطلبوا شراء دمية».

وبالنسبة لمن ينظرون إلى ذلك من الخارج فإن بيع البضائع الافتراضية ـ وهي الأدوات التي لا قيمة لها في الواقع ـ هو الاحتيال في ذاته. ولكن، يتحكم في الأمر غالبا دوافع قوية وعقلية في بعض الأحيان. ويمكن لمستخدمي الشبكات الاجتماعية شراء هدية مثل صور أزهار وكعكات عيد الميلاد، مقابل الدولار لكل منها. وقد وسع «فيس بوك» أخيرا من مخزن هداياه للسماح للشركات الأخرى لإضافة سلعها الافتراضية مثل كروت التحية. ويقول ومشيه كويفمان، وهو مدير في «سبارك كابيتال» التي لها استثمارات في شركتين ناشئتين للبضائع الافتراضية: «لا يرتبط الأمر بالبضائع نفسها، ولكنه بخصوص رغبات وعواطف البشر الكامنة. ويعلم المستلم أن الشخص استغرق وقتا واختار شيئا له معناه وأنفق مالا عليه».

ويأتي معظم الزخم الذي يشهده سوق البضائع الافتراضية من الألعاب الاجتماعية وليس من الهدايا، حيث يشترى الناس أدوات لتحسين أدائهم في اللعبة أو لتكوين مجموعة سوف تترك تعجب أصدقائهم.

وعلى عكس الألعاب التقليدية، فإن الألعاب الاجتماعية مجانا بصورة عامة، لا ينفق أغلبية اللاعبين أموالا على اللعب. وفي ألعاب «زينغا» يدفع أقل من 3 في المائة من اللاعبين مقابل شيء ما، حسب ما يقوله مارك بينكوس، المسؤول التنفيذي الرئيس بالشركة.

ويمكن أن يحصل اللاعبون أيضا على عملات افتراضية عن طريق الاشتراك في خدمات اشتراك أو تثبيت برنامج إعلانات. ولكن خفضت بعض شركات الألعاب الاجتماعية من هذه العروض بعد الانتقادات التي وجهت لها والقول بأنها تضل اللاعبين وتخدعهم في بعض الأحيان.

وتقول «زينغا» إن المشتريات المباشرة للبضائع والعملات الافتراضية سوف تمثل معظم عوائدها للعام الجاري والتي تقدر بأكثر من 100 مليون دولار وأن الشركة تحقق أرباحا. ويتحدث مبتكرو الألعاب صراحة عن استراتيجياتهم لجعل الناس تدفع مقابل البضائع عن طريق جعلهم يدمنون اللعب، ثم بعد ذلك يدفعونهم إلى عمليات شراء تزيد من وتيرة اللعب وتساعدهم على النجاح في اللعبة. وعلى سبيل المثال، فإن في فارم فيل تمتلئ خزانات البنزين في الجرارات خلال اليوم. وبدلا من الانتظار، يمكن للاعبين الدفع مقابل شراء البنزين، وهو ما يمكن أن ينظر إليه على أنه نوع من الخداع في الألعاب التقليدية. ويقول السيد بينكوس: «تدخل في ذلك شريحة في مختلف أنحاء العالم، وهو عدد صغير من الناس الذين يثمنون وقتهم ويريدون اللعب بوتيرة أسرع ولذا يدفعون المال». وهناك أسباب تنافسية تجعل اللاعبين يشترون هذه الأشياء. فعلى سبيل المثال، تلعب ويندي بيكرينغ من مدينة كولومبس بولاية أوهايو لعبة «سورويتي لايف» وهي اللعبة التي يقوم فيها اللاعبون بعمل مجموعة من طلاب داخل مؤسسة تعليمية مختلطة، وبعد ذلك يتصارعون معا حتى يفوز البيت الأكثر جاذبية بالمنزل. وتقول إنها اكتشف سريعا أنها سوف تهزم في كل جولة إذا لم يكن لديها أشياء كافية حسب الموضة. وقامت بيكرينغ بدفع أكثر من 30 دولارا خلال الأشهر القليلة الماضية لشراء عملة اللعبة الافتراضية «براوني بوينتس» التي تستخدمها لشراء أدوات مثل تاج وشعر ملك جمال أميركا وزي حفلات سيكو دو مايو، تتضمن قبعة مكسيكية. وتقول بيكرينغ: «هذا تقريبا ما أدفعه طوعا مقابل لعبة في أحد المتاجر».

ويقول بعض محبي الألعاب إنه في بعض الحالات يمكن أن تكون السلع الافتراضية أفضل من الأشياء الحقيقة. وتقضي جيمي كونغ، وهي صبية تبلغ من العمر 13 عاما تعيش في التادينا بولاية كاليفورنيا، ساعات أسبوعيا على موقع «دمية ورقية» يدعى «ستار دول» تشتري فساتين وحقائب يد. وتقول إنها صنعت جوليت 606 لها أعين عسلية وشعر يتناسب معها. وعلى عكس الدمى الورقية التي اعتادت اللعب بها، فإن هذه لا يمكن أن تتمزق. وتقول كونغ: «مع ستار دول يبقى كل شيء في مكانه، ولا يمكن لأخي أن يحصل عليه وكل شيء على ما يرام».

* خدمة «نيويورك تايمز»