«ليلة أنس» في مراكز البحث العلمية النمساوية

تطلعهم على إنجازاتها وتشرح لهم العلوم بلغة مبسطة لتقربهم منها

TT

فيما سهرت معظم المدن ليلة الأول من أمس، السبت، بذات الطرق المعهودة المشاعة لقضاء عطلة الأسبوع، وجه آلاف من سكان أكثر من مدينة نمساوية اهتمامهم للاستفادة من الفرص التي أتيحت لهم لمتابعة ومعرفة الكثير من خبايا ودقائق الأبحاث العلمية والعلوم التطبيقية، وذلك وفقا لبرنامج خاص فتحت بموجبه آلاف المعاهد والجامعات والمراكز البحثية والمعامل أبوابها للجمهور للاطلاع على أنشطتها البحثية المعملية، بهدف تقريب صورة ما يدور داخلها من تجارب واختراعات للجمهور الراغب في المعرفة مطلقا. هذا البرنامج يطلقون عليه اسم، الليلة الطويلة للأبحاث، وتشجيعا لحركة الزوار من موقع لآخر من المراكز التي فتحت معاملها في العاصمة فيينا. وكما تابعت «الشرق الأوسط» فقد نظمت تلك الجهات، ومنها الحكومي ومنها الخاص الذي يتبع لشركات ضخمة وأخرى صغيرة، حافلات خاصة ظلت تعمل على نقل الزوار من موقع لآخر كل نصف ساعة وذلك لتسهيل وسرعة الانتقال حتى الساعات الأولى من صبيحة الأمس وبين أطراف المدينة في رحلات لو اكتفى بها الزائر فقط لخرج بجولة سياحية رائعة رغم البرد القارس والطقس الخريفي الذي لفها. هذا وكما أشارت تقارير تابعت بالأمس، فإن أكثر من 366 ألفا من سكان فيينا الذين يزيد عددهم على المليون قليلا قد استمتعوا بالليلة متجولين ما بين أكثر من 159 موقعا بحثيا قدم المشرفون عليها والعاملون فيها شروحات لما يقومون به من تجارب. كما وفروا فرصا للاستماع لمحاضرات مقتصرة وثرية لدراسات وبرامج علمية متنوعة تتراوح بين أثر الضوضاء على السمع عند سكان المدن، إلى تجارب عن الآثار الجانبية للأدوية المستخدمة في التطعيم ضد إنفلونزا الخنازير، وكيفية توفير أكثر السبل أمانا وسرعة لإخراج الجمهور المنزعج من أماكن الاحتفالات العامة لحظة وقوع خطر. وما هذه إلا مجرد عينة صغيرة لتجارب عديدة أخرى، تواصلت طيلة الليلة ووفقا للاهتمامات المتعددة للحضور.

هذا وقد وفرت الليلة فرصا حتى لمتخصصين ومتابعين للوقوف على تجارب وتطورات في مواقع تبعد عن مواقع اختصاصاتهم وخارج النطاق الذي يعملون فيه. كذلك فإنها كانت فرصة سهلة للشباب التواقين للدراسة لمتابعة أمور قد تهمهم مستقبلا، فيما حرصت الأسر من جانبها على اصطحاب صغارها لزيارة تلك المعامل المغلقة عادة على خبرائها وعلمائها ممن يقضون جل أوقاتهم داخلها مشغولين بقواعد علوم الكيمياء والأحياء والفيزياء ومتطلبات الطب والصناعة، بحثا عن الجديد والمبتكر وتحسين وتطوير ما نجحوا فيه. بدورهم اعتبر أولئك العلماء الليلة فرصة نادرة للتقارب بينهم والمواطن العادي وللوقوف على رد فعل الجمهور لما يقومون به ومعرفة ما يود فهمه واستيعابه، فحرصوا على تبسيط لغتهم في الخطاب شرحا لعمليات معقدة وتجارب دقيقة بلغة سهلة وتركيبات مبسطة، ساعدت الحضور على الفهم والاستيعاب مع حرص بالغ على تمكينه من إجراء العديد من تجارب حية واستخدام الكثير من الصور والأفلام لتقريب الأمور الصعبة، وذلك في محاولات لتدعيم وتكثيف التواصل وجذب الشباب لمجالات العلوم والأبحاث التقنية.

الجدير بالذكر أن بلديات هذه المدن النمساوية بالتنسيق مع الجهات المختصة كانت قد وفرت يوم الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي برنامجا مشابها خصص لليلة طويلة لزيارة معظم المتاحف على اختلاف تخصصاتها مجانا للراغبين من الجمهور الذي استمتع كذلك بقضاء ليلة ما بين التاريخ والفنون والعلوم.