اللبنانيون يواجهون «أوبرا» على صفحات «فيس بوك»

بعدما شبّهت نانسي عجرم بـ«بريتني سبيرز» واعتبرت لبنان بلدا محافظا

TT

لم يخفّف لقب «بريتني سبيرز الشرق الأوسط» الذي أطلقته الإعلامية الأميركية أوبرا وينفري على الفنانة اللبنانية نانسي عجرم، من وطأة ما اقترفته مشاهد الفيديو التي بثّتها في برنامجها لمدة 27 ثانية قاصدة من خلالها تسليط الضوء على شهرة عجرم، وجاءت ردود فعل الشباب اللبناني مخالفة لما يمكن أن يشكّله ظهور فنانة لبنانية في برنامج عالمي، فقرّروا المواجهة على صفحة «فيس بوك» لتكون السلاح الذي يدافعون به عن صورة وطنهم الذي اعتبرته وينفري بلدا محافظا. تحت شعار «Oprah…don›t stereotype Lebanon» أو «أوبرا... لا تطلقي التوصيفات النمطية على الشعب اللبناني»، أسس ثلاثة شبان لبنانيين مجموعة جديدة انضمّ إليها خلال أسبوعين نحو 37 ألف شاب وفتاة لبنانيين، والعدد في تزايد مستمر، اعترضوا على وجهة نظر أوبرا داعين إياها إلى عدم «قولبة» لبنان وإطلاق الأحكام المسبقة عليه، ووجّهوا إليها دعوة إلى زيارة لبنان للاطّلاع على مكوّنات المجتمع وطبيعة حياة أبنائه المنفتحة على خلاف ما أظهرته مشاهد الفيديو والتعليق الصوتي الذي رافقه. وأبرز ما أزعج هؤلاء الشباب هو إضافة إلى المشاهد المقتطعة من أغنيات نانسي المصوّرة ومن حفلاتها، تلك المشاهد التي أظهرت مجموعة من النساء المحجبات والمنقّبات اللواتي يُحِطن بنانسي، واللواتي لا يعكسن حتى صورة اللبنانيات ولا سيما المحجبات منهنّ، واعتبر البعض أن تلك الصور مستقاة من أفغانستان أو إيران... وكان التعليق قد أشار إلى أن مجتمع لبنان المحافظ الذي تنتمي إليه نانسي ليس راضيا عن سلوك هذه الفنانة المنفتح و«تمايلاتها المثيرة»، الأمر الذي أزعج الشباب، فدافعوا عن نانسي رافضين وضعها في خانة الفنانات اللواتي انحرفن عن خط الفن السليم.

أمام هذه «القولبة»، أعلن اللبنانيون الدفاع عن حقيقة صورة المجتمع الذي ينتمون إليه من دون إغفال تنوعه وتعدد طوائفه. وبعدما استنكرت بعض الأقلام الصحافية هذه «القولبة»، جاء الرد من جمهور نانسي واللبنانيين بشكل عام، من دون أن ينسى هؤلاء إبداء إعجابهم بأوبرا وشكرها على تسليط الضوء على فنانة من لبنان، فقالوا لها: «نبدي إعجابنا بك ونقدّر عملك، حتى إنك أصبحت مثالا بالنسبة إلينا، لكننا نشعر بالغضب والصدمة من المشاهد التي عُرضت في برنامجك عن الفنانة نانسي عجرم. ونلفت نظرك إلى أن لبنان ليس بلدا محافظا بل هو بلد متنوع باختلاف توجهات أبنائه. أما الأهم فهو أن الصور المستخدمة في المشاهد لا تمت بصلة إلى المجتمع اللبناني، وبالتالي فإن فريق عملك لم يقم بواجبه كما يجب والدليل على ذلك الصورة النمطية التي عمدتم إلى إظهارها عن لبنان، لذا ندعوك إلى زيارة وطننا لتكتشفي عن قرب حقيقة هذا المجتمع المتنوع بثقافته وفنه». وفي حين تمنّى المنتسبون أن يكون قد تسنّى لأوبرا الاطّلاع على مجموعتهم مشيرين إلى أن لبنان لطالما عُرف بـ«سويسرا الشرق»، عمدوا إلى إغناء الموقع بأكثر من 150 صورة متنوعة عن لبنان وجمال طبيعته والنشاطات الثقافية والفنية التي تنظَّم فيه، إضافة إلى أكثر من 150 فيلما وأغنيات قديمة وجديدة تمجد لبنان وشعبه.

مع العلم أن المؤسسين قد عمدوا إلى كتابة رسالة خاصة في أعلى الصفحة، موجَّهة إلى المنتسبين، تذكّرهم بأن الرسائل الهجومية أو الكلمات البذيئة التي قد تسيء إلى شخص أوبرا وينفري تعكس رأي المنتسب الخاص لا رأي جميع اللبنانيين وهي بذلك ستكون عرضة للحذف بمجرد ورودها على الصفحة.

في خضم هذا الدفاع «اللبناني اللبناني»، دخل على خط التعليقات رأي شاب إسباني وجد في المجموعة والمواقف التي أعلنها المنتسبون مبالغة معتبرا أن لبنان هو في الحقيقة بلد محافظ، فما كان من الشباب اللبنانيين «المتعصّبين لوطنيتهم ولانفتاح بلدهم» إلا أن أطلقوا العنان لردودهم، وفي حين سأله أحدهم عن مدى معرفته بحقيقة المجتمع اللبناني متهما إياه بأنه يعيش في كوخ، نصحه أحد أبناء منطقة البترون في شمال لبنان بزيارة المنطقة عله يكتشف بنفسه، مستهزئا، مدى «التحفظ» الذي تعيشه بلدته.

لكن يبدو أن جهود هؤلاء الشباب لم تذهب سدى، فبعد أقل من أسبوعين على إنشاء هذه المجموعة، جاء الرد من مكتب وينفري عبر بيان أضافه أحد المنتسبين إلى الصفحة ليسرّ أصدقاءه بنتيجة عملهم، وأهم ما جاء فيه أن الناطقة الرسمية باسم برنامج أوبرا، أنجيلا دو بول، أصدرت توضيحا أشارت فيه إلى أن «التقرير الذي عُرض في البرنامج كان يهدف إلى إظهار مدى الشعبية الكبيرة التي تحظى بها نانسي عجرم في بلدان الشرق الأوسط ذات الغالبية المسلمة، مشيرة إلى «خطأ ارتكبه فريق الإنتاج في استخدام لفظة بلد محافظ بدلا من تعبير منطقة محافظة». وأكدت دو بول أن «الموضوع لم يكن يُقصد منه أي إساءة إلى لبنان وبالتالي سيجري تصحيح هذا الخطأ خلال حلقات البرنامج المقبلة».