حمام الأبحر في صنعاء.. رحلة في تاريخ اليمن

بني قبل 410 أعوام

يترك الزبائن ثوبهم وجنبيتهم (الخنجر التقليدي) في خزانات الثياب وينطلقون في طقوس الحمام متنقلين بين الغرف المختلفة (أ.ف.ب)
TT

للحمامات التركية أو الشعبية جمهورها الخاص، الذي يطلبها دائما، فما زال للحمام بمعناه القديم بريقه الخاص، وهو ما شجع الكثيرين على إنشاء الحمامات التركية والمغربية وغيرها في أرجاء العالم العربي، وحتى في أوروبا.

وتنتشر في جميع أنحاء العالم العربي وأوروبا في المناطق التي عاش فيها المسلمون بقايا الحمامات التاريخية، ومن تلك المناطق صنعاء باليمن. وفي قلب صنعاء القديمة يقبع حمام الأبحر التاريخي، الذي يجذب زائريه إلى رحلة عبر الزمن، حيث يعبق تاريخ المدينة الضارب في القدم إلى جانب البخار المفيد للصحة.

في تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» نرى حمام الأبحر الذي بني قبل 410 أعوام، ويعج بالرجال الذين يملأون حجراته الدائرية الدافئة، التي تتسرب إليها أعمدة النور من فتحات القبة التي تهيمن على المكان.

وتعج صنعاء القديمة وهي مدرجة في قائمة منظمة اليونيسكو للتراث العالمي، بعدد كبير من الحمامات، يبلغ 14 حماما.

وعند وصولهم إلى حمام الأبحر، يترك الزبائن ثوبهم وجنبيتهم (الخنجر التقليدي) في خزانات الثياب، وينطلقون في طقوس الحمام متنقلين بين الغرف المختلفة.

فبعد الهواء الساخن والجاف، ينتقل الزبائن إلى حمامات البخار، حيث يتم غسل الجسم بالصابون، وصولا إلى تدليك الرجلين واليدين والبطن والظهر.

وفي دردشة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال إسماعيل أبو طالب (65 عاما) الذي يعمل في حقل المجوهرات، «أقيم في المدينة القديمة، وآتي إلى الحمام كل يوم تقريبا».

وأضاف «بالنسبة للكثيرين فإن هذه الجدران هي ما تبقى من حقبة مجيدة، ولكن بالنسبة لنا هذه الجدران هي جزء من يومياتنا».

ويرى البعض أن الحمام يقيهم الأمراض، بينما يشيد آخرون بالقدرات الخارقة للحمام. ويأتي هاشم الحمزي (30 عاما) أربع مرات في الأسبوع إلى الحمام، وقال هذا التاجر المتزوج من امرأتين، إن «المياه الساخنة مع التدليك تحسن الدورة الدموية، وتجعلنا أقوى».

ويضيف الحمزي «يوم الثلاثاء هو يوم الراحة، آتي إلى هنا للاستحمام ولقضاء الوقت مع أصدقائي».

وتخصص إدارة الحمام بعض الأيام لاستقبال النساء، خصوصا يوم الخميس، الذي يعد تقليديا اليوم الذي تنظم فيه الأعراس.

وقال يحيى الصادق (40 عاما) وهو أحد مالكي الحمام «يوم الخميس مخصص لطقوس العرائس».

وقال إنه «بعد حمام البخار، تدهن العروس قبل زواجها بالزيوت المعطرة استعدادا لليلة الدخلة».

والدخول إلى الحمام يكلف مائتي ريال (دولار واحد) إلا أن الكلفة قد تصل إلى ألفي ريال بحسب ما يطلب الزبون، الذي يمكنه أيضا أن يتناول طعام الغداء في الحمام.

وبالنسبة للبعض، يمكن للحمام أن يقي من الإنفلونزا، لا سيما من إنفلونزا الخنازير التي قضت على حياة نحو ستة آلاف شخص حول العالم.

وقال خالد رفيق (39 عاما)، «ابني محمد مريض بالإنفلونزا وأنا آخذه كل يوم إلى الحمام، فالمياه الساخنة والبخار أفضل من كل العلاجات، لأنها تقتل الجراثيم وتقوي مناعة الجسم، بما في ذلك ضد إنفلونزا الخنازير».