المخرج عادل أديب يناشد المثقفين والأدباء الوقوف بجانب السينما المصرية

قال لـ «الشرق الأوسط» : الصحافة المصرية اختفت من العالم العربي وأيضا الأفلام والأغاني والمسلسلات

المخرج عادل أديب مع الفنان محمود عبد العزيز في مؤتمر صحافي حول فيلم «ليلة البيبي دول»
TT

على هامش مهرجان الفيلم المستقل الذي استضافته بروكسل مؤخرا، التقت «الشرق الأوسط» المخرج والسيناريست المصري عادل أديب، وتحدثنا معه عن السينما المصرية إلى أين وأسباب اختيار مصر ضيف شرف للمهرجان، وقال أديب: «اختيار مصر ضيف شرف المهرجان يحمل أكثر من معنى، لأن وجود أي شخص أو أي دولة يمثل ثقافة كاملة لمنطقته كلها لا على مستوى البلد فقط، ونحن نتحدث عن السينما المصرية التي شاركت في مهرجان بروكسل للأفلام المستقلة ضمن المسابقة الدولية، أو كضيف شرف للمهرجان، الذي تستضيفه بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي، والتي يوجد بها مراكز الدعم الرئيسية لصناعة السينما. وأشار إلى أنه منذ فترة طويلة كانت الاتصالات مستمرة بينه وبين رئيس مهرجان بروكسل وخصوصا بعد حصوله على جائزة من المهرجان العام الماضي كأحسن سيناريست، وهي أول مرة تُمنح لسيناريست عربي وكان المسؤولون في المهرجان متحمسين للغاية لصناعة السينما في مصر ودول أخرى مثل الفلبين وإندونيسيا وغيرهما وأخذ مدير المهرجان على عاتقه هذه المسؤولية، كما كان للسفارة المصرية في بروكسل دور كبير. وذكر أديب أن السبب وراء اختيار فيلم «واحد صفر» كان لأنه يمثل نوعية جديدة في صناعة السينما. ويرى أديب حراكا بدأت تشهده صناعة السينما المصرية قائلا: «بعد أن كان يوسف شاهين فقط يمثلنا أو يمثل السينما المصرية كمخرج عالمي شرفنا على مدى 30 أو 40 سنة وأكثر، وقبل ذلك كانت أفلامنا تشارك في مهرجانات عالمية أيام كان هناك مؤسسة لصناعة السينما، لما اختفى كل ذلك ورفعت الحكومة يدها من هذا الموضوع كان لذلك تأثير كبير على السينما المصرية، وأنا أذكر أن فرنسا كان بها عشر دور عرض تعرض الأفلام المصرية، ومن بين دور العرض كانت واحدة تحمل اسم الأقصر، كان ذلك في الخمسينات والستينات، كما أن الفنان محمد عبد الوهاب كان يصور أفلامه في استديوهات بفرنسا، وكانت هناك مشروعات مشتركة بين مصر وفرنسا، وأذكر أن أول فيلم مشترك كان في عام 1928». ويمضي أديب قائلا: «حينما جاء اتحاد الصناعات ـ وكان مشكورا ـ وضع يده على الأمور وجعل أفلامنا تسافر إلى مهرجانات مثل كان وبرلين وبدعم من الحكومة كانت الشركات تذهب بأفلامها إلى المهرجانات وتقدم صناعتها وأفلامها وأعمالها للعالم الخارجي، وهذا يعتبر حراكا كبيرا وجيدا وقويا وبخاصة إذا أخذنا في الاعتبار مجهودات وزراء الثقافة والإعلام والاستثمار والتجارة بتخصيص مساحات ومجهوداتهم في سبيل أن يمتلك القطاع الخاص استديوهات وأيضا القرار جمهوري برفع الجمارك عن معدات صناعة السينما».

ويشير أديب إلى أنه على الرغم من وضع مسألة صناعة السينما في أجندة مناقشات الاجتماع الأخير للحزب الوطني وجلسات مجلس الشعب فإنه «للأسف ما زالت البنية أو الهرم الإداري لصناعة السينما غير موجود والعلاقة بين الدولة وصناعة السينما مفقودة، ويد الدولة يجب أن تكون موجودة وبقوة مثل ما يحدث في دول العالم المختلفة، ولكن رغم كل هذا الحراك فإن صناعة السينما أصبحت فردية في مصر وللأسف يمكن أن تتحول إلى صناعة مافيا وتكون مسألة منغلقة ولا رادع لها».

يقول أديب: «لدينا خطوات مهمة جدا، واسم مصر عاد ثانيةً كهوليود الشرق وهذا مهم جدا ولكن بعد تغيير الاتحاد الأوروبي في الدعم وسقوط برنامج اليوروميد وهم الآن يعدون برنامجا أو هيئة أخرى جديدة، وبدأوا ينظرون إلى دول أخرى لم تكن تحصل هذا الدعم من قبل، وأنا أرى أنها فرصة جيدة جدا للتحرك وبسرعة في هذه المنطقة من جانب الحكومة والشركات ولا بد أن يحدث إعادة ترتيب البيت من الداخل في مصر ولا بد أيضا أن يكون هناك اتصالات قوية، وأعتقد أن سفاراتنا في الخارج مثل بلجيكا واليابان وألمانيا وفرنسا وأميركا يمكن أن تكون ذراعا قويا يساعدنا في التواصل، ونحن في مرحلة مهمة للغاية وهي مرحلة يُطلَق عليها سقوط أو انهيار الاقتصاد العالمي لإعادة تأسيس العالم كله من جديد، ولو لم نلحق لنا دورا في ذلك فلن يكون لنا أي دور واضح وقوي بعد ثلاث سنوات.

ويناشد أديب المثقفين وأيضا الإعلام بجميع كوادره للوقوف بجانب صناعة السينما ويضيف: «عايز أقول حاجة يمكن الناس تزعل منها ولكنها واقع: الصحافة المصرية اختفت من العالم العربي، والأغاني المصرية اختفت من العالم العربي، ومنذ العام الماضي والمسلسلات المصرية بدأت تختفي من العالم العربي، وهذا العام السينما ستختفي، وأرجوكم، هذا إنذار. إحنا ح نقع في مصيبة كبرى ولن يكون لنا أي صوت والسينما والإعلام هما صوت مصر من زمان وهذا الصوت يخفت، وأرجو مجهودا مضاعفا لتفادي حدوث ذلك».

وكان المهرجان الدولي للفيلم المستقل اختار مصر «نجمة» لدورته السادسة والثلاثين ومنح الممثلة يسرا جائزة تكريمية عن مجمل أعمالها، كما وقعت إدارته عقدا مع مجموعة «غود نيوز» ينص على إنتاج سينمائي مشترك بين بلجيكا ومصر. وقالت المتحدثة باسم المهرجان الدولي إن مجموعة «غود نيوز» المصرية الخاصة للإنتاج الفني ممثلة بالمنتج عادل أديب وقعت عقدا مع مدير المهرجان الدولي للفيلم المستقل روبير مالنغر تلتزم بموجبه بتقديم مبلغ يتراوح بين 1.5 و3 ملايين يورو لتمويل إنتاج سينمائي مشترك لفيلمين مصري وبلجيكي. وتمثل إدارة المهرجان البلجيكي المستقل دور «الوسيط» في العقد، إذ تأخذ على عاتقها البحث عن شركة إنتاج بلجيكية لتكون الطرف الثاني في الإنتاج إلى جانب مجموعة «غود نيوز»، وتتحمل كل من الشركتين 50% من التمويل. وجاء توقيع العقد بعد ندوة حوارية نظمها المهرجان للبحث في التعاون السينمائي بين بلجيكا ومصر بمشاركة السفارة المصرية في بروكسل. وتم الاتفاق خلال الندوة على تعزيز التعاون في مجالات الكتابة والإخراج السينمائيين، وعلى إقامة مهرجان للسينما البلجيكية في القاهرة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2010. يُذكر أنه من بين أعمال المخرج عادل أديب الأخيرة التي حققت نجاحا كبيرا في مصر والعالم العربي «حسن ومرقس» الذي يعالج الصراع الديني بين الإسلام والمسيحية، والذي عُرض في مهرجان أفلام المتوسط العام الماضي في روما. كما شارك أديب العام الماضي مع الفنان نور الشريف في مهرجان بروكسل بفيلم «ليلة البيبي دول».