الركود ساعد على تحقيق المساواة ولطف من الاختلافات العرقية بين الأميركيين

يلتقي السود مع البيض بنسبة أكبر في مكتب الخدمة الاجتماعية وداخل بنوك الطعام

ديان ووكر في مطعمها الذي يقصده العديد من البيض أكثر من أي فترة مضت، وتقول إن زبائنها البيض يأتون إلى مطعمها كنوع من الدعم (نيويورك تايمز)
TT

خلال الفورة التي شهدها قطاع الإسكان، شهدت مقاطعة هنري، وهي إحدى ضواحي مدينة أطلنطا، توترا عرقيا بعد أن انضم عدد متزايد من السود إلى عشرات الآلاف من الوافدين الجدد، وقد تسبب في فجوة غير لطيفة بين الوافدين الجدد والسكان القدامى داخل المقاطعة. ولكن، عمل الركود الاقتصادي الحالي على إزالة هذه الفروق.

ويلتقي السود مع البيض بنسبة أكبر خلال الفترة الأخيرة داخل غرف الانتظار المزدحمة في مكتب الخدمة الاجتماعية وداخل الهيئات التابعة لبنوك الطعام بصورة تعد الأولى من نوعها. وتجذب الأنشطة التجارية المتعثرة، التي يملكها السود زبائن من البيض. ويواسي الجيران بعضهم بعضها بعيدا عن الاختلافات العرقية.

وداخل شعبة خدمات الطفل والأسرة، قامت كيشا تايلور، وهي امرأة سوداء تبلغ من العمر 36 عاما، بشرح نظام الضمان الاجتماعي لأم بيضاء. وقالت تايلور، التي كانت هناك لأنه تم ترحيل عائلتها، إلى المرأة البيضاء، التي أخذت في مكانها داخل الطابور من أجل الحصول على التموين، إن الطفل الذي يعاني من ربو حاد يكون أهلا للاستفادة من الضمان الاجتماعي.

وقالت تايلور، وهي تسترجع الحوار الذي دار بينها وبين المرأة البيضاء: «في الوقت الحالي، يوجد الكثير من المواطنين البيض يعانون من هذا الوضع. اعتدنا نحن بالفعل على الفقر، ولكن ليس هذا هو الحال بالنسبة لهم». وقد عقدت دينيس رودغرز، مديرة المقاطعة للخدمات الاجتماعية وهي امرأة بيضاء، أكثر من غداء عمل في «تركي غريل» التابع لـ«آيه جاي»، الذي تمتلكه ديان واكر، وهي امرأة سوداء، أملا في مساعدة المشروع.

وتقول بيجي ألغود، وهي امرأة سوداء تبلغ من العمر 54 عاما فقدت وظيفتها ومنزل كان به أربعة أسرة نوم، إنها كانت لاحظت أن الركود الاقتصادي يزيل الفروق العرقية. وتضيف ألغود: «هذا هو الوضع بالنسبة لكل شخص تحدثت إليه، فقد فقدوا منازلهم ووظائفهم. جارتي بيضاء وهي تحاول الحصول على وظيفة، ولم يسعفها الحظ حتى الآن».

وقد ضرب الركود الاقتصادي مقاطعة هنري، التي كانت على مدى أعوام من المناطق التي تشهد أسرع نمو داخل الولايات المتحدة، وجاء ذلك في الوقت الذي تسعى فيه المقاطعة إلى التكيف مع تغير ديموغرافي مروع. فقد كان البيض يمثلون 90 في المائة من سكان المقاطعة عام 1990. وفي الوقت الحالي فإنه مع زيادة عدد سكانها بأكثر من ثلاثة أمثال ووصوله إلى 192 ألف شخص، حسب ما أفادت به تقديرات إحصاء سكاني لعام 2008، تراجعت نسبة البيض بين السكان إلى 60 في المائة.

ولا تزال الإدارة الحكومة المنتخبة داخل المقاطعة من البيض والجمهوريين، وقد حاولت بعض القيادات والوافدين الجدد من خلال العديد من الوسائل أن يجعلوا هناك تنوعا أكبر في المجلس المحلي والحكومات. ولكن، كان الشيء الأسرع في إزالة الفروق العرقية هو الركود الاقتصادي.

ويقول يوغين إدواردز، رئيس فرع الرابطة الوطنية من أجل تقدم المواطنين الملونين في مقاطعة هنري: «كان هناك الكثير من التوترات العرقية هنا، ولكن يعرف الجميع أننا نحتاج إلى بعضنا بعضا كي نتمكن من البقاء وتجاوز الركود الحالي، ويبدو أن المواطنين حاليا يهتمون ببعضهم بعضا».

وفي العام الماضي، أخذت الغرفة التجارية قيادات من أعراق مختلفة إلى معهد برمنغهام للحقوق المدنية، ولكن هذه الجهود المدعومة رسميا في الربط بين الأعراق المختلفة أخذت تتراجع. ويقول ستيف كاش، المدير التنفيذي لمجلس نمو الجودة بمقاطعة هنري وهو رجل أبيض: «لقد ربط الركود الاقتصادي بين المواطنين، ولم تعد تحدث الكثير من الأشياء التي كانت تقع في الماضي».

وتحدث حاليا الكثير من الأشياء التي لم يكن يسمع عنها من قبل، حيث تمضي نساء يركبن سيارات جاغوار إلى الهيئات التابعة لبنوك الطعام، ويجلس مليونيرات سابقين في منازل رحبة لا يمكن بيعها.

ومن الأسباب التي تقف وراء عدم حصول السود على نفوذ سياسي أكبر هو أنهم غير مركزين داخل منطقة واحدة بالمقاطعة ـ وقد أصبحت الأزقة التي صنعت من المزارع والمراعي خلال العقد الماضي أماكن مختلطة عرقيا. وفي الوقت الحالي، تؤكد إخطارات الحبس العقاري والمروج غير المهذبة داخل هذه المناطق على فكرة أن الجميع في نفس القارب الذي يغرق. وتشير الإحصائيات أيضا إلى أن عبء الركود يضرب بنفس القوة الأعراق المختلفة. وفي يونيو (حزيران) 2006، كان 55 في المائة من العائلات التي تحصل على تمويل غذائي من بين السود، مقابل 44 في المائة من بين البيض. ولا زالت هذه النسب كما هي في الوقت الحالي على الرغم من أن حجم كل فئة زاد بنسبة 50 في المائة.

وتأتي نسب طلبات إعانات البطالة على نفس النسق، ففي يناير (كانون الثاني) 2008 كان 49 في المائة ممن يقدمون طلبات من أجل الحصول على إعانات البطالة من البيض في مقابل 45 في المائة من السود. وفي أغسطس (آب) 2009، كانت نسبة البيض تبلغ 49 في المائة كما هي فيما كانت نسبة السود 48 في المائة.

ويُذكر أنه في مختلف أنحاء البلاد، كانت هناك الكثير من التقارير عن الانقسام العرقي الذي تسبب فيه الركود، حيث إن السود خسروا وظائفهم ومنازلهم بمعدلات أعلى كثيرا بالمقارنة بالبيض. ولكن، كان الوضع مختلفا جدا بالنسبة لمقاطعة هنري، وهي على بعد 30 دقيقة بالسيارة جنوب وسط مدينة أطلنطا. وفي مقاطعة هنري، يقترب متوسط دخول العائلات السوداء من 56.715 دولار عام 2008، من متوسط دخول البيض، حيث يبلغ متوسط الدخل بالنسبة لهم 69.724 دولارا (وعلى المستوى الوطني كان متوسط الفرق بين الدخول 20.000 دولار). ويحمل الكثير من السود في مقاطعة هنري من المتقاعدين من الشمال أو الحرفيين الذي يعملون في أطلنطا، درجات جامعية بنسبة أكبر من البيض.

ولا يعني ذلك أن هناك مساواة تامة في مقاطعة هنري، حيث يمثل السود نسبة كبيرة ممن يسعون إلى الحصول على مساعدات حكومية قبل وبعد التباطؤ الاقتصادي. ومنذ عام 2006، ارتفع عدد السود المستفيدين من الرعاية الطبية أكثر من ثلاثة أمثال، وقد تجاوز ذلك الزيادة بين البيض.

وكما هو الحال في باقي البلاد، كان السود في مقاطعة هنري أكثر بمقدار الضعفين في استعدادهم لقبول رهون عقارية محفوفة بالمخاطر، ويعني أن هناك عددا أكبر من العائلات السود التي تكافح من أجل المحافظة على منازلهم. وأخيرا، أشهر كيث وكينيا روكر، وهما من السود، إفلاسهما في محاولة للإبقاء على المنزل الذي اشترياه مقابل 155 ألف دولار برهن عقاري، يمكن تعديله عندما كان كل منهما يدر دخلا قبل أن يخسر الزوج وظيفته كمدير مطعم. ويقول الاثنان إنهما لم يستطيعا الاعتماد على أفراد العائلة من أجل الحصول على مساعدة مع تزايد الأموال التي عليهم الدفع مقابل لها.

وأضاف الزوج، بينما كانت زوجته تتحدث مع ابنتهما كي يونكا التي تبلغ من العمر 8 أعوام: «لست عنصريا، ولكن كان الوضع أصعب بالنسبة للرجال السود». ويردد الزوج، وهو من أورلاندو بولاية فلوريدا، نفس ما قاله العديد من الخبراء الذين يقولون إن السود من الطبقة المتوسطة لديهم موارد أقل، مالية واجتماعية، يعتمدون عليها حال وجود مشكلة. ويضيف: «من أين جئت؟ كل صديق لدي إما تاجر مخدرات أو مسجون بسبب الاتجار في المخدرات أو ميت».

ويشعر الزوج دينيس وجيني دانكان، وهما من البيض، بالإحباط بعد أن كانا يملكان مليون دولار في أصول عقارية. وخلال مقابلة أجريت معهما في منزل فخم، قالا إن عمدة البلدة قد اتصل بهما ليخبرهما أن أمتعتهما سوف يتم مصادرتها من أجل الوفاء بديون عليهما. وعلى عكس السيدة روكر ليس مع أي منهما درجة جامعية وهو ما يصعب عليهما الحصول على وظيفة.

وهناك قبول داخل مقاطعة هنري لفكرة أن الركود ساعد على تحقيق مساواة. وكان السكان السود والبيض مترددين في القول بأن هناك ضربة قوية وجهت للعرق. ولكن تقول تايلور، المرأة السوداء التي كانت تقدم النصح في مكتب التمويل بالمقاطعة، هناك بعض الفروق الواضحة بين السود والبيض. وتضيف: «إنهم أضعف منا في التعامل مع مثل هذه الأشياء، ولكني أعلم أن هناك تعاطف معهم أكثر من التعاطف معنا».

* خدمة «نيويورك تايمز»