مع «دبي للطيران 2009».. سماء المدينة تتحول لمسرح مفتوح

شركات الطائرات المقاتلة تستعين بعارضات جميلات بملابس عسكرية

يشهد المعرض استعراضات بهلوانية جوية لفرق عالمية ورغم أن أصواتها قد تكون مزعجة فإنها مسلية ومجانية لسكان دبي
TT

سواء كان الهدف شراء طائرة ايرباص 380 العملاقة، أو طائرة إف 15 العسكرية، أو حتى طائرة صغيرة للرحلات البرية، بل وحتى لو كانت الغاية شراء مجسم صغير لطائرة كبيرة، أو حتى لو كانت الغاية هي المتعة والمشاهدة غير المجانية لكل ذلك، فإن معرض دبي الجوي 2009 سيحقق الهدف المبتغى من زيارته. وليس على الزائر سوى اختيار حاجته فقط.

فالطائرات التي يقرأ عنها في الصحف ويشاهدها في التلفاز، تتناثر على أرض مطار دبي الدولي، وإذا لم يكن الشخص من الوزراء (يحضر المعرض 18 وزير دفاع) أو المسؤولين الكبار أو المختصين، فليس عليه سوى دفع تذكرة دخول بـ 200 درهم إماراتي (53 دولارا أميركيا)، ليكون كتفه مع أكتاف أقطاب صناعة الطيران العالمية.

ومع تراجع الصفقات المدوية للطائرات العسكرية والمدنية، كان الحضور الأبرز في هذا المعرض للطلعات الجوية التي تقوم بها فرق متخصصة، وهي التي أثارت الزوار، وحتى غير الزوار من المقيمين في أنحاء دبي، فيما كانت الطائرات العسكرية المعروضة لافتة للزوار، بالرغم من عدم السماح للكثير منها بدخول الزوار إليها، على عكس الطائرات المدنية التي تسمح بذلك.

ولعل المثير أن غالبية الحضور هم ممن لا ناقة لهم ولا جمل في حضور هذه المعارض المتخصصة، وبالطبع ليس صعبا معرفتهم بسهولة، ومع هذا تجدهم أكثر الناس حرصا على الحضور، ودفع تذكرة غير رخيصة للدخول، وإيقاف سياراتهم في الموقف الذي يبتعد كثيرا عن مقر المعرض، ولكنهم يجدون في المشاهدة القريبة للعروض الجوية والمرور على الطائرات المتنوعة التي تصل لمائة وثلاثين طائرة تربض على أرض المطار، فرصة ربما لا تتكرر في هذا المعرض، الذي يعد ثالث أكبر معرض جوي من نوعه في العالم.

وبما أن الحديث قد أتى على الحضور غير المتخصص، فلا بد من العروج على الفتيات العارضات اللاتي يأبين إلا وأن يسجلن لهن حضورا لافتا في المعارض المتخصصة، بل إن حتى كبريات الشركات المتخصصة في بيع المقاتلات العسكرية تسابقت على الاستعانة بعارضات جميلات في أجنحتها، في حين قامت إحدى الشركات بتفصيل ملابس عسكرية على مقاس هؤلاء العارضات لجذب الأنظار لجناح الشركة، ألم يقولوا الغاية تبرر الوسيلة! المعرض في دورته الحادية عشرة، والذي افتتحه رسميا الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أمس، تختتم فعالياته يوم غد الخميس، ويشارك فيه نحو 900 شركة متخصصة في تقنيـة الصناعات الجويـة بفرعيها المدني والعسكري. وبحسب الشركة المنظمة للمعرض «فيرز آند إكزيبيشنز»، فإن دورة العام الحالي للمعرض شهدت نموا جيدا، إذ أضيفت إلى مساحة المعرض قاعة جديدة، هي قاعة الإمارات، التي تضم أجنحـة دولة الإمارات، أبرزهـا (طيران الإمارات)، وتشغل مساحـة 7025 مترا مربعا، منها 5000 متر مربع للأجنحة ومنصات العارضين، لترتفـع بذلك المساحـة الإجماليـة للمعرض إلى 325 ألفا و513 مترا مربعا.

ومن بين 900 شركة مشاركة في دورة العام الحالي من المعرض، تشارك 150 شركة من 20 دولة للمرة الأولى في المعرض، الذي سيزوره 400 وفد رسمي، وتشارك فيه أكثر من 130 طائرة، تقوم 14 منها باستعراضات جوية يوميا.

وعبر حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في تصريحات صحافية، عن ارتياحه البالغ لوجود كبريات الشركات العالمية وحضورها المكثف في الدورة الحالية، مؤكدا أن هذه المشاركة الواسعة لهذه الشركات تثبت من جديد أن دولة الإمارات «ما فتئت تشكل الرقم الصعب في معادلة الاقتصاد العالمي، واقتصادها ـ والحمد لله ـ كان وما زال متماسكا وقويا رغم كل الهزات المالية والاقتصادية العالمية».

واعتبر الشيخ محمد بن راشد نجاح المعرض في دورته الحالية إعدادا وتنظيما وحضورا وزيادة في المساحة بمثابة تحدٍ جديد لأبناء الوطن «الذين أثبتوا قدرة وكفاءة في تجاوز مثل هذه التحديات والتغلب عليها».

وربما كان الأكثر سعادة من إقامة هذا المعرض هم سكان دبي أنفسهم، أما السبب فيتمثل في العروض الجوية التي تقوم بها 14 طائرة بشكل يومي. الاستعراضات الجوية قد تكون مزعجة نوعا ما للسكان، لكنها بالتأكيد فرصة لا تتكرر للاستمتاع بمثل هذه العروض التي تقدمها فرق عالمية في سماء دبي المفتوح، فالعروض العسكرية تعطي انطباعا بأن السماء كلها تحولت لقطعة مسرحية، جمهورها والمتفرجون هم سكان دبي، والمخرجون هم المشاركون في معرض دبي للطيران 2009. ومع أن العروض الجوية هذه كانت على ارتفاعات منخفضة، إلا أنها لم تكن تثير القلق لأهالي دبي، على اعتبار أن هذه العروض بعيدة عن ناطحات السحاب التي اشتهرت بها المدينة، وأشهرها على الإطلاق برج دبي، أعلى برج في العالم، لكن ذلك لا يمنع من أن سكان هذه الأبراج أيضا استفادوا من سكنهم فيها، بمشاهدة ممتعة للعروض هذه، ولو كانت هذه المشاهدة من ارتفاعات عالية، بل وأعلى من تحليق الطائرات الاستعراضية ذاتها.

وتقوم طائرات من طراز «تايغر» بطلعات جوية استعراضية يومية، ضمن فعاليات المعرض، وهو ما يمثل الظهور العام الأول لطائرة مروحية مقاتلة من الجيل الأول في المنطقة، حيث تم تطوير الطائرة خصيصا لكل من فرنسا وألمانيا، لكنها بعد ذلك شهدت تعديلات ناجحة في ظل البيئة الجيواستراتيجية التي شهدت تغيرا سريعا، حيث تم توفير مجموعة كبيرة من القدرات متعددة المهام وتطوير نسخ خاصة تناسب مختلف احتياجات الدولتين، ويبلغ عدد الطلبات الإجمالية لتلك الطائرة بمختلف طرزها 206 طائرات.

ومن أهم الطائرات المشاركة أيضا في العروض الجوية، طائرة رافال المقاتلة من إنتاج شركة داسو الفرنسية، وطائرة فالكون L ـ 15 النفاثة للتدريب المتقدم من إنتاج شركة «أفيك» الصينية، وهو ما يمثل أول مشاركة من نوعها لطائرة تدريب صينية في معرض طيران دولي، إضافة مشاركة طائرة إيرباص A 380، والطائرة يوروكوبتر طراز «هاب تايغر»، وطائرة بيلاتوس بيه سي 21، وطائرة ألينيا طراز «سي 27 جيه»، وطائرة ألينيا أييرماكي طراز «M 346». كما يشهد معرض دبي للطيران في نسخة 2009 استعراضات بهلوانية جوية لفرق عالمية، بينها فرقة الاستعراضات «فريكيه تريكولوري» التابعة لسلاح الجو الإيطالي، وتستخدم طائرات أيير ماكي طراز «إم بي 339 إس»، وفرقة الاستعراضات البهلوانية الجوية الفرنسية «باتروي دو فرانس» وتستخدم طائرات ألفاجيت. ومع غروب يوم غد، يقفل معرض دبي للطيران 2009 أبوابه، وربما يرتاح سكان دبي من الطلعات الجوية النهارية التي تقوم بها طائرات مدنية وعسكرية في آن واحد، الصوت مزعج وهدير المحركات لا يشكل صوتا مريحا بكل تأكيد، لكن الأهم أنهم سيفتقدون برنامجا يوميا يستمتعون فيه، ومجانا، بعروض ممتعة وفريدة من نوعها. صحيح أن هناك من يرى أن الأزمة المالية العالمية حجبت الصفقات المليارية التي اعتاد المعرض الكشف عنها، لكن الأكثرية ربما لا تحفل لا بالصفقات التجارية وبالتأكيد الصفقات العسكرية، وترى أنها الرابح الأكبر من مسرح سماء دبي المفتوح لمشاهدة مجانية لا تتكرر إلى مرة كل عامين، وهو موعد النسخة المقبلة من معرض دبي للطيران.