مؤسسة الفكر العربي تمنح جوائزها لعام 2009

في الإبداع العلمي والتقني والاقتصادي والمجتمعي والأدبي

حمد العماري وسليمان عبد المنعم خلال الاعلان عن الجوائز
TT

أعلنت مؤسسة الفكر العربي في الكويت أسماء الفائزين بجائزة الإبداع العربي في دورتها الثالثة لعام 2009، والتي تنظمها المؤسسة سنويا تشجيعا للمبدعين العرب. وأعلن الأمين العام للمؤسسة، الدكتور سليمان عبد المنعم، بحضور حمد بن عبد الله العماري الأمين العام المساعد والمدير التنفيذي لمؤتمرات «فكر»، أسماء الفائزين الذين سيتم تكريمهم في ختام المؤتمر السنوي الثامن للمؤسسة «فكر8»، الذي سيعقد في الكويت في التاسع والعاشر من شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، تحت رعاية أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.

ونالت جائزة الإبداع العلمي «مؤسسة الكويت للتقدم العلمي» التي أنشئت عام 1976 بمبادرة من أمير دولة الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح. وللمؤسسة دورها البارز والمشهود على امتداد العالم العربي حيث اضطلعت بتنفيذ الكثير من المشروعات العلمية، ونشر الدوريات والكتب المؤلفة والمترجمة والموسوعات العلمية، منها دورية «العلوم» ومجلة «التقدم العلمي»، وللمؤسسة مركز «دسمان» لأبحاث وعلاج أمراض السكري والمركز العلمي للأبحاث والدراسات.

ونال جائزة الإبداع التقني البروفسور إلياس الزرهوني من المملكة العربية السعودية، وهو من العلماء العرب الذين أبدعوا في الغرب، ويحتل موقعا علميا عاليا في الولايات المتحدة الأميركية. وقد عين عام 2002 رئيسا لمعهد الصحة القومي الأميركي في ولاية ميريلاند خلفا للدكتور هارولد فيرنوس الذي حصل على جائزة نوبل للطب. ويعمل في المعهد عشرة آلاف موظف وباحث وتبلغ ميزانيته 27 مليار دولار، إذ يمول المعهد ثلاثة وأربعين ألف مشروع يتعلق معظمها بأمراض الإيدز والسل والأمراض المعدية الكثيرة المنتشرة، خاصة في القارة الأفريقية. والزرهوني رائد عالمي في مجال التصوير الطبقي المحوري المحوسب في الاستخدامات الطبية Computerized Axial Tomography (CAT)، وفي الرنين المغناطيسي (MRI). نشر العديد من الأبحاث، وحصل على العديد من الجوائز؛ أهمها جائزة «أعلى وشاح للمبدعين» من الرئيس الفرنسي. وقد شغل البروفسور مناصب عدة، منها نائب عميد كلية الطب في جامعة «جونز هوبكنز» وعضو مجلس إدارة المعهد القومي للسرطان، ومستشار منظمة الصحة العالمية ومستشار البيت الأبيض للشؤون الصحية.

أما جائزة الإبداع الاقتصادي فقد نالها مصرف لبنان المركزي الذي استطاع أن يحمي القطاع المصرفي اللبناني من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية من خلال إجراءات وتنظيمات عدة، وحافظ على نسبة السيولة العالية في المصارف اللبنانية وجنبها تبعات الديون ذات المخاطر العالية خاصة في القطاع العقاري. كما استطاع أن يحافظ على قيمة الليرة اللبنانية والاستقرار النقدي في البلاد على الرغم من تعدد الأزمات السياسية التي شهدها لبنان في السنوات الأخيرة، وعلى الرغم من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان والتي بلغت ذروتها في حرب يوليو (تموز) 2006. وقد أدى هذا الاستقرار النقدي إلى حماية الاستقرار الاجتماعي والحفاظ على مستوى المعيشة خاصة لذوي الدخل المحدود. كذلك نال الجائزة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وهو رجل اقتصاد ومال، اكتسب خبرة عريقة في الأسواق المالية العالمية بعد سفره إلــى باريس وعمله مع «ميريل لينش» إحــدى كبريات الشركات المالية العالمية (1973 ـ 1993) كنائب للرئيس ومستشار مالي. وكان عُين حاكما لمصرف لبنان العام 1993 ولا يزال. وحظيت بجائزة الإبداع المجتمعي قرية بلعين في الأراضي الفلسطينية المحتلة (فلسطين) التي استحقت تجربتها الفريدة في مقاومتها الاجتماعية (السلمية) النوعية، الاحتفاء والتقدير لما تنطوي عليه من إبداع في مواجهة الاحتلال وجدار الفصل العنصري والاستيلاء على الأراضي وحرق أشجار الزيتون وملاحقة أبناء القرية والتضييق عليهم، حتى بلغت البطالة بينهم 70 في المائة ومع ذلك لم يوقفوا احتجاجهم (السلمي) الذي ينظمونه أسبوعيا منذ سنوات للتصدي للاحتلال. وقد لحق بأبناء القرية نحو 600 إصابة، عدا الشهداء والمعتقلين، لكن ذلك لم يفلح في ثني أهالي القرية عن نضالهم ومقاومتهم السلمية النوعية.

الكاتب الصحافي المصري سلامة أحمد سلامة حاز جائزة الإبداع الإعلامي. وهو نائب سابق لرئيس تحرير جريدة «الأهرام» (1987 ـ 2009). رأس تحرير مجلة «وجهات نظر» من 1999 إلى 2008 ويشغل حاليا منصب رئيس مجلس التحرير لصحيفة «الشروق» اليومية. وقام بالعديد من الرحلات لتغطية أحداث خارجية ومؤتمرات قمة عربية واجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة وانتخابات الرئاسة الأميركية، كما أجرى العديد من الحوارات والمقابلات مع عدد من رؤساء الدول وكبار السياسيين، وشارك في العديد من اللقاءات الدولية حول حرية الصحافة وحوار الحضارات في عواصم عربية وأوروبية. وهو متخصص في الشؤون الألمانية.

أما جائزة الإبداع الأدبي فقدمت للروائية المغربية زهرة المنصورة عن روايتها «من يُبكي النوارس» التي تقوم على شخصيات متعددة الألوان والأمزجة، البطولة فيها من جنسيات ومشارب ثقافية متنوعة، لكل منهم ظروفه ومشكلاته الخاصة، وتجمعهم في الوقت ذاته مواقف وهموم مشتركة، أساسها نظرة المجتمع الغربي إلى العرب وقضاياهم وثقافتهم وعقيدتهم. ويرتكز المحور الأساسي في الرواية على العرب والغرب وموقف الغرب من الإسلام، ومواقف الشخصيات من أوطانها وما يجري فيها، وموقفها من أمتها ومن الانتماء والهوية.

«ساقية عبد المنعم الصاوي» حصلت على جائزة الإبداع الفني، وهي نموذج متفرد في توظيف الفن لخدمة المجتمع. أسسها محمد عبد المنعم الصاوي منذ 6 سنوات، وأطلق عليها اسم «الساقية» إحالة إلى اسم رواية لوالده الأديب ووزير الثقافة المصري السابق عبد المنعم الصاوي. بدأت «الساقية» بقاعتين مسرحيتين فقط هما «الحكمة» و«الكلمة»، واستمر الصاوي في تطوير تلك المساحة الضيقة فضم إليها مساحة أخرى على نهر النيل مباشرة وسماها «قاعة النهر»، حتى وصل عدد القاعات والمسارح إلى نحو 15 قاعة ومسرحا. وقد أعادت «الساقية» الشباب من مختلف طبقاته وفئاته إلى المراكز الإبداعية واستقطبت الفرق المستقلة، وكان لها فضل في ظهور فرق مصرية شهيرة مثل «وسط البلد» و«بلاك تيما» وغيرهما، بالإضافة إلى استضافة كبار الموسيقيين، وتنظيم مهرجانات للأفلام الروائية القصيرة والأفلام التسجيلية، ومختلف فنون المسرح. جدير بالذكر أن المكان الذي تشغله «ساقية الصاوي» حاليا كان «مَقْلَبا للقمامة» وتحول بالإرادة والعزيمة إلى منبر إشعاع احتفى ـ ولا يزال ـ بفنون المصريين وإبداعاتهم.