دبي مدينة قديمة رغم معمارها العصري.. بعدسة الفرنسي مارتن بيكا

استخدم كاميرا يعود صنعها إلى 150 عاما

40 صورة للمصور الفرنسي مارتن بيكا عرضت في معرض «دبي.. التحول»
TT

قد تكون عملية التقاط صورة لأي شيء من حولنا مسألة بسيطة وسهلة جدا، سواء بجهاز الآي فون أو كاميرات الديجتال الصغيرة سهلة الاستعمال. لذلك يأتي الحديث عن صورة فوتوغرافية يتطلب إنجازها أياما أمرا صعب الاستيعاب في حقبتنا هذه، أي حقبة الثورة الرقمية. ولكن الصور التي التقطت استغرق إنجازها لتنشر على هذه الصفحة قرابة الشهر، وهي واحدة من 40 صورة للمصور الفرنسي مارتن بيكا، عرضت في معرض «دبي.. التحول». اعتقد البعض أن «التحول» في دبي تصور التطور المعماري في الإمارة، والمزج بين استخدام وسائل قديمة في التصوير لالتقاط جانب حديث من المدينة. المهم هنا معرفة الإجابة على السؤال: لماذا استغرق إنجاز الصورة شهرا كاملا.

مارتن بيكا مصور فرنسي محترف، قدم إلى دبي مع كاميرته التي يصل عمرها إلى نحو 150 عاما، وهي أول كاميرا مستخدمة في التاريخ، في محاولة منه لتقديم دبي بشكل آخر من خلال إعطائها هوية تاريخية وأثرية. كان يبدأ نهار بيكا للحصول على صورة أو صورتين على النحو الآتي: يحمل الكاميرا التي يبلغ وزنها 45 كلغ، ومن ثم يختار موقع التصوير الذي سيأخذ منه اللقطة، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة، ففي كاميرات الديجتال يمكن أن تغير اتجاه وارتفاع وانخفاض الكاميرا كما تشاء وبكبسة زر تحصل على ما تريد وبالدقة العالية. لكن كان على بيكا أن يختار موقع اللقطة بدقة لأنه لا مجال لتغير موقع الكاميرا بهذه السهولة بعد فتحها وتثبيتها على الأرض، ولصعوبة عملية التصوير، يختار بيكا أوقات الظهيرة لالتقاط الصور، حيث إن أشعة الشمس وقت الظهيرة تكون قوية جدا، بحيث لا تستغرق عملية التصوير أكثر من 15 دقيقة، بينما تستغرق نحو 45 دقيقة عند وقت المغيب. ليس كذلك فحسب فيجب أن لا يكون الجو مغبرا أو عاصفا.

أما الصعوبة الأكبر التي كانت تقف في وجه المصور هي أنه لا يجب أن يكون أمام العدسة أي شيء متحرك لأنه لن يظهر في الصورة كما هو معروف عن الكاميرات الضوئية القديمة. وليس أمام بيكا أكثر من ساعتين لأخذ الصور إلى مختبره لتحميضها وطبعها على أوراق شمعية، فيما تستعمل مادة نيترات الفضة لإتمام عملية التصوير الضوئي. أما تحضير النيغاتف فيتم قبل ليلة، وأي تأخير يعني تلف الصورة. «بعد كل ذلك تم نقل الصور إلى باريس ليتم غسلها وطباعتها لأنها تحتاج إلى تقنيات معينة ومن ثم أعيدت إلى دبي.

المميز في هذه الصور، إلى جانب أنها يدوية بنسبة 100 في المائة، هو أنك تستطيع أن تشاهد شارع الشيخ زايد دائم الاكتظاظ بالمركبات فارغا تماما من أي سيارة وفي عز النهار، وهو مشهد يندر رؤيته في هذه المدينة التي تتغير ملامحها كل خمس دقائق، وهو رأي ايلي دومت مدير صالة الربع الخالي التي عرضت فيها الصور، وهو الشخص الذي رافق بيكا في جولته في دبي. من وجهة نظر دومت فإن كل صورة مأخوذة هي أيقونة بحد ذاتها، لأن هذه الصور وبفعل المواد الكيماوية المستخدمة فيها قابلة للحفاظ على جودتها ثلاثمائة سنة دون أن تتغير وهي «توثق للأجيال القادمة كيف كانت دبي قبل مائة أو مائتي سنة، في المستقبل». «الشرق الأوسط» سألت مارتن بيكا في حوار إلكتروني عن سبب اختياره لدبي لأخذ هذه الصور فقال: «دبي مدينة مثيرة، فهي تنمو بسرعة، فأنت عندما تشاهد الصور تشعر وكأنك تشاهد مدينة تعود إلى القرن الخامس عشر وستشعر بهدوء شديد عندما تنظر إلى الصورة مع أن الواقع غير ذلك تمام. بالنسبة لي كانت الفكرة مثيرة لأن التطور في أي مدينة هو أمر لا يحدث بين ليلة وضحاها».

ايلي دومت، مدير صالة «الربع الخالي» قال لـ«الشرق الأوسط» إن معظم الصور التي تؤخذ اليوم هي صور مخادعة، لأنها تعدل على الكومبيوتر، ناهيك عن الرتوش والماكياجات للأشخاص، أما الصور التي التقطتها كاميرا بيكا فهي طبيعية 100 في المائة».

ويعرض دومت، الصورة الواحدة للبيع بمبلغ 6500 يورو، وهي تتوافر أيضا في كتاب يحمل الاسم نفسه «دبي.. التحول». وقد تم طبع ألف نسخة منه فقط. 40 صورة للمصور الفرنسي مارتن بيكا عرضت في معرض «دبي.. التحول»