لبنى الحسين المحكومة بأربعين جلدة تروج لكتاب لها بالفرنسية تروي فيه حكاية «البنطلون»

الصحافية السودانية تصل إلى باريس وتشطب التنورة من خزانة ثيابها

صحافية البنطال لبنى الحسين («الشرق الأوسط»)
TT

في خطوة غير مفاجئة، غادرت الصحافية السودانية لبنى أحمد الحسين الخرطوم لتظهر في باريس، منذ أيام، مع الإعلان عن صدور كتاب لها، مترجم إلى الفرنسية، بعنوان «40 جلدة من أجل بنطلون». وكان قاض شرعي حكم على لبنى بالجلد 40 جلدة لارتدائها سروالا أثناء وجودها مع رفيقات لها في أحد مطاعم الخرطوم، الصيف الماضي.

لدى وصولها إلى المطار الباريسي، شوهدت الصحافية السودانية وهي ترتدي سروالا أيضا. وقالت لمحرر صحيفة «الجورنال دو ديمانش» إنها شطبت التنورة من خزانة ثيابها، إلى الأبد. وكشفت أنها غادرت الخرطوم مرتدية الحجاب وأخذت طائرة إلى اليمن، ثم إلى الأردن، ومنها إلى مصر قبل أن تحط في فرنسا. لكنها رفضت الكشف عن التاريخ الذي خرجت فيه من السودان حفاظا على أولئك الذين ساعدوها في المرور من المطار. أما سبب مجيئها فهو الترويج للكتاب الذي صدر عن منشورات «بلون» وفيه تروي، بالتعاون مع زميلتها الصحافية جنان تاجر التي سبقتها إلى فرنسا، حكايتها التي شغلت السودانيين والرأي العام في بلاد عربية أُخرى ووصل صداها إلى عواصم العالم.

لبنى البالغة من العمر 35 عاما حرصت على التأكيد أنها لا تنوي العمل في السياسة بل المعارضة السلمية للنظام الحاكم هناك منذ عشرين عاما. وهي كانت معروفة في بلدها قبل حادثة البنطلون، حيث عملت صحافية في جريدة «الصحافة» لسنوات طويلة وبنت لنفسها شهرة من خلال زاويتها «كلام رجال». كما ذاع صيتها عندما اقترنت بمالك الصحيفة الذي يكبرها كثيرا في السن. ومات الزوج بعد ثلاثة أشهر من قرانهما.

ثم جاءت الحادثة التي كرستها مناضلة نسوية ومدافعة جريئة عن حقوق الإنسان، حين وزعت على الصحافة والهيئات الاجتماعية والمعارف 500 بطاقة دعوة لحضور «حفلة الجلد» التي كانت مقررة لها بناء على حكم أصدرته ضدها محكمة في الخرطوم، في يوليو (تموز) الماضي، لارتدائها لباسا غير محتشم. والحق أن الصور التي تناقلها مستخدمو الإنترنت أظهرت امرأة تلبس سروالا فضفاضا يخفي تفاصيل جسمها، وتغطي رأسها بحجاب، لكن القاضي وجد حجابها شفافا ويخالف الشرع. وتقول لبنى إن 43 ألف سودانية تم إيقافهن في العام الماضي، في العاصمة وحدها، وتعرضت غالبيتهن للجلد استنادا إلى حكم المادة 152 من قانون العقوبات، وهي مادة تعتبرها سنت لقمع النساء بشكل خاص ويجري تطبيقها بشكل تعسفي.

بعد انتشار خبر جلدها وما أعقبه من ضجة عالمية، تأجلت عملية تنفيذ عقوبة جلد الصحافية المتمردة وتمت محاكمتها تمهيدا لسجنها. لكنها لم تبق وراء القضبان سوى ليوم واحد وتمت تسوية الكفالة التي فرضت عليها بفضل تدخل جمعية الصحافيين المقربة من السلطة.

لكن محكمة الاستئناف جددت حكم الإدانة، قبل عشرة أيام. ألهذا السبب هربت لبنى من البلد؟ لقد ظهرت على شاشة التلفزيون الفرنسي لتقول إن القرآن الكريم لا يقر جلد النساء بسبب ارتداء السروال الطويل. وكانت إلى جانبها في البرنامج الناشطة الجزائرية وسيلة تمزالي، التي شغلت رئاسة دائرة المرأة في اليونسكو لسنوات طوال. وكان واضحا أن لبنى تفادت الوقوع في فخ الأسئلة التي تستدرجها لقول ما تريد حول الشريعة أو الطعن في تعاليم الإسلام. وهي ألقت باللوم على الحكم العسكري المخالف مع المتطرفين. في باريس، تردد لبنى أن على النساء انتزاع حقوقهن وعدم انتظار التفضل بها عليهن. وهي تسعى للفت الأنظار حول التشريعات التي تقمع المرأة في بلادها من دون وجه حق، في مخالفة لكل مبادئ حقوق الإنسان بل وللشريعة الإسلامية التي كرمت المرأة. وأضافت أنها توجه السؤال لكل المسلمين في العالم: «هاتوا لي أي آية تجيز جلد المرأة بسبب لباسها».

هل هربت أم هي مجرد زائرة عابرة؟ ترد لبنى ضاحكة بأنها ستعود إلى الخرطوم في غضون شهرين، لأن المسؤولين هناك بصدد التحضير للانتخابات العامة ولا وقت لديهم للتفكير فيها.