«العلاقة الإلكترونية» تقرب المسافات بين المشاهير ومعجبيهم

بعض الصفحات ينشئها المشاهير أنفسهم والبعض الآخر يتولاها المعجبون

ماجدة الرومي لا تتواصل شخصيا مع المعجبين الذين وصل عددهم على إحدى صفحاتها نحو 80 ألفا أنشأوا موقعا خاصا بها ثم صفحة على «الفيس بوك»
TT

تسرق صفحات الـ«فيس بوك» اهتمام المشاهير، كما عامة الناس، متحولة إلى مساحة إضافية يسلطون من خلالها الضوء على أنفسهم وأعمالهم وحتى على آرائهم في مواضيع وأمور عدّة. والأهم من ذلك أنها الوسيلة الأحدث والأسهل للتواصل مع معجبيهم بعدما كان من الصعب الوصول إلى هؤلاء «النجوم» بسهولة والتواصل معهم. من السياسيين إلى الفنانين والإعلاميين والممثلين... التوجّه نفسه يجمع هؤلاء مع اختلاف مجالات عملهم في طبيعة «العلاقة الإلكترونية» التي تربط المشاهير بمعجبيهم. ففي حين يعمد البعض إلى إنشاء هذه الصفحة بنفسه ويحرص على التواصل المباشر مع المعجبين، يتولّى هذه المهمّة فريق عمل يقوم بـ «الواجب الإلكتروني» وما يتطلّبه من تغذية يومية بآخر الأخبار والمستجدات على «الساحة الفيسبوكية» بحسب مجال عمل كل صاحب صفحة، وقد يكون ذلك بعلم النجم أو عدم علمه. وفي الحالتين يكون غائبا عن الساحة الإلكترونية، ولكن علمه بالأمر يجعله مطّلعا على ما يقوم به الشباب والفتيات المتطوّعون عن بعد، كما هي حالة الفنانة ماجدة الرومي التي لا تتواصل شخصيا مع المعجبين الذين وصل عددهم على إحدى صفحاتها التي تتجاوز الثلاث أو الأربع إلى نحو 80 ألفا. ويبرز نشاط مؤسسي هذه الصفحة وإعجابهم بفنانتهم جليا من خلال الأخبار المتلاحقة التي يحرصون على مواكبتها ونشرها على صفحتهم، من دون أن ينسوا ذاكرة هذه الفنانة وأعمالها منذ بداية مشوارها الفني.

ويقول مدير أعمال الرومي، عوض الرومي «نترك الحرية لهؤلاء المعجبين للتعبير عن آرائهم كما يشاؤون. أنشأوا موقعا خاصا بها ثم صفحة على الفيس بوك، ونشكر لهم محبّتهم والعمل الذي يقومون به من دون أن نتدخّل إلا في حالات استثنائية إذا اكتشفنا مبالغة في أمر معيّن». والأمر نفسه ينسحب على صفحة وزير الداخلية اللبناني زياد بارود الذي ينشط فريقه على إدراج كلّ شاردة وواردة وكل نشاط يقوم به بارود ولا سيما في ما يتعلّق بالخطوات الإصلاحية التي ينفذها، مع تعليقات المعجبين الذين يبدون محبّتهم للوزير. لكن واقع هذه الصفحات يختلف مع البعض الآخر من المشاهير، ولا فرق هنا بين الإعلامي والفنان والممثّل، جميعهم يواكبون صفحاتهم من ألفها إلى يائها، يتواصلون مع المعجبين ويخبرونهم بآخر مستجداتهم المهنية وينتظرون ردود فعلهم على كل خطوة يقومون بها. وخير مثال على ذلك ما يقوم به الكاتب البرازيلي باولو كويلهو الذي وصل عدد المنتسبين في صفحته إلى نحو 600 ألف من مختلف الدول، يدعم معجبيه بنصيحة أو مثل يومي يكون مفتاحا ليتواصل من خلاله معهم ويتبادلون الآراء حوله، وليكونوا أوّل العارفين بمستجدات هذا الكاتب وجولاته حول العالم.

من جهتهما الممثلة والفنانة اللبنانية سيرين عبد النور والممثل اللبناني عمّار شلق مثل عدد كبير من المشاهير، يحرصان على التواصل اليومي مع المعجبين. حتى إن عبد النور عمدت في إحدى المرّات، وبعد أسئلة عدّة وردتها من المنتسبين، إلى التأكيد أنّها تقوم شخصيا بالتواصل معهم وأثبتت لهم ذلك من خلال رسالة صوتية لتكون دليلا ملموسا على أنّها هي من تقوم بمتابعة صفحتها الخاصة. ولا تكتفي عبد النور بإخبارهم عن آخر أعمالها، كما هي الحال مع شلق الذي يطلب منهم إبداء آرائهم بأعماله ويضيف إليها المقابلات الصحافية التي أجريت معه ومعايدتهم في كل مناسبة، وأهمّ ما يميّز هذه العلاقة تلك الروح المرحة والمحبّة التي تربط الطرفين. تردّد الإعلامي محمد أبو عبيد من محطة «العربية» في بادئ الأمر حيال إنشاء صفحة خاصة به «نظرا إلى أن كل من هبّ ودبّ صار يملك صفحة من هذا القبيل»، على حدّ قوله، لكن إنشاءها جاء في ما بعد على يد إحدى الصديقات انطلاقا من مبدأ ضرورة التواصل مع المشاهدين. وردا على سؤال حول اعتبار هذه الصفحة وسيلة للتسويق الذاتي، يقول أبو عبيد الذي ينشط «إلكترونيا»، لـ«لشرق الأوسط» «لا أرى في التسويق الذاتي ضررا إذا لم يكن من باب الزيف. فمن له نتاج على مستوى المقالات أو الشعر أو الخواطر أو الرسم إلى ما هنالك من الفنون الإبداعية ويرغب في إيصالها إلى المهتمين فتصبح صفحة المعجبين بمثابة منبر له، والأهم أن هذه الصفحة هي بعيدة عن رقابة الناشر التي تمنعه من نشر أفكاره». ويميّز أبو عبيد بين الصفحة والمجموعة، ويعتبر «أن صفحة المعجبين أشبه ما تكون بصفحة الحساب الشخصي، فيستطيع صاحبها إغناءها بما يريد، والتفاعل عليها يتسم بنشاط أكبر، لكن الاختلاف يظهر في أن صاحب صفحة المعجبين قد لا يدعو الناس إلى الانضمام إليها لأنه سيظهر في موقع الذي يدعو الناس إلى الإعجاب به، والإعجاب إذا لم يأت من صاحبه عن اقتناع يصبح مجرد مجاملة لا أكثر». وفي ما يتعلق بدور هذه الصفحة في التقرّب من المعجبين، يشير إلى أنّه «لا يلمس الثمار إلا من ينشط على صفحة معجبيه، ومعظمهم تعرّف على جوانب أخرى من شخصيتي وتحولّت علاقتنا إلى صداقة إلكترونية متجاوزا معادلة النجم والمعجبين التي يحاول الكثيرون تجسيدها. ويتعرّف المنضم إلى مثل هذه الصفحة على الجوانب الأخرى التي لا تظهر من خلال أداء العمل، فإن كنت أكتب شعرا سيقرأ المنضمون إلى صفحتي أشعاري أو مقالاتي والتي لا يمكن أن أتلوها مثلا خلال تقديمي نشرات الأخبار أو «صباح العربية». وأهم ما أضافته إلي هذه الصداقة الإلكترونية هو الرصيد البشري بما يحمله من حب وإعجاب وتقدير. فهذا التواصل يجعلني ألمس حقيقة حب الناس ومدى تقديرهم لما أكتبه أو أطرحه حتى لو عارضوني في آرائي».

وبعد تحوّل صفحته إلى منبر يتواصل عبرها مع المعجبين، يقول «عندما ازداد العدد وتجاوز الألفين، لم أعد أبوح بحياتي الشخصية عليها، لا سيما في ظلّ وجود فئة من الناس لا تحترم الخصوصية وتفبرك منها شائعات هدفها النيل من أي نجاح يحققه المرء». وعن كيفية التعامل مع الآراء المعارضة لوجهة نظره على صفحة «فيس بوك» يشير إلى أنه «منذ أيام قليلة كتب شخصان هجومين نابيين على صفحتي الخاصة وليس صفحة المعجبين، وكتبا من الكلمات ما لا يمت إلى الأخلاق ولا أسس الحوار الحضاري بصلة، فأبقيت هجوميهما على ما هما عليه من دون حذفهما ولا حتى حذف اسم صاحبيهما من قائمة الأصدقاء لإظهار أن معتنق الفكرة لا تخيفه مثل تلك الكلمات. والطريف في الأمر أن العديد ممن هم على قائمة الأصدقاء تولوا الرد عليهما. كذلك نادرا ما اضطررت لشطب أحد من اللائحة، إذ لا أسمح بالتعرض للذات الإلهية أو الأديان، ولا أسمح بأي عنصرية مهما كان شكلها».