50 فنانا «يصطادون» الحيوانات تشكيليا في معرض جماعي بالقاهرة

ضم 255 لوحة سادتها لغة دافئة

لوحتان من المعرض («الشرق الأوسط»)
TT

مباراة في اصطياد الحيوان وقنص جمالياته تشكيليا، خاضها 50 فنانا في معرض جماعي حمل عنوان «The animal» بـ«غاليري قرطبة» بالقاهرة. في المعرض 255 لوحة تمثل عددا من المذاهب الفنية والاتجاهات التشكيلية، تتناول علاقة الحيوان بالإنسان والتعبير عنه تشكيليا من خلال خامات ورموز فنية متنوعة. فعلى سيبل المثال تجسدت جماليات التصوير في لوحات: صلاح طاهر، حلمي التوني، إيهاب شاكر، عبد الفتاح البدري، فريد مناضل، محمد الناصر، عمر عبد الظاهر. وفى مجال النحت جاءت لوحات: محمد رزق، عمار شيحا، أحمد عسقلاني، أحمد جاد، عبد الحميد حمدي. وفى مجال الخزف: محمد مندور.. وخصص المعرض نسبة من ريع مبيعات اللوحات لصالح الجمعية المصرية لمساعدة ومعونة الحيوان، والتي تشترك مع «غاليري قرطبة» في تنظيم المعرض.

وعلى الرغم من تعدد الرؤى والتفاصيل الفنية فإن شعار «الرفق بالحيوان» شكل قاسما مشتركا في معظم اللوحات.. فها هو الأسد رمز القوة، ملك الغابة، تلتقط إحدى اللوحات براءة الأبوة في عينيه وهو يحمل حَمَلا في رقة متناهية. كذلك براءة عيون الجمل وكبرياؤه، وهي تترقرق في عيون صاحبه، وكأن بينهما لغة حميمية وإشارات خاصة. وأخرى تصور شابا ريفيا يجر حماره في مرح طفولي إلى النهر. هذه الروح تسود غالبية اللوحات، وتصل أحيانا إلى حالة من العشق، فالفنان لا يبحث عن مجرد موضوع أو تيمة فنية محددة، وإنما يفجر من خلال نماذج الحيوان قضايا إنسانية شائكة، ويقيم جسرا فنيا بين عالمين، أو كائنين، يتضايف وجود أحدهما على الآخر، هما الإنسان والحيوان.

وحول فكرة المعرض يقول الفنان أحمد سامي مدير «غاليري قرطبة»: «الأصل في هذه الفكرة أنها دعوة مفتوحة لنشر الحب والسلام والرفق بجميع الكائنات، خصوصا أن الحيوان مذكور في القرآن الكريم، وسميت بعض السور بأسماء بعض الحيوانات التي ذكرت فيها، وهي: البقرة والنمل والعنكبوت والنحل والفيل والأنعام، وفسر العلماء هذا بالحض على التأمل والتدبر في آيات الخلق، أو لتشريف هذه الحيوانات من قبل المولى سبحانه وتعالى».

يضيف سامي: «كما أن للحيوان دورا مقدسا في حياة المصري منذ قرون بعيدة. الصقر رمز حورس في الحضارة الفرعونية، وأيضا البقرة كانت رمزا للحنان والعطف، وكذلك النسر والثعالب والثيران والقطط والغزال والتمساح، كلها كانت رموزا لمنعطفات وحياة إنسانية». ولا نغفل في هذا السياق العلاقة القديمة جدا بين الفلاح المصري والحيوان، فكما يؤكد أحمد سامي، فإن الفلاح المصري يهتم بحيواناته كاهتمامه بأبنائه لأنها ليست مجرد مصدر غذاء فقط، لكنها كائن حي يعتمد عليه في تدبير عمله، وترتبط بحياته ووجوده.

وفى المعرض يعود الفنانون إلى براح الطبيعة المحيطة، ملتقطين لوحاتهم من الريف المصري، وأجواء الحارة والبيوت الطينية الشعبية، فتتحول إلى «بورتريهات» و«اسكتشات» زيتية ذات ألوان حية تكاد تسمع من مسامها صهيل الخيل، وحداء الإبل، وزئير الأسد.

وكذلك الحيوانات المجسمة، حيث استخدم الفنانون خامات من الطبيعة مثل الخوص (في نموذج الجمل). والطين في الخزف، والحجر في النحت.. لكن يبقى الإيجابي في هذه التجربة هو وجود الحيوان في الأعمال المختلفة سواء كان نحتا أو تصويرا أو زيتا.. فهو لوحة يعشقها الفنان، يتأملها، ويرنو دائما إليها بمحبة خاصة.