مهرجان السينما في مراكش يمنح المكفوفين فرصة متابعة الأفلام بتقنية «الوصف السمعي»

«البحث عن زوج امرأتي» أول فيلم مغربي يشاهده ضعاف البصر

TT

للمرة الثانية على التوالي، يخوض المهرجان الدولي للفيلم بمراكش تجربة مثيرة وغير مسبوقة في المهرجانات السينمائية الدولية، والعالم، من خلال برمجة فقرة تمكن فئة المكفوفين وضعاف البصر، من التعامل مع عالم الإعلام متعدد الوسائط ومتابعة أفلام سينمائية بتقنية «الوصف السمعي». وجاء في بيان أصدرته إدارة المهرجان أن الدورة التاسعة، التي تنظم في الفترة ما بين 4 و12 من الشهر المقبل، ستقترح برنامجا لفائدة المكفوفين وضعاف البصر، من خلال عرض أشرطة استعملت فيها تقنية «الوصف السمعي» مع برمجة عمليات جراحية لإزالة الرمد الحبيبي، فضلا عن تنظيم مائدة مستديرة وإقامة معرض للصور الفوتوغرافية.

وأشار البيان إلى أنه ستتم برمجة خمسة أفلام لسينمائيين عالميين، ضمن فعاليات المهرجان، من بينها الفيلم المغربي «البحث عن زوج امرأتي» لمخرجه عبد الرحمان التازي، الذي سيكون أول شريط مغربي يقدم بتقنية «الوصف السمعي».

كما سيتم إجراء عمليات جراحية بالمجان لفائدة 250 مصابا بالرمد الحبيبي، قادمين من كافة أنحاء منطقة مراكش، وذلك بمبادرة من الأمير مولاي رشيد، شقيق العاهل المغربي الملك محمد السادس، وبشراكة مع مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، ومؤسسة الحسن الثاني لطب وجراحة العيون، ووزارة الصحة.

كما ستنظم مائدة مستديرة، يديرها الملحن المصري الكفيف عمار الشريعي، إضافة إلى إقامة معرض للصور الملتقطة من قبل مكفوفين وضعاف بصر، يقام تحت عنوان «اللمس بالعيون والرؤية باليدين»، بشارع السينما بالمهرجان.

وتعتمد تقنية «الوصف السمعي» التي تم الاعتماد عليها لأول مرة، خلال دورة السنة الماضية من المهرجان، على صوت مصاحب لأحداث الفيلم، يتولى وصف مشاهده، التي تتعذر متابعتها من خلال الصورة. وانطلق المشروع، بعد أن اقترح أحد المكفوفين الفكرة على مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، قبل أن تتبلور على شكل فقرة ضمن فقرات الدورة الثامنة للمهرجان، حيث شكل الإعلان عنها إضافة متميزة ومفاجئة لجمهور هذه التظاهرة وللمتابعين لدوراتها.

وتحققت الفكرة، على أرض «المشاهدة» بعد مفاوضات مع القناة الفرنسية الألمانية «آرتي»، التي تتوفر على أفلام تستخدم هذه التقنية.

وعرفت دورة السنة الماضية عرض فيلم «غوريلات الضباب» لمايكل آبتد، وهو فيلم من بين ثمانية، تم اختيارها وتكييفها تقنيا من طرف القناة الفرنسية الألمانية «آرتي»، ويتعلق الأمر بأفلام «غريب في قطار الشمال» و«القبض على اللص» و«الطيور» لألفريد هيتشكوك، و«الدكتور جيفاكو» لدافيد لين، و«غاندي» لريشار أتينبوروغ، و«غرفة تطل على منظر» لجيمس أيفوري، و«لوليتا» لستانلي كوبريك.

وعرفت الدورة الماضية استضافة إدارة المهرجان 113 كفيفا، كما عرفت مشاركة الفاعلين في ميدان السمعي البصري، الذين تابعوا العرض الأول، وانبهروا بالفكرة، وأبدوا حماسهم واستعدادهم لتلبية طموحات المكفوفين وضعاف البصر في أعمالهم المقبلة، إذا توفر الدعم الكافي، لذلك.

ويشدد المنظمون على أن الهدف من برمجة فقرة خاصة بالمكفوفين هو التأكيد على أن الإعاقة البصرية لم تكن، في يوم من الأيام، عقبة في وجه الاندماج الكامل في الحياة المجتمعية والثقافية والاقتصادية، وأنه بفضل تقنية «الوصف السمعي»، التي تتوخى النهوض بسينما المكفوفين وضعاف البصر، ستتمكن هذه الشريحة من التمتع بحقها في الثقافة والترفيه والحلم والمعرفة الذي توفره السينما، هذا الفن الذي بدا، بالنسبة للكثيرين، كما لو أنه باب موصد، إلى ما لا نهاية، أمام المكفوفين والمعاقين بصريا.

وقال رشيد الصباحي الإذاعي المغربي، وهو كفيف، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الإعاقة ليست في أن يكون لنا نظر ضعيف أو حتى ألا يكون لنا بصر، بل الإعاقة هي أن نمنع النظر عندما تكون هناك ظروف مساعدة على المشاهدة».