قطر تجعل من الموسيقى السيمفونية سفيرة لها عبر العالم

مع 30 عازفا قليل منهم من العرب ولا تضم أي قطري

المؤلف اللبناني مارسيل خليفة المشرف على الفرقة (رويترز)
TT

تسعى أوركسترا قطر الفلهارمونية تحت إشراف المؤلف اللبناني مارسيل خليفة لتكون سفيرة للدولة، وإن كانت لا تضم أي عازف قطري، إلا أنها ما زالت تصقل هويتها وأسس استمراريتها.

وعازفو الأوركسترا الذين ينتمون إلى أكثر من ثلاثين جنسية أبدوا حيوية لافتة في تمرينهم الأخير استعدادا لحفل ضخم استضافته قبل أسبوع «مؤسسة قطر» بحضور السيدة الفرنسية الأولى كارلا ساركوزي وسيدة قطر الأولى الشيخة موزة بنت ناصر المسند، عرابة الأوركسترا.

فمعدل الأعمار المنخفض والرواتب المرتفعة وعملية اختيار العازفين بدقة بالغة فضلا عن ريبيرتوار موسيقي غير تقليدي في معظم الأحيان، كلها عوامل تنعكس على ديناميكية أداء شبان وشابات الأوركسترا المتحدرين من ثقافات وإثنيات مختلفة.

وقال المؤلف اللبناني مارسيل خليفة المدير الموسيقي للفرقة الذي أدى معها على العود في الحفل الذي استضافته مؤسسة قطر عمله «متتالية أندلسية»، «إن الأوركسترا حملت قطر والعالم العربي إلى محافل عالمية مهمة» مشيرا بشكل خاص إلى قاعة كارنيغي النيويوركية ومسرح سكالا في ميلانو.

وذكر في حديث مع وكالة الصحافة الفرنسية، أن الأوركسترا قدمت منذ إطلاقها قبل 13 شهرا عمله «الكونشرتو العربي» الذي «يشمل مقاربة هارمونية جديدة تدخل «ربع الصوت» العربي بشكل كامل في التوزيع الهارموني السيمفوني»، الأمر الذي كان يشكل بالنسبة لكثيرين زواجا مستحيلا.

إلا أن خليفة الذي عمل شخصيا على تشكيل الأوركسترا لا يخفي التحديات التي تواجهها، علما بأنها أول أوركسترا سيمفونية محترفة في منطقة الخليج.

وقال إن «الاستمرارية هي التحدي الأكبر» إذ إن الأوركسترا التي تحظى بالموارد اللازمة وتتفوق بعازفيها على أوركسترات أخرى في المنطقة العربية، ما زال يتحتم عليها أن تشكل شخصيتها وتجد «دعوتها»، خصوصا أنها لا تحظى حتى الآن بقائد دائم.

وقال خليفة في هذا السياق إنه من المفترض أن يكون للأوركسترا قائد دائم بدلا من استقبالها قادة أوركسترا لفترات قصيرة.

وذكر أن اسم قائد الأوركسترا المصري الشاب نادر عباسي مطروح بقوة لتولي هذا المنصب.

وإذا كانت لكل أوركسترا في العالم فلسفتها، فإن فلسفة أوركسترا قطر بحسب خليفة هي «أن تعزف موسيقى من العالم (وورلد ميوزيك) مع الابتعاد قليلا عن الموسيقى الكلاسيكية الأوروبية والتوجه أكثر نحو موسيقى الشعوب من العالم العربي أو أميركا اللاتينية وغيرها».

وأوضح أن ما تريده الأوركسترا هو أن تقدم «موسيقى أكثر إنسانية» و«أن تؤسس لصوت موسيقي جديد للمنطقة»، ولو أن الموسيقى الكلاسيكية لا تزال تستحوذ على القسم الأكبر من نشاطها. إلا أن الأوركسترا التي يراد منها أن تكون سفيرة لقطر وللعالم العربي، ليس فيها إلا القليل من العرب، ولا تضم أي قطري.

وقال عازف الكمان اللبناني جورج يمين العضو في الأوركسترا «إن التقليد الأوركسترالي أسس على مدى مئات السنين في أوروبا ولا يمكننا أن نزرعه بهذه السرعة» في بلد خليجي محافظ يبلغ عدد مواطنيه نحو مائتي ألف نسمة، فيما يبلغ عدد السكان ككل 6.1 مليون نسمة. إلا أن يمين اعتبر أن الاوركسترا ستبني شيئا فشيئا الجسور مع الجمهور القطري الذي بدأ في مرحلة أولى يتردد إلى العروض التي تقدمها كل ليلة سبت.

أما زميله الإيراني كرمان محمد الذي تابع دروسه في أذربيجان، فقال «إنه من الرائع أن نشارك في إطلاق شيء من أساسه» وقال إن «هذه المغامرة جميلة» و«مرضية» للعازفين الذين يحصلون على «مردود مادي محترم يجعل العازف لا يفكر بالبحث عن أوركسترا أخرى» فضلا «عن مستوى عزف مرتفع».

وأشار عدة عازفين إلى أن رواتبهم تبدأ بخمسة آلاف دولار شهريا، وصولا إلى أضعاف هذا الرقم، إضافة إلى الإقامة والتأمين وتقديمات حياتية مجانية أخرى مع عدم دفع أي ضرائب.

ومن جهة أخرى شدد العازف اللبناني جورج يمين على أن جميع أعضاء الأوركسترا «اختيروا بعناية فائقة» وقد تولت ذلك لجنة توظيف محترفة جابت العالم في سلسلة من الرحلات لتأتي بأفضل المواهب الشابة.

ففي هذه الأوركسترا يجتمع العرب مع الإيرانيين والألمان والأوروبيين الشرقيين وجنسيات أخرى كثيرة، وبمعدل أعمار لا يتجاوز ثلاثين عاما، الأمر الذي يعد نادرا مقارنة بالفرق السيمفونية المحترفة الكبرى في العالم.

ويقول عازف الكمان الإيراني إن «الكل يعيش حياة جيدة هنا»، مؤكدا أن مؤسسة قطر التي ترعى الأوركسترا تؤمن إقامة جميع العازفين في مبنى فخم في قلب العاصمة القطرية الدوحة. ويشير أيضا إلى أن الأوركسترا أتاحت له تجارب موسيقية غنية، كعزف موسيقى مارسيل خليفة التي تمزج ربع الصوت الشرقي مع التوزيع الهارموني الغربي، إضافة إلى إدخال إيقاعات خليجية في العمل الأوركسترالي خلال أحد العروض.

أما يمين فيقول إن «الأوركسترا حقل اختبار» و«نجاحها سيكون خبرا سارا للموسيقى في العالم».