فريق طبي سعودي يجري 26 عملية قلب مجانية لأطفال مغاربة في مراكش

كوادر مغربية إلى السعودية للتدريب.. واستمرار برنامج استضافة فرق طبية سعودية

صورة لإحدى العمليات الجراحية التطوعية، التي أجراها الفريق الطبي السعودي بمستشفى ابن طفيل بمراكش (تصوير: طارق نجماوي)
TT

أنهى فريق طبي سعودي، متخصص في أمراض وجراحة القلب لدى الأطفال، حملة تطوعية مجانية، تدخل في إطار حملة هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، وذلك في مستشفى ابن طفيل في مراكش، استفاد منها 26 طفلا يعانون من أمراض قلب خلقية. وبلغ عمر أصغر الأطفال، الذين خضعوا للعمليات الجراحية على القلب، شهرين، ويتعلق الأمر بالرضيعة «خديجة».

وبلغ عدد الأطفال، الذين يقل عمرهم عن سنة واحدة، إضافة إلى خديجة، ذات الشهرين، سبعة، هم محمد (3 أشهر) وآدم (9 أشهر) وسهام (10 أشهر) ومحمد وإلياس وإدريس (سنة واحدة).

وزارت «الشرق الأوسط» مستشفى ابن طفيل في مراكش، حيث التقت البروفسور مولاي عبد الحميد الإدريسي الدفالي، مدير المستشفى، التابع للمركز الاستشفائي محمد السادس، والفريق الطبي السعودي، المكون من 18 فردا، والمتخصص في طب وجراحة وتخدير قلب الأطفال، بالإضافة إلى الممرضين والفنيين، كما زارت المرضى، وتتبعت جانبا من إحدى العمليات، التي تزامن إجراؤها مع وقت الزيارة.

وقال البروفسور الدفالي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحملة الطبية تأتي في إطار انفتاح المركز الاستشفائي على العالم الخارجي، وعلى المراكز الاستشفائية العالمية، والتي يتم القيام خلالها بحملات في مختلف التخصصات الطبية».

وأبرز البروفسور الدفالي أن «العلاقات مع المملكة العربية السعودية تأتي في طليعة هذا التعاون، وخاصة في تخصص أمراض وجراحة القلب».

وأكد البروفسور الدفالي أن «الغاية من هذا الانفتاح هي الاستفادة، بالدرجة الأولى، من خبرة المراكز الاستشفائية المتطورة في الميدان، ما دامت تتنقل إلى المغرب بقدراتها وكفاءاتها، بشكل يمكن الطاقم الطبي المغربي، بجميع مكوناته، الطبية والتمريضية والتقنية، من الاحتكاك والاستفادة من خبرة الوفود الطبية الزائرة، مع الإشارة إلى استفادة المرضى من مثل هذه العمليات، ما دام الأمر يتعلق بعمليات جد معقدة، تتم بمصاحبة الفريق المغربي».

وشدد البروفسور الدفالي على أن «العلاقة مع السعودية هي علاقة خاصة»، مشيرا إلى مجموعة من الفرق الطبية الكثيرة التي زارت المغرب في أوقات مختلفة، وقامت بعمليات كثيرة ناجحة. واليوم، يضيف البروفسور الدفالي: «نحن على موعد مع حملة طبية جد مهمة، يقوم بها فريق يتكون من استشاريين وممرضين وتقنيين، قاموا، خلال عشرة أيام، بمجموعة من العمليات المعقدة، وقد كانت النتائج جد ممتازة ومهمة جدا، للمرضى وللطاقم الطبي المغربي».

وبعد أن عبر عن تنويه حار بأفراد الفريق الطبي السعودي، أكد البروفسور الدفالي أن «هناك رغبة في إرسال كوادر مغربية إلى السعودية للتدريب، لكن، الأهم والأكثر إفادة أن نستضيف فرقا طبية سعودية، هنا، في المغرب، لأن الاستفادة تكون شاملة وتعم جميع الكوادر الطبية المغربية، العاملة في المراكز الاستشفائية المغربية، ولذلك فنحن نطمح دائما إلى تكرار مثل هذه الحملات الطبية». وأشار البروفسور الدفالي إلى أن الطاقم الطبي السعودي حمل معه مختلف التجهيزات والآليات الضرورية.

وبخصوص المستفيدين من الحملة التطوعية، قال إنها شملت أطفالا من مختلف مناطق المغرب، وأن عملية الانتقاء الأولية قام بها الفريق الطبي المحلي، قبل أن يتدارس الفريق الطبي السعودي مختلف الحالات المقترحة، ليتم، في الأخير، اختيار الحالات المعقدة، منها.

من جهته، قال الدكتور عبد الرحمن بن عيسى الرضيان، استشاري أمراض القلب لدى الأطفال ونائب رئيس قسم قلب الأطفال بمركز الأمير سلطان بن عبد العزيز لمعالجة أمراض وجراحة القلب، إن فكرة القيام بحملات طبية في المغرب، لفائدة الأطفال الذين يعانون من أمراض القلب الخلقية، بدأت منذ فترة طويلة، وأنها جاءت بناء على تعارف وتواصل وتنسيق مسبق مع الدكتور الإدريسي بومزبرة، الذي يعمل بمستشفى ابن طفيل بمراكش، والذي سبق أن تلقى تدريبا في السعودية، دام ثلاث سنوات، والدكتور عبد الناصر دريغيل، الذي يعمل بمستشفى ابن رشد في الدار البيضاء والذي سبق له أن قام بتدريب في السعودية، دام سنة كاملة، لفائدة أطفال مغاربة يعانون من أمراض قلب ولادية، تتطلب إجراء عمليات جراحية معقدة، وتحتاج إلى متخصصين في هذا المجال.

وأبرز الدكتور الرضيان أنه تم التركيز، في إجراء هذه العمليات، على الأطفال المنحدرين من عائلات معوزة، ولا قدرة لها على تحمل تكاليف العمليات والسفر إلى الخارج، مشيرا إلى أن عمليات القلب المعقدة تتطلب مجموعة متكاملة من الأطباء والجراحين والممرضين والفنيين، تكون بمثابة حلقة متكاملة، تقوم على التعاون والتجانس والتنسيق التام.

وقال الدكتور الرضيان إن مشاعره تفوق الوصف، خاصة حين يخرج المريض من قاعة العمليات، ويرى نظرات الفرح والرضا في أعين العائلات، قبل أن يضيف: «ارتأينا أن نساعد إخواننا. هذا ليس منة، بل واجبا، وهذا أول الغيث، ونحن نتطلع إلى تعاون وتواصل بيننا».

وبخصوص استفادة أربعة مرضى، تتراوح سنهم بين 19 و32 سنة، من الحملة الطبية، قال الدكتور الرضيان: «العمليات التي قمنا بها تتعلق بمرضى يعانون من مشاكل قلب خلقية. وهناك أشخاص تم تشخيص مرضهم أخيرا، وهي أمراض ولدت وكبرت معهم، وتصنف، بالتالي، ضمن خانة أمراض ومشاكل القلب الولادية».

وبخصوص نوعية العمليات التي أجريت، قال الدكتور الرضيان: «إنها أمراض قلب ولادية متنوعة، ونحن ركزنا على الأمراض المعقدة، التي لا يمكن إجراؤها إلا بوجود مجموعة متكاملة، ومن هذه الأمراض هناك أمراض رباعيات فالوت، وانقلاب الشرايين الكبرى، وبعض الفتحات بين الأذينات والبطينات، وغيرها».

من جهته، استعرض الدكتور عبد الرؤوف عبد الهادي الصعيدي، استشاري جراحة قلب الأطفال، ورئيس وحدة العمليات في مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز لمعالجة أمراض وجراحة القلب، كل العمليات التي سبق القيام بها، في دول شقيقة وصديقة، مثل اليمن وسورية.

وبعد أن أشار إلى نسبة النجاح الممتازة جدا، التي تحققت، خلال الحملة الطبية، التي تمت على مستوى مستشفى ابن طفيل، تحدث الدكتور عبد الرؤوف عن التفاهم الذي تم بين الطرفين، السعودي والمغربي، للتعاون على أشياء معينة، تهم بالأساس مجال التدريب، وخاصة تدريب الجراحين الناشئين، وكذا تدريب الممرضين، وخاصة في قسم العناية المركزة.

وتوقف الدكتور عبد الرؤوف عند حالة طفلة مغربية في ربيعها الـ 14، كانت مهددة بالموت في أية لحظة «جاءت إلى مستعجلات مستشفى ابن طفيل. وكان الفريق الطبي قد أنهى كل العمليات المقرر إجراؤها خلال الحملة. وسبق للطفلة أن خضعت لعملية قسطرة للقلب، تم خلالها إقفال فتحة بين الأذينات بواسطة رقعة صناعية. وتلا ذلك خروج هذه الرقعة من الفتحة وذهبت إلى البطين الأيسر، وكان يمكن أن تغلق مخرجه، في أي وقت، فتفقد المريضة حياتها. ولذلك،كان لا بد من إجراء عملية عاجلة، رغم أن الفريق كان قد أوقف العمليات، ليتم التدخل الجراحي في زمن قياسي، حيث تم تشخيص المشكلة والتعجيل بإجراء العملية، في وقت يقل عن ساعتين».

وتحدث خالد كمال الحروب، رئيس تمريض جراحة القلب بمستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة، عن الدور الحيوي، الذي يقوم به الممرض خلال مختلف مراحل عمليات القلب، متوقفا عند أهمية التواصل وتبادل الخبرات مع الممرضين المغاربة.

وبخصوص العمليات التي تم القيام بها، خلال هذه الحملة الطبية، قال الحروب: «إن 70 في المائة من العمليات كانت معقدة، وبالتالي كانت هناك حاجة إلى ممرضين متخصصين، ولديهم المعرفة اللازمة للعناية بهؤلاء المرضى، بعد العملية الجراحية، وأثناء وجودهم في العناية المركزة».

تبقى الإشارة إلى أنه، في الوقت الذي كان فيه هذا الفريق الطبي السعودي، يجري عمليات على قلوب أطفال المغرب في مستشفى ابن طفيل بمراكش، كان فريق طبي سعودي آخر، يقوده الدكتور جميل العطا، استشاري أمراض القلب، بصدد إجراء 20 عملية قسطرة للقلب، معظمها عمليات قسطرة علاجية، وذلك في مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء.