الأمير خالد الفيصل يطلق «التقرير العربي الثاني للتنمية الثقافية» من الكويت

800 دولار تكلفة الطالب الجامعي العربي مقابل 8 آلاف في إسرائيل

طلاب في جامعة بيروت العربية (ا.ف.ب)
TT

يطلق الأمير خالد الفيصل رئيس «مؤسسة الفكر العربي»، التقرير العربي الثاني للتنمية الثقافية من دولة الكويت في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وذلك عشية انعقاد المؤتمر السنوي العام للمؤسسة (فكر8) الذي تستضيفه دولة الكويت برعاية أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح. ويشارك في احتفالية إطلاق التقرير، وزراء الإعلام والتعليم الكويتيون، ورئيس المجلس الوطني للثقافة، ومفكرون ومثقفون وأكاديميون عرب، ورموز ثقافية كويتية، وحشد من الإعلاميين وشخصيات عربية بارزة.

الأمير خالد الفيصل قدّم للتقرير بكلمة أكد فيها «على الصلة الوثيقة بين الثقافة والتنمية الإنسانية بمفهومها الشامل»، معتبرا «أن حلم التقدم الذي يراود كل إنسان عربي هو حق مشروع لأمّة شاركت بفاعلية في صنع الحضارة الإنسانية، كما أن تحقيق هذا الحلم يجب أن ينطلق من مشروع هدفه التنوير ومضمونه الثقافة والمعرفة ومنهجه العلم ووسيلته قراءة موضوعية معمّقة لواقع الحاضر، من أجل البناء عليها في استشراف المستقبل».

وصرّح الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي منسق التقرير الدكتور سليمان عبد المنعم، أن هذا التقرير «هو خلاصة عمل مؤسسي لفريق عمل كامل على مدى أكثر من عام». وقد ضمّ فريق التقرير هيئة استشارية تضم العديد من رموز الفكر والعلم والثقافة في العالم العربي هم: الدكتور صالح بن عبد الرحمن العذل رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية سابقا، ومحمد سلماوي أمين عام اتحاد الكتّاب العرب، والكاتب اللبناني إلياس سحّاب، والمثقف السعودي زياد عبد الله الدريس سفير المملكة العربية السعودية لدى منظمة اليونسكو، والدكتور محمد الرميحي رئيس تحرير صحيفة «أوان» الكويتية، وعبد الله النجار رئيس المؤسّسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، والمسرحي العراقي جواد الأسدي، والكاتب والناقد السوري علي عقلة عرسان.

أما الهيئة البحثية للتقرير، فقد ضمّت العديد من الخبراء والباحثين العرب، وهم: جمال غطاس، وعبد الإله بلقزيز، ومحمود خليل، وعبده وازن، وإبراهيم العريس، وماري إلياس، ونبيل علي، والدكتور عدنان الأمين.

وأشار الأمين العام سليمان عبد المنعم إلى أن التقرير يطرح عددا من التساؤلات الهامة، ففي مجال المعلوماتية تتعدّد الأسئلة: ما هي أوضاع عالمنا العربي طبقا لمؤشرات مجتمع المعلومات في ظل الاستراتيجيات الحكومية الحالية؟ وكيف تبدو هذه الأوضاع طبقا لمؤشرات البيئة الإبداعية لا سيما في مجالات البحث العلمي والتعليم وصادرات التكنولوجيا؟ وقد تضمن التقرير في ملف المعلوماتية من المعلومات والأرقام، ما يثير التفاؤل أحيانا، ويستثير القلق أحيانا أخرى. فدول مجلس التعاون الخليجي مع تونس قطعت ـ وفقا لما تثبته الأرقام الدولية ـ شوطا بعيدا على طريق تكريس مجتمع المعلومات، فقد احتلت هذه الدول أحد المراكز العشرة الأولى عالميا في أحد عشر مؤشرا من مؤشرات تقنية المعلومات. لكن، وفي المقابل، فإن موقعا عربيا واحدا فقط دخل قائمة المواقع الألف الأولى الأكثر ارتيادا على شبكة الإنترنت، وللمفارقة فقد كان هذا الموقع موقعا للسينما! وبخلاف مواقع السينما والموسيقى، فلا يوجد موقع عربي ضمن قائمة العشرة آلاف موقع الأكثر زيارة على شبكة الإنترنت! وعلى صعيد التعليم، كان السؤال الأبرز حول أزمة الاستقلالية الإدارية والمالية في الجامعات العربية، وهل أفضت معدلات الإنفاق على التعليم العالي في البلدان العربية إلى تحقيق الجودة التعليمية المنشودة؟ فالإنفاق الحكومي السنوي على الطالب الجامعي لا يتجاوز 800 دولار في كل من مصر والأردن وسورية والمغرب، ويصل إلى نحو 1.800 دولار في لبنان وتونس، ويبلغ 8.000 دولار في السعودية، لكنه يصل في إسرائيل وفرنسا إلى أكثر من 10.000 دولار، وفي الولايات المتحدة الأميركية يبلغ 22.000 دولار.

على أن أهم ما يثيره ملف التعليم في هذا التقرير هو موضوع «الوقفيات» الجامعية التي أسهمت في الدول الغربية، وفي دولة مثل تركيا في تحقيق أعلى مستويات الجودة التعليمية. أما على صعيد الملف الإعلامي، فثمة تساؤلات مهمة لعلّ أولها ما يتعلق بمضمون الخطاب الثقافي في إعلامنا المكتوب والمرئي. وما هي القيم التي يدعو لها هذا الخطاب الثقافي العربي؟ وكيف واجه هذا الخطاب بعض الإشكاليات العربية المزمنة مثل قضية العلاقة بالآخر السياسي والديني، وعلاقة المثقف بالسلطة والمال، وقضية التراث والمعاصرة، والمساواة بين الرجل والمرأة، وعلاقة اللغة بالثقافة؟ ثم هل هناك خطاب ثقافي عربي واحد أم هناك «خطابات» ثقافية عربية؟

وعلى صعيد الملف الإبداعي، كان التساؤل في فضاء الإبداع الأدبي حول ملامح وهموم الرواية العربية عموما خلال العام 2008. وما هي أهم الروايات العربية. وجاء ملف الإبداع السينمائي والدرامي بدوره حافلا بالتساؤلات حول المهرجانات السينمائية العربية لا سيما مفارقة التمويل السخي لبعض المهرجانات السينمائية من دون اهتمام مقابل بتمويل حركة إنتاجية أو دعم المبدعين في بعض البلدان. وكان ملف الحصاد الفكري السنوي، آخر ملفات هذا التقرير، كاشفا عن تساؤلات عميقة حول انشغالات العقل العربي خلال العام 2008 سواء من حيث موضوعات القضايا المثارة أو أولوياتها.

وأوضح الأمين العام سليمان عبد المنعم، أن السمة البارزة لمنهجية التقرير الأول كانت الأخذ بمنهج الرصد والتشخيص في دراسة الجوانب المختلفة للتنمية الثقافية، لكن تقرير هذا العام ما زال يستند إلى المنهجية ذاتها بأكثر من انشغاله بمحاولة التنظير للواقع الثقافي العربي و«أدلجته» واستشراف آفاقه. وهو ما جاء عليه تقرير هذا العام في بعض الملفات التي اقتضت طبيعتها ذلك. ففي ملف المعلوماتية ثمة استشراف للدور المحتمل للمعلوماتية في دعم التنمية الثقافية، وطرح رؤية مستقبلية لتنمية الثقافة العربية من منظور معلوماتي.

أما ملف التعليم فقد اشتمل على عرض بعض النماذج العالمية الناجحة في الوقفيات الجامعية، مثل دراسة حالة لجامعة هارفارد الأميركية وجامعة سيدني الأسترالية، بالإضافة إلى دراسة حالة عن الجامعات الأهلية في تركيا. وبهذا ينتقل التقرير من منهجية «المسح الأفقي» التي اتسم بها العام الماضي إلى منهجية «التعميق الرأسي» لبعض القضايا والظواهر هذا العام.

ويتضمن التقرير خمسة ملفات تعكس المقومات الخمسة الأساسية للتنمية الثقافية، وهي: المعلوماتية كرافعة للتنمية الثقافية، التمويل واستقلالية الإدارة في التعليم العالي، الخطاب الثقافي في وسائل الإعلام، الإبداع، الحصاد الفكري السنوي.